الطفل كالورقة البيضاء نستطيع أن نخط عليها كل ما نريده، فكل ما نعلِّمه إياه يرسخ في ذهنه ويصبح خاضعاً للتطبيق. ولكن، يضع الطفل أهله في موقف حرج حيث يسيء التصرف أمام الأقارب أو الضيوف، ما يدفعهم لتبرير تصرفاته الخاطئة أو للانفعال واللجوء إلى ضربه أو تأنيبه أمام الناس. فالأصول واللياقة الاجتماعية مكتسبة وليست فطرية، لذلك فللأهل الدور الأكبر في توعية وتعليم وإرشاد طفلهم على أصول اللباقة والتهذيب.
سلوك الوالدين نموذج للطفل
تشير الاختصاصية بعلم النفس التربوي نسرين الخطيب إلى أنه "من الضروري أن يحرص الأهل على تعليم أطفالهم أسس التصرف السليم واللبق، إذ إن السلوك الصحيح سيصبح جزءاً حقيقياً من شخصيته، من هنا، إليك بعض النصائح:
- كونوا قدوة حسنة لطفلكم لأنه ليس من العدل أن تطلبوا منهم حسن التصرف مع الآخرين إذا كنتم لا تقومون ذلك.
- خاطبوا طفلكم بالعبارات التالية: من فضلك، لو سمحت، شكراً، وغيرها من الألفاظ المشابهة، قبل الطلب منه القيام بأمر ما، عندها سيقتبس هذه الكلمات لتصبح من أساسيات قاموسه التواصلي".
- وجهوا نقدكم عند قيام طفلكم بأي تصرف خاطئ، واثنواعليه في حال أحسن التصرف.
- عدم التغاضي عن أي تصرف خاطىء وتنبيهه في اللحظة ذاتها إلى أنه أخطأ، ولا تؤجلوا التفسير وتوضيح الأسباب إلى وقت لاحق.
- عندما توجهون طفلكم للحديث مع الكبار، لتقديم شي أو طلب شيء، أعطوه جملة كاملة مع اللقب، فلا تقول له أطلب من فلان جهاز التحكم، بل قولوا له أطلب من العم فلان جهاز التحكم، فذلك سيشعر الطفل بضرورة وضع الألقاب عند الحديث مع الكبار.
- امدحوا طفلكم وقدموا له الهدايا الرمزية كلما أقدم على تصرف حسن، أو أمضى وقتاً مع الآخرين من دون أن يسئ التصرف، فالمكافأة تجعله يعتقد بأن التصرف الحسن فعلٌ مرغوب فيه .
تأديب الطفل
يكتسب الطفل العادات الاجتماعية في الحضانة مروراً بالمدرسة وصولاً إلى خضم الحياة العملية عندما يكبر، لذا، تكمن أهمية دور الأهل في ترسيخ الأصول واللياقة الاجتماعية، إذ يولد الطفل بسلوكات فطرية يجدر الانتباه إلى الأفضل فيها لترسيخه والأسوأ لتعديله. من هنا، فإنَّ تأديب الطفل يعتمد على أسلوب الثواب والعقاب، عبر حثه على التصرفات الجيدة السليمة، وتأنيبه عن التصرفات السيئة للتخلي عنها. والجدير بالذكر هنا أن الثواب والعقاب يجب أن يكون على قدر العمل الذي قام به، فالطفل يتعرض لكثير من المثيرات(stimuli) من حوله ويتعرف على سلوكات مختلفة (الأهل، الأقارب، الحضانة، المدرسة...) يراها الطفل أمامه ويتمثل بها، مثلاً عندما يرى أحد والديه يصرخ أو يعنّف الآخر، أو عندما يسمع ألفاظاً غير لائقة يكتسب الطفل هذه السلوكات والألفاظ ويحاول التمثل بها. ولكن، على الأهل أن يدركوا أن قيام الطفل بين عمر السنتين والست سنوات بتصرفات سيئة أمر طبيعي، مع الوضع في الاعتبار مسؤولية الأم التي يفترض أن تدرك خلال تربية الطفل كيفية التحكم في تصرفاته. وهنا كعوامل عدة يمكنها أن تكون جزءاً من تقنية تأديب أو عقاب الطفل عبر استخدام كلمة "لا" ووضع بعض القواعد والحدود للطفل. لذا، احرصوا على وضع قواعد لطفلكم تعلمه حُسن السلوك، وعوِّدوه على التحكم بأعصابه مع الوضع في الاعتبار أن طريقة التعامل مع الطفل تختلف طبقاً للمرحلة العمرية.
علّموه حسن التصرف!
تؤكد الاختصاصية بعلم النفس التربوي نسرين الخطيب أنَّ "الطفولة مرحلة مهمة في حياة الإنسان، إذ يكون الذهن خلالها خالياً من الأحكام المسبقة ويكون الطفل مستعداً لتقليد المحيط وامتصاص كل كلمة وكل عمل يقوم به الأهل والأم بشكل خاص، لذا، فإذا أردتم تعليم طفلكم حسن التصرف وأصول اللياقة عليكم أن تستغلوا هذه المرحلة لتحقيق ذلك عبر:
- احترام الأكبر سناً وعدم الرد بوقاحة.
- الاعتذار من الآخرين عند القيام برد فعل أو تصرف خاطىء.
- الشكر والطلب بتهذيب: علموه أن يطلب غرضاً أو معروفاً بتهذيب والشكر مهما كان هذا المعروف صغيراً.
- عدم إزعاج الآخرين واحترامهم وتفهم أوضاعهم وظروفهم.
- المعاملة بالمثل: التصرف مع الآخرين كما يريدهم أن يتصرفوا معه، وهكذا ستنمو لديه مهارات اجتماعية.
- تعليمه العادات الحسنة والتعاطف مع الضعيف وتقديم المساعدة".
إنّ سوء التربية تجعل الطفل لا يميز بين السلوك السلبي والإيجابي أو بين الخطأ والصواب. كما أن عدم شعوره بالأمان يجعله غير منصاع للأوامر بسبب عامل الخوف، وطبعاً من دون أن ننسى الغيرة والحرمان، والحال النفسية لدى الطفل التي تكون دافعاً نحو السلوك السيىء. وللمدرسة الدور المهم في اكتسابه سلوكات وتصرفات مختلفة حيث يتعرف على رفاق بشخصيات وطباع مختلفة يتعلم منهم أو يقلدهم.
[email protected]