موقع الحمرا توجهّ إلى الدكتور عنان سرور الإختصاصي في علم النفس الذي تحدّث عن كيفية تحضير التلميذ للعودة الى المدرسة والإرشادات التي ينبغي على الأهل اتباعها فقال :
"الاول من ايلول هو تاريخ ينتظره الكثير من الاهل كي تنتهي فترة "العذاب" مع الاولاد في البيت، كما يصفها البعض. لكن وبالرغم من رفض الاطفال الرجوع الى المدرسة الا ان في داخلهم فرحة للعودة للروتين والمألوف.
في هذا اليوم يتخبط الاهل في ترتيباتهم خاصة هؤلاء الذي تنتظرهم اعمال ليست أقل اهمية من اليوم الاول للدراسة. ولكن على الاهل أن يعرفوا أن التوتر والقلق الذي يكتنف اطفالهم هو اضعاف ما يشعرون به انفسهم ولذا عليهم أن يضعوا اطفالهم وحاجات اطفالهم في مركز هذا اليوم وخاصة في الصباح.
يبدأ التحضير للسنة الدراسة الجديدة مباشرة بعد الانتهاء من السنة الماضية, حيث يحتاج الطفل دائما ربط بين الماضي والمستقبل بوساطة الكبار، وهذا بالضبط ما على الاهل فعله من اليوم الاول للعطلة اذ عليهم تذكير الطفل مرارا انه سوف ينتقل صف أو مدرسة في السنة الجديدة. ليس عليهم التذكير وحسب وانما الانفعال ايضا واظهار فرحتهم بذلك كي تتحول لتكون فرحته. فالاطفال بطبيعتهم يتبنون مشاعر الكبار بالنسبة لاحداث غير مألوفة لهم مثل الانتقال.
غالبا ما يتذكر الاهل السنة الدراسية في الاسبوع الاخير حيث يبدأون في تنظيم دورة اليوم للطفل من حيث النوم، الاستيقاظ وحتى حل أوراق العمل أو مراجعة الكتب. من شأن هذا التحضير أن يساعد الطفل كثيرا في التحضير للمدرسة اذ ان تنظيم وقت النوم هو من أصعب المهام التي يحتاج كلا من الاهل والاطفال التعامل معه بعد فترة طويلة من عدم الاتنظام.
على أي حال نحن الان في اليوم قبل الاخير من العطلة الصيفية, فماذا علينا أن نفعل؟
الحوار مع الاطفال هو مفتاح الحل حيث يبحث الطفل على رموز في بيئته كي تساعده في بناء توقعات لما ينتظهره الغد... فتفسير الامور للطفل يقع على الاهل واذا امكن رسم برنامج يومي لليوم الاول من المدرسة. من المهم الاشارة الى أن اتباع يوم مفتوح من قبل المدرسة أو الروضة ليتم التعرف على المعلم الجديد وطلاب الصف الجدد بحضور الاهل, هو من أنجح الاساليب لتخفيف ضغط وتوتر اليوم الاول لدى الاطفال وذويهم. كما نحاول في حوارنا التحضيري ذكر اسماء معروفة للطفل وفعاليات يحبها من المتوقع أن تحدث في اليوم الاول أو خلال السنة التعليمية.
في صباح اليوم الاول يجب أن يبرمج الاهل نفسهم بشكل يتيح وقت كاف للتحضير الصباحي: افطار، لباس، وسفر للمدرسة، حيث أن ضغط الوقت قد يثير البالغين ويوترهم مما يوتر الاطفال تلقائيا. لا شك أن الاطفال يتفاوتون في مدى قلقهم من اليوم الاول وعلى الاهل تخطيط مرافقة الاطفال من الاقل خوفا، حيث يستهلك أقل وقت، للاكثر خوفا، حيث يتعلم من سابقيه. من البديهي القول أن مشاركة الاب للام في هذا اليوم قد تساعد كثيرا لانها تخفف الضغط وتزيد مساحة الوقت المتوفرة لكل طفل.
كي نستطيع التعامل مع مخاوف الاطفال في رجوعهم من المدرسة علينا أن نفهم مصادرها وكيفية التعامل مع كل مصدر:
طبعا، هناك اطفال أكثر قلقا وأقل تقبل للتغيير في طبيعتهم وهم بحاجة لفترة تحضير أكبر، مرافقة لفترة أطول وجهود كبيرة في تهدأتهم. هؤلاء الاطفال يبدون توتر في كل مرحلة أو فترة انتقالية ويرفضون التغيير. توتر البالغ وعضبيته تزيد من توتر هؤلاء الاطفال لأن توتر الاهل هو بمثابة مؤشر لخطر قادم لذا على الاهل أن يكونوا هادئين في التعامل معهم.
تجربة سلبية سابقة: بما أن مدارسنا غنية في التجارب السلبية للاطفال فهنالك الكثير من الاطفال الذين يفضون الرجوع للمدرسة خشية تجربة سلبية اضافية. في هذه الحالة علنا اعطاء الشرعية لتخوفهم والبحث عن مؤشرات أمان مثل تعريف الولد شخصيا على المعلمة وأن يتم الذكر امامه بأن هذه المعلمة تحب الاطفال ... الخ.. مع مثل هؤلاء الاطفال يجب الرجوع الى تجارب ايجابية مع المدرسة مثل رحلة ممتعة أو تحصيل جيد وذلك كي نخفف من اهمية التجربة السلبية.
تخوف من ترك البيت: بسبب تغييرات في العائلة، مثل ولادة طفل جديد، أو توتر عام فيها مثل صراع بين الاهل أو مرض صعب لاحد افراد العائلة، يخشى الطفل ترك البيت خوفا من ألا يعود اليه بنفس الوضع السابق (خوف من ترك الام للبيت، وجود احد الافراد في المستشفى... الخ). في هذه الحالة يحبذ تنفيذ الانتقال بشكل مرحلي أي وواضح. بكلمات أخرى أن يعرف الطفل متى سيأتون لأخذه من المدرسة ومن هو الشخص الذي سيأتي. هذا الوضوح من شأنه أن يخفف القلق شرط أن الا يقع الاهل في أي اعلام كاذب. أي وعد نقوم به يجب تنفيذه والا سيفقد الطفل ثقته بالكبار ويشتد قلقه.
الاطفال المراوغون: هم الاطفال الذين يرفضون المدرسة بسب الانضباط ويرغبون البقاء في البيت دون واجبات. الرفض في هذه الحالات لا ينبع من خوف أو توتر انما كأسلوب لابتزاز الاهل. مثل هؤلاء الاطفال بحاجة لتعامل خاص خلال العطلة. هذه المراوغة تطور عادة عند اطفال لاهل متساهلين حيث يتعلم الطفل أن الحاحه سيكسر رأي أهله. على كل حال في فترة المدرسة يجب الامتناع من الوعود لهؤلاء الاطفال كي لا يبحثوا على ثغرات جديدة للمراوغة. على الاهل أن يكونوا حازمين وواضحين أنه لا خيار سوى المدرسة.
حاولت من خلال مشاركتكم ببعض الافكار لتسهل عملية رجوع الاطفال الى المدارس ولكن أفضل طريقة هي أن تتذكروا بأنفسكم تلك الايام وتتعاملوا مع اطفالكم من خلال هذه التجربة.
أتمنى لكم ولأبناءكم سنة دراسية ممتعة ومثرية".
[email protected]