يتوجه العديد منا يومياً إلى المحال التجارية الكبيرة أو السوبرماركت، ما يجعلهم يعتقدون أن الأمر مجرّد روتين لابتياع الحاجيات من معلبات ومشروبات ومنظفات وبقالة... لكن الأمر ليس بالروتيني أبداً بالنسبة إلى مالكي السوبرماركت، إذ هم صمّموا كل شيء لجعل المواطن يبذّر من ماله قدر الإمكان.
العادة ربحٌ للسوبرماركت
في اعتقاد الشخص أن توجّهَه إلى السوبرماركت هو عادة عليه أن يقوم بها دَورياً، ربحٌ تلقائي للمالكين، بما أن هذه العقلية تجعله في قبضتهم، خصوصاً إذا ما توجّه للتسوق أكثر من مرّة في الأسبوع الواحد. وخلال تسوّقه في السوبرماكت، تتم محاكاة غرائزه عبر الترتيب المعتمَد للرفوف والسلع. إذ إن هذا الأمر يُعَدّ أبرز طريقة يستعملها "أصحاب" السوبرماركت لجعل الزبون يزيد على فاتورته، من خلال ابتياعه ما يريدونه هم أن يبتاع.
حاسة الشم
يبدأ الأمر مع أول نفحة هواء عند دخول الشخص السوبرماركت، إذ عادةً تصمّم إدارة السوبرماركت مدخلَها بطريقةٍ مغرية، فيرى الزبون ويشمّ منتوجات الأفران والمخابز من خبز على أنواعه وحلويات على أنواعها، وتوضَع الأزهار قرب المدخل ليشمّها أيضاً. للشمّ تأثير كبير على إرادة الشخص بالابتياع بما أنه يعمل بشكلٍ أسرع من باقي الحواس. إذ يحرّك القسمَ الدماغي المثيرَ للعواطف، وهو ما تسمّيه المتاجر بـ"التسويق الشّمّي". فعرضُ السلع ذات الرائحة الشهية والطيبة يجعل الزبونَ مسروراً ومستعداً لتبذير ماله بابتهاج.
تنظيم الممرات
تُنَظّم الممرات في السوبرماكت في مسارٍ ذات الشكل الصاعد والهابط، فيُجبَر الزبون في معظم الأحيان على المرور فيها جميعاً، بما أنه يزيح عربته يميناً عند انتهاء الممر الأول ثم يزيحها شمالاً عند انتهاء الممر الثاني، وهكذا دواليك. تقوم السوبرماركت بهذا التصميم عن قصد بما أن الشخص "مجبولٌ" بطريقة استكشافية تجعله يزور كل ممر بالتسلسل المتوالي جارّاً عربته فيها. فيمشي في الطريق التي رسمَتها له السوبرماركت، من دون حتى أن يفكّر بالأمر.
ترتيب السلع
كذلك، الأمكنة التي توضع فيها السلع ليست صدفة. يقوم ترتيبها على الرفوف على الـPlanogram، وهو رسمٌ توضيحي أو صورة مقطعية للمنتوجات المعروضة. فالسلع مرتّبة في نموذجٍ يتناسب ومصلحة السوبرماكت. ويُعتبَر مستوى العين أحد أبرز هذه النماذج (Eye Level Is Buy Level)، إذ فيه تستند السوبرماركت إلى نظر الزبون عندما يمشي بين الممرات.
فإذا وصل الزبون إلى ممر الحبوب، يكون فيه الـPlanogram على الشكل التالي: منتوجات الشراء بالجملة في الكعب أي على مستوى الأرض، المنتوجات الصحية أي الأفضل في الأعلى، والمنتوجات ذات الماركة المعروفة والعلامة التجارية ما يعني السعر الأغلى على مستوى العين حيث يسهل رؤيتها وتفحّصها ورميها في عربة التسوق. وتلعب السوبرماركت على مستوى عيون الأطفال أيضاً، عبر عرضها للسكريات والشوكولاتة والمعكرونة أمامهم، فيُجبَر الأهل على ابتياعها بعد رؤية أطفالهم لها ومطالبتهم بها.
إبعاد السلع الأساسية عن بعضها
في تفتيش الزبون عن الحليب أو البيض أو أي مأكولات أخرى تُعتبَر أساسية، لا يلاحظ فعلاً أنها متباعدة المكان في السوبرماركت. لكن الأمر مقصود حتى يسير الزبون ويمر قرب أكبر عدد من السلع الأخرى. فإذا كان معتقِداً أنه يزور السوبرماركت ليبتاع فقط حاجياتِه الأساسية، لن يدوم الأمر كثيراً: سَيرُه بين الممرات يجعله يُمضي الكثير من الوقت فيها ويرى العديد من السلع الثمينة والعروض المغرية ما يدفعه لابتياعها.
كيف تتحصّن أمام إغراءات السوبرماركت
على الشخص أن ينتبه إلى كل الطرق التي تستعملها السوبرماركت لاستغلال غرائزه ودفعه لصرف أمواله فيها. من هنا، عليه أن:
1- يكتب لائحة بالمأكولات والسلع التي يحتاجها ولا يبتاع أي سلعة غير ضرورية.
2- يبحث عن السلعة التي يريدها والتي فعلاً تناسبه، من غير أن يرضخ لعروضات السوبرماركت.
3- يحفظ مكان السلعة التي يحتاجها، فيتوجه مباشرةً إلى هناك ولا يدور بين الممرات الأخرى.
4- يبتعد عن زيادة حساب فاتورته: عبر الامتناع عن ابتياع الشوكولاتة أو علب السجائر أو البطاريات الموجودة قربه عند تسديده الفاتورة عند أمين الصندوق.
عندها، سيكون هو المستفيد الأول والرابح الحقيقي.
[email protected]