التصلب المتعدد مرض مناعي ذاتي دائم يؤثر في الدماغ والحبل الشوكي مؤديًا إلى طيف واسع من الأعراض التي تتفاوت من شخص إلى آخر بحسب شدة المرض، أبرزها الضعف العام واضطرابات الرؤية والتوازن والحركة. وفيما تتيح العديد من الأدوية علاج المرض وتدبيره، يبقى من غير الممكن لأي منها شفاؤه كاملاً.
وفي حين انضم كل من جون ديديون وجاك أوسبورن وسلمى بلير – التي شخصت في شهر آب (أغسطس) الأخير - إلى قائمة المصابين بالتصلب المتعدد في صفوف المشاهير، تقدر هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة إصابة 100 ألف من البريطانيين به.
يقدم إليكم مقالنا هذا ملخصًا عن كل ما تحتاجون لمعرفته عن التصلب المتعدد.
ما هو التصلب المتعدد؟
يؤثر مرض التصلب المتعدد في كفاءة الجهاز العصبي المركزي معرقلًا إرسال الإشارات العصبية من الدماغ إلى سائر أنحاء الجسم لأداء الأنشطة البسيطة من مثل الحركة وتناول الطعام والرؤية. ففي الحالة الطبيعية، تحمي مادة تدعى النخاعين الألياف العصبية في الجهاز العصبي المركزي وتقيها من الإصابة بالإنتانات، أما في التصلب المتعدد، فيفشل الجسم في التعرف على هذه المادة ويعتبرها خطأ مادة ضارة فيهاجمها تاركًا آفات منتشرة في أنحاء الجهاز العصبي المركزي تعرقل إرسال الإشارات إلى سائر أنحاء الجسم مسببة أذيات يمكن لها أن تقود إلى إعاقات خطيرة على مر الوقت بحسب جمعية التصلب المتعدد. يعرف هذا النوع من الأمراض – التي يفشل فيها الجهاز المناعي بالتعرف على جزء أساسي من جسم الإنسان ويعتبره خطأ مادة غريبة فيهاجمها – بأمراض المناعة الذاتية.
ما سببه؟
ما من دليل واضح على سبب الإصابة بالتصلب المتعدد ولو كانت هيئة الخدمات الصحية الوطنية تتهم كلًا من التدخين والإنتانات الفيروسية ونقص التعرض لأشعة الشمس والبنية المورثية (كما في حال أقرباء المصابين بالتصلب المتعدد) بزيادة فرص الإصابة به، علمًا أنه يغلب لدى النساء بالمقارنة مع الرجال من دون سبب واضح لذلك أيضًا.
ما أعراضه؟
يتظاهر التصلب المتعدد بطرق عدة اعتمادًا على الجزء المصاب من الجهاز العصبي المركزي بحيث يصعب توقع أعراضه إلى حد بعيد، هي التي تتفاوت في أمدها بحيث يظهر بعضها لفترة مؤقتة في حين يتفاقم بعضها الآخر مع مرور الزمن، ولكنها تتضمن في العموم كلًا من التعب واضطرابات الرؤية والحركة والخدر والألم والاكتئاب والمشاكل المعوية وصعوبات الكلام والتعلم والتشنجات العضلية، فضلًا عن تأثيره السلبي على العمر المتوقع للأشخاص المصابين به.
كيف يُشخّص؟
يمكن لأعراض التصلب المتعدد أن تتشابه وأعراض العديد من الأمراض الأخرى بحيث يصعب تشخيصه، علمًا أنه ما من اختبار وحيد يمكن له تأكيد المرض، ما يدفع الأطباء في الغالب لانتظار حدوث "هجمتين" من الأعراض الموحية به - كالسقوط من دون سبب أو فقدان الرؤية المفاجئ – قبل التوجه للتشخيص، ليعمدوا بعد ذلك إلى إجراء فحص عصبي تحريًا عن الأذيات العصبية وبحثًا عن شذوذات في التنسيق والمنعكسات من بين غيرها من الأمور الأخرى. كما يمكن من ناحية أخرى إجراء التصوير بالرنين المغناطيسي بحثًا عن الآفات في الدماغ والنخاع الشوكي وحولهما.
كيف يعالج؟
يختلف علاج التصلب المتعدد باختلاف الأعراض التي يظهر بها، فبينما تعالج مشاكل الرؤية بالستيروئيدات الفموية، يستوجب غيرها من العلاج الطبيعي المنتظم كما في التشنجات العضلية أو الإحالة إلى العلاج النفسي السريري كما في مشاكل التفكير والتعلم والذاكرة.
قد يلزم بعض الوقت للتكيف مع التصلب المتعدد، إلا أنه يمكن بحسب هيئة الخدمات الصحية الوطنية للعديد من المصابين به إذا ما لقوا الرعاية والدعم الصحيحين أن يتابعوا ويعيشوا حياة طويلة وصحية.
[email protected]