كتب: وطن القاسم
تصادف الانتهاء من مرحلة تصميم متحف ومركز ثقافي على اسم الشاعر سميح القاسم في المنطقة التي اختار أنْ يتم دفنه فيها، سفح جبل حيدر المُطلّ على بحيرة طبريا والأردن وسوريا من الشرق، وحيفا وعكا والبحر الأبيض المتوسط من الغرب مع الذكرى الرابعة لرحيل جسد الوالد الحبيب سميح القاسم (19.8.2014)، أحد أهمّ شعراء العرب في القرن الواحد والعشرين.
أذكر جيداً توجّه المقاولين ورجال الأعمال الطيّبين من أبناء شعبنا، في الأشهر الأولى بعد الرّحيل، وعروضهم السّخيّة للتبرع بترميم الضّريح أو تلبيسه بالحجر وما شابه من اقتراحات تعكس طيبة واخلاص شعبنا العظيم بجميع أطيافه لعظمائه، ولكن اخترنا التروّي في موضوع ترميم الضّريح لعدة أسباب، أبرزها الانشغال بمشاريع أخرى سريعة التنفيذ مثل:
-
تنظيم احتفالات التأبين والذكرى السنوية.
-
إصدار كتاب خاص يضم مجموعة قصائد من جميع الدواوين، وطباعته بآلاف النسخ وتوزيعها في الفعاليات والنشاطات المتنوعة.
-
إصدار اسطوانة خاصة لقراءات شعرية وتسجيلات نادرة بصوت سميح القاسم، وطباعتها بآلاف النسخ وتوزيعها.
-
المشاركة في مئات الفعاليّات في البلاد وخارجها لإحياء ذكرى الوالد الحبيب.
-
إنتاج الفيديوهات الخاصة والتّصاميم ونشرها بشكل دائم على صفحات التواصل الاجتماعي الرسمية التابعة لسميح القاسم لتصل سنوياً إلى أكثر من خمسة ملايين متابع من جميع أنحاء العالم للحفاظ على الإرث الكبير الذي تركه بين شرائح الشباب وطلاب المدارس، وغيرها من النشاطات الأخرى.
بالإضافة إلى هذه الأسباب، لا بدّ من الاعتراف بحالة الصّدمة التي سيطرت على العائلة، في السنوات الأولى، بفقدان أب وبوصلة شعب. وربما كان هنالك نوع من التهرّب من تخطيط وبناء مشروع بهذه الضّخامة بما يحمله من مواجهة مع الفقدان والاشتياق لرائحة وحضور وصوت أغلى الناس.
اليوم في الذكرى الرابعة، وبعد مرور سنة على تسجيل وإطلاق مؤسسة سميح القاسم من الرامة، والمباشرة في خطوات تجهيز منطقة الضّريح وتقديم الطلبات للحصول على التصاريح اللازمة من قبل المجلس المحلي ولجنة التخطيط والبناء لتنفيذ المشروع، وصلنا مرحلة الانتهاء من التّصميم المعماري المميّز للمتحف والمركز الثقافي بقيادة طاقم عالمي يضم مصمّمين عالميين، عرب وإسبان وإيطاليين في مقدمتهم المصمّم المعماري أيمن طبعوني، ابن الناصرة المقيم في لندن.
قام الطاقم المصمّم، وعلى مَدار شهور عديدة، بدراسة شخصيّة وتاريخ سميح القاسم وإرثه الكبير، وقراءة ما كُتب عنه، ومتابعة ترجماته في عشرات اللغات، ليتمّ تنفيذ التصميم بما يتلاءم مع جميع المعطيات وخصوصيّات الطبيعة والأرض والزيتون وأزهار فلسطين لتنعكس في مبنى فريد من نوعه يجمع ما بين الحضارة العريقة والحداثة التي تجسّدت في شخصية وإرث سميح القاسم.
وبالتّوازي مع مواصلة العمل على ترخيص البناء من الجهات المختصة، انطلقنا في المؤسسة بمرحلة إنتاج مُجسّم وفيديو ثلاثي الأبعاد للمشروع، وذلك للتوجّه بالمستوى اللائق والرّسمي للمؤسسات العربية والعالمية والجهات التي نأمل منها تقديم الدّعم لهذا المشروع الضّخم والحضاري الذي سوف يترك أثراً كبيراً على جميع أبناء شعبنا والإنسانية أجمع، وبالتأكيد على كل مَنْ يزور قرية الرامة والجليل ليُصبح مَعلَما ثقافيّا وحضاريّا لنشر الفن والإبداع على جميع أشكاله، ومتحفًا يحفظ الإرث الكبير التي تركه شاعر وإنسان عملاق للإنسانية وللأجيال القادمة، شاعر نفتقد صوته المُدوّي والشجاع والحقيقي في هذه المرحلة التّعيسة التي نعيشها في وطننا وفي العالم العربي.
للتواصل مع مؤسسة سميح القاسم: [email protected]
[email protected]