تعددت الإعدامات وتنوعت بشاعتها والبطل واحد، إنه ذلك الشاب البدين كيم جونج أون الذى يجلس على عرش بلد آسيوى يمتلك ترسانة نووية تهدد العالم أجمع، والذى امتدت ـ بحسب وسائل إعلام عالمية ـ قائمة ضحاياها لتشمل أقرب المساعدين وأفراد العائلة، فبينهم من لقى مصرعه بعد الإلقاء من مبنى مرتفع، ومن ضمنهم من كان الإعدام رمياً بصاروخ نصيباً له.
وطالما اقترن اسم "كيم جونج" بالإعدامات والمواقف غريبة الأطوار والقرارات العنيفه حيال مسئوليه وأفراد شعبه، وهو ما ساهم بطبيعة الحال فى خلق هالة من الغموض حول شخصيته ورفع من فرص التوقع بإقدامه على تدمير العالم والولايات المتحدة فى أى نزاع نووى أو أى محاولات للتدخل فى شئون بلاده من قبل القوى الغربية، إلا أن تلك الصورة بدأت تتغير خلال الآونة الأخيرة خاصة منذ دخول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب البيت الأبيض، ومحاولته كسر جبال الجليد بين البلدين ومحاولة التفاوض مع بيونج يانج.
ومع ظهور الزعيم الكورى الشاب على منصة مؤتمرات عدة وظهوره للإعلام العالمى ضمن موضوعات وتقارير ليس من بينها "الإعدامات الغريبة"، بدأت وسائل الإعلام الغربية فى التعامل مع بلاده وحياته الخاصة بشكل مختلف، لتفاجئ شبكة "سى إن إن" الجميع بتكذيب آخر الأخبار الخاصة بالإعدامات فى كوريا الشمالية، والذى دارت تفاصيله عن كيم هيوك تشول، مسئول الاستخبارات السابق فى بيونج يانج، ومبعوث كيم جونج أون للولايات المتحدة الأمريكية، والذى قالت وسائل إعلام ووكالات أنباء من بينها رويترز أنه تم إعدامه عقاباً على فشله فى تحقيق أى تقدم بشأن المفاوضات بين البلدين.
وفى تقرير لها الثلاثاء، قالت شبكة "سى إن إن"، إن الدبلوماسى الكورى الشمالى الذى ذكرت أكبر الصحف فى كوريا الجنوبية أنه تم إعدامه رميا بالرصاص لا يزال حيا، ومحتجز لدى الدولة، بحسب ما ذكرت عدة مصادر مطلعة الأمر.
وأوضحت المصادر أن المبعوث الخاص لكوريا الشمالية إلى الولايات المتحدة كيم هيوك تشول يتم التحقيق معه بالفعل لدوره فى قمة هانوى الفاشلة بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ورئيس كوريا الشمالية كيم جونج أون فى فبراير الماضى. هذا الاجتماع الذى كان الثانى بين كيم وترامب انتهى دون أن يتوصل الجانبان إلى اتفاق. وأشارت المصادر لـ "سى إن إن" إن مترجم كيم فى هانوى سين هى يونج أيضا محتجز ويخضع للتحقيقات.
فتش عن الجار الجنوبى و"المصدر المسئول"
وتقف صحافة الجارة الجنوبية التى تربطها أجواء مضطربة مع بيونج يانج وراء العديد من التقارير والأخبار الكاذبة بشأن الإعدامات التى يقدم عليها الزعيم الكورى الشمالى الشاب، حيث تكون غالبية تلك الصحف مصدراً للإعلام الغربى الذى ينقل بدوره عنها تلك التقارير، قبل أن تقوم وسائل الإعلام العربية بدورها بنقل تلك القصص المثيرة.
وكانت صحيفة تشوثن إلبو الكورية الجنوبية قد ذكرت أن كيم يونج تشول أحد أبرز مسئولى كوريا الشمالية الذين كليوا فى البيت الأبيض لعقد محادثات مع ترامب قبل أقل من عام، قد تم إعدامه بإطلاق النار عليه عقابا له على عدم نجاح قمة هانوى.
ونقلت الصحيفة الكورية الجنوبية عن مصدر قوله إن المسئول الكورى الشمالى أعدم في مطار في بيونج يانج.
وزعم المصدر أن هيوك تشول عوقب إلى جانب أربعة مسئولين تنفيذيين آخرين بوزارة الخارجية، حيث تم اتهامهم جميعا بالتجسس لصالح الولايات المتحدة وتقديم تقارير غير جيدة عن المفاوضات دون القدرة على قراءة النوايا الأمريكية بشكل مناسب.
واستشهدت الصحيفة بمصادر أخرى لم تكشف عنها من داخل كوريا الشمالية، لكن لم يتم تأكيد الأمر من حكومة سيول أو بيونج ياتنج، وقال وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو أن بلاده تنظر فى الأمر.
وكانت الصحيفة نفسها قد ذكرت، الجمعة الماضية، نقلا عن مصدر كورى شمالى لم تحدده، أن كيم يونج تشول أحيل لمعسكر عمل وإعادة تثقيف فى إقليم جاجانج قرب الحدود الصينية ، قبل ان تعود بعدها بأيام لتعلن إعدامه.
وبعد أيام من شائعة الوفاة التى تم نشرها فى صحف كبرى بشتى اللغات حول العالم، فوجئ الجميع بظهور كيم يونج تشول المسؤول الكورى الشمالى الكبير وكبير مبعوثى بيونجيانج النوويين سابقا، بجوار الزعيم كيم جونج أون إلى حفل فنى أمس ، فى إشارة إلى أن رئيس جهاز المخابرات السابق حى ومازال يمثل قوة فى هيكل السلطة بكوريا الشمالية.
وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية يوم الإثنين، إن كيم يونج تشول كان من بين "كبار المسؤولين" الذين رافقوا كيم جونج أون وزوجته رى سول جو خلال حضورهما عرضا فنيا للهواة من زوجات ضباط فى الجيش الكورى الشمالى أمس الأحد.
عائدون من الإعدام
والإعدامات الوهمية لا تقف على حالة "يونج تشول" وحده، فقائمة العائدون للظهور بعد ما نشر عن إعدامهم بأبشع الطرق تضم كثيرين، ومن بنيهم عم الزعيم الكورى الشمالى كيم جونج أون نفسه، والمدعو جانج سونج ثايك بتهمة الخيانة، وهو الخبر الذى نشر حينها على عهدة مسئولين فى المخابرات الكورية الجنوبية، ليعود الرجل للظهور بعد أقل من عام لينال تكريماً من الزعيم الشاب.
وفى 2013، تحدثت تقارير إعلامية عدة عن إعدام المطربة الكورية الشمالية هيون سونج بوابلاً من نيران مدفع رشاش، أمام أعضاء فرقتها، إلا أنها ظهرت ضمن وفد يمثل بلادها فى دورة الألعاب الأوليمبية الشتوية.
ومن بين قائمة "العائدون من الإعدام"، يأتى اسم الجنرال ري يونج جيل، الذى تحدثت أيضاً صحافة كوريا الجنوبية عن إعدامه بتهم الخيانة والفساد، لكنه ظهر فى وسائل إعلام حكومية بعد بضعة أشهر خلال مراسم ترقيته!
[email protected]