ربى، يارا، سنبلة ومياس أبو أحمد هنّ أربع أخوات للوالد الطبيب، د. عزمي أبو أحمد، أخصّائي طب العائلة ومدير عيادة كلاليت الرّينة، والوالدة المدرّسة عبير أبو أحمد. الأخوات الأربعة قررن دراسة الطب شغفًا بالمهنة، فغادرن البلاد واحدة تلو الأخرى متّجهات إلى مدينة كونستانسا في رومانيا لتجتمع الأخوات الأربعة في جامعة واحدة وشقة واحدة تكون بيتًا ثانيًا لهنّ.
ربى هي الأخت الكبرى من مواليد عام 92 في السنة الدراسيّة الأخيرة، يارا تأتي بعدها من مواليد عام 93، على وشك التخرج في شهر أيلول القريب وقد اجتازت امتحان مزاولة المهنة الأمريكي (USMLE) بنجاح أي أنّها لن تضطر إلى التقدم لامتحان الدولة في البلاد وستبدأ مرحلة الستاج مباشرةً عند قدومها إلى البلاد. سنبلة هي الأخت الثالثة من مواليد العام 96 في السنة التعليميّة الخامسة، ومياس هي الصغرى من مواليد العام 97 في السنة التعليميّة الثالثة.
تقول الأخوات الأربعة أنّ مهنة الوالد لا شك كانت مصدر الهام لهنّ فقد انكشفن على عالمه المهني منذ نعومة أظافرهنّ وقد تلقين منه ومن الوالدة كل الدعم، لكن هذا وحده لا يكفي، فجاء اختيارهنّ لمجال الطب ليس فقط لأنّه مهنة الوالد وانّما نما لديهنّ شغفًا لهذه المهنة لما تحمله من جانب انساني وتضحية من ناحية، ومعرفة وامكانيات للتقدّم على الصعيد المهني من ناحية أخرى.
تقول يارا أنّ مهنة الوالدة، كمعلمة ومربية أجيال، هي أساس كل المهن، وهي تطمح إلى الدمج بين المهنتين، إذ تحلم أن تدرّس يومًا ما مجال الطب في الأكاديميا.
شعور الغربة الذي يرافق عادةً الطلاب المغتربين خارج البلاد لم تعرفه الأخوات الأربعة، أو بشكل أدق عرفته ربى لفترة قصيرة قبل أن تنضم إليها بقية أخواتها، لكن مع اكتمال الفريق الطبي، لم تعرف الأخوات طعم الغربة بل على العكس تمامًا يشعرن أنّهن في بيتهنّ الثاني.
وعن السكن معًا في شقة واحدة لم تجد الأخوات أي جانب سلبي للحديث عنه. التجربة بالنسبة لهنّ مميّزة جدًّا وتبعث على الراحة النفسية إذ يدعمن ويساندن الواحدة الأخرى ويعشن بتوافق تام مع توزيع كامل لمسؤوليات وأعباء الشقة من حيث ترتيبها واعداد الطعام وما إلى ذلك بحسب أوقاتهنّ. تقول سنبلة أنّه اضافةً إلى كونهنّ أخوات هنّ أيضًا شريكات ويعرفن تمامًا كيف يتقاسمن المهام المنزلية بتعاون وإنصاف.
وبدورها تقول مياس أنّ العودة إلى البيت بعد يوم تعليمي مكثف وطويل ومتعب والالتقاء بأخواتها ينسيها كل التعب ويحفّزها على الدراسة أكثر فأكثر.
وتحرص الأخوات على القيام بنشاطات مشتركة بعيدًا عن أجواء الدراسة والتعليم التي تأخذ معظم وقتهنّ يوميًّا، فتخرجن إلى مشاهدة فيلم أو القيام بالرياضة وغيرها مرّة في الاسبوع. وجوابًا على السؤال إذا ما شكلت هذه التجربة عائقًا أمامهنّ لتوسيع دوائرهنّ الاجتماعيّة، تقول الأخوات أنّه على العكس تمامًا فوجودهنّ معًا يوسع دائرة الأصدقاء والمعارف من كل أنحاء العالم، لأنّ كل واحدة فيهنّ تهتم بتعريف أخواتها على زملائها وأصدقائها الجدد فتتسع بالتالي دوائرهنّ الاجتماعيّة أكثر فأكثر، ويقلن ضاحكات أنّ بيتهنّ مثل "بيت الجدّة" يجمع الكل.
وتشدّد الأخوات على أنّه إلى جانب الدعم والمساندة من قبل الوالدين، حرصا أيضًا على تنشئتهنّ على تحمل المسؤولية والاستقلالية واتخاذ القرارات التي تخصّهن بشكل ذاتي معتمدات على انفسهنّ.
وعن وجود منافسة بينهنّ تقول الأخوات الأربعة أنهنّ يعرفن فقط المنافسة الإيجابية التي تدعو إلى التحفيز والتشجيع والمساندة.
وبخصوص تطلعاتهنّ المستقبلية، تطمح يارا بالتخصص في مجال الأمراض الباطنية وأمراض الدم وهي ترى أنّها ستبدع في هذا المجال. ربى تقول أنّه في كل عام كانت تدرس فيه مجال جديد تنجذب إليه وتقرّر أنّها ستتخصّص فيه لكنّها أحبّت جميع المجالات الطبية التي انكشفت عليها خلال دراستها، لذا تحتاج أن تفكر أكثر في أي مجال تتخصّص، وقد شدّدت بشكل خاص على أنّه إلى جانب النجاح على المستوى المهني يهمها جدًّا أن تخدم مجتمعها وأن تنخرط في العمل التطوعي كما اعتادت هي وأخواتها على ذلك منذ الصغر. وبالنسبة لسنبلة ومياس، لم تنكشفا بعد على كافة المجالات الطبية لذا ما زال مبكرًا الحديث عن تخصّصاتهنّ مستقبلا.
ويقول الوالد د. عزمي أبو أحمد، الذي يعمل في هذه المهنة منذ 30 عامًا أنّه يدعم كل قرار تتخذه بناته ويقوم بتوجيههنّ لكن في نفس الوقت يترك لهنّ حرية الاختيار والقرار في المواضيع التي تخصّهن. وعمّا إذا كان يعتقد أنّ ابنه الذي يزال في المدرسة سيدرس أيضًا الطب مثل أخواته، يقول أنّ هذا يعود له وسيترك له حرية القرار كما فعل مع بناته الأربعة. كما حرص على أن يتطرق إلى دور والدتهنّ كمثل أعلى لهنّ بعزيمتها وارادتها القوية، فهي أنهت اللقبين الأوّل والثاني في الأدب العبري في جامعة حيفا حين كانت أمًا لخمسة أطفال وتدرّس في إحدى مدارس الناصرة في الوقت نفسه وتقوم بكل واجباتها كمربية وامرأة عاملة وربة بيت على أكمل وجه، لذا فهي كانت الملهمة والقدوة الأولى لهنّ.
[email protected]