بحر من العطاء وإحساس يتدفق من قلب كبير، معطاء، مؤمن بأنّ السير نحو النجاح رحلة طويلة لا نهاية لها، وأنّ الأعمال لا تحقق بالأمنيات، وإنّما بالإرادة والعزيمة التي تصنع المعجزات، وعندما تصل إلى عمق معنى النجاح تجد أنها ببساطة تعني الإصرار.
إصراره وقناعته أنّ العمل وأيّ عمل وتحديدا التربويّ والثقافيّ بحاجة إلى مثابرة وتضحية وحوار حضاريّ ليكون بمثابة نقطة الانطلاق نحو الهدف.
جاءت هذه الاستهلاليّة لتحمل في طيّاتها معاني عميقة تحكي سيرة ومسيرة ابن شفاعمرو البار د. منير نصر الذي نال شهادة الدكتوراة الأسبوع الماضي، وهو في سن 66، وعلى فنجان قهوة وفي مكتبه وبين عشرات شهادات التفوق والتقدير التي ملأت مكتبه، برز منها شهادة في مجال السياحة وأخرى في الإيراد والتصدير وفوز مدرسته التي يديرها على المرتبة الثالثة من بين مدارس إسرائيل في تخريج المهنيّين والهندسيّين، دار بيننا الحوار الصريح التالي:
رماح: أعطنا نبذة عن سيرتك الذاتية.
د. منير: من مواليد سنة 1952، أنهيت تعليمي الابتدائي في مدرسة جبور عام 1966 انتقلت للدراسة في المدرسة الثانوية في حيفا، وأنهيت دراستي الثانوية فيها عام 1970، التحقت بجامعة حيفا وتعلمت موضوعي الجغرافيا والعلوم السياسية وحصلت على لقب "B.A" عام1975، بين عامي 1978 وحتى عام 1998 درّست موضوع الجغرافيا في المدرسة الثانوية في مدينة طمرة، خلال فترة دراستي للقب الأول في جامعة حيفا بدأت بتعلم رياضة الكاراتيه في الجامعة نفسها، وحصلت على الحزام الأسود ومن ثم بدأت تدريب رياضة الكاراتيه في المركز الثقافي في طمرة عام 1975 وفي بعض القرى والمدن حتى عام 2013 وقد تتلمذ على يديّ مئات الطلاب الذين حصلوا على مراتب على المستوى القطري والأوروبي، في عام 1994 وحتى عام 1997 حصلت على درجة الماجستير في نفس الموضوع.
عام 2007 حصلت على درجة دان 6 وشهادة ممتحن حتى درجة دان 4 من قبل الاتّحاد الياباني للكاراتيه.
رماح: أعطنا فكرة حول أطروحة الدكتورة؟
د. منير: التحقت في أواخر 2014 بجامعة بوخارست ودرست في كلية التربية وعلم النفس وفي آذار 2018 دافعت عن أطروحتي التي تحمل عنوان "أثر المناخ المدرسي، الحالة الاجتماعية والاقتصادية لعائلة الطالب، وثقة الطالب بنفسه على مستويات العنف في المدارس الثانوية والصناعيّة في الوسط العربي في إسرائيل" أمام لجنة مؤلفة من 4 ممتحنين يحملون لقب بروفيسور حصلت على لقب دكتور بدرجة جيد جدا، وهذه ترجمة الشهادة المرفقة:
"نشهد بهذا أن السيد منير نصر سعد الطالب في كلية التربية في جامعة بوخارست، بدا تعليمه في الأول من أكتوبر 2014، وبعد دفاعه عن أطروحته امام لجنة خارجية في ال 30 من آذار 2018 حصل على درجة دكتوراه بنتيجة جيد جدا، وذلك تحت إشراف البروفيسور ايوان نياكشو"
رماح: لماذا اخترت موضوع العنف في المدارس الصناعية في الوسط العربي بالذات؟
د. منير: كوني أعمل في مدرسة صناعية وكانت ظاهرة العنف واضحة، فكرت بكيفية محاربة هذه الظاهرة، وعندما قرأت عن هذا الموضوع قمت بتطبيق هذه المعلومات على أرض الواقع وهذا أعطى ثمارا ونتائج جيدة.
رماح: موضوع العنف في المدارس كبير ومركب، أعطنا تلخيصًا عن دراستك في هذا المجال.
د. منير: وجدت، إذا اتبعنا سياسة وضحة ضد العنف في المدارس وطبقناها في مساعدة كادر المعلمين وبدون التغاضي عن أي تصرف حتى ولو كان هامشيا يمكن خفض نسبة العنف، بالإضافة إلى توثيق الأعمال واتباع سياسة صريحة وواضحة وتنفيذها بحذافيرها وبكل شفافية.
رماح: ما هي العوامل التي تؤثر في نظرك على الطالب وما هي طرق معالجتها؟
د. منير: لا شك أنّ للأهل والتربية دورًا كبيرًا جدا وللجو العائلي، وعدم متابعة ومراقبة تصرفات الأولاد بشكل صحيح في البيت والمدرسة بالإضافة إلى التخوف من مواجهة الطلاب العنيفين والتغاضي عنها وعدم تطبيق تعليمات الوزارة ودستور المدرسة على أرض الواقع وعدم قناعة كادر المعلمين بسياسة المدرسة قد ينعكس سلبًا على تصرفات الطلاب وأحذر من أجواء الملل لعدم فهم الطالب للمواد التعليمية.
رماح: هل باعتقادك هناك ظاهرة عنف في مدارس بلادنا وفي العالم؟ وهل هي أكثر تفاقمًا في الوسط العربي ولماذا؟
د. منير: طبعا في العالم يوجد عنف، هذا ما أكدته الأبحاث وفي إسرائيل أيضا ظاهرة العنف موجودة بنسبة متوسطة لكن في الوسط العربي العنف الجسدي أعلى منه في الوسط اليهودي.
رماح: كونك ابن شفاعمرو كيف تقيِّم الحركة التربوية فيها؟ وهل أنت راضٍ عن مستواها ودور المؤسسة الكبرى فيها؟
د. منير: بناء على نتائج مجموعة المناطق اتّضح من أجوبة الطلاب أنّ العنف في المدارس غير مريح ويدعو للقلق، دور المؤسسة الكبرى وللأسف أكثر على مستوى التصريحات والشعارات وهنالك تقصير وإهمال، وواقع مدارسنا يشهد على ذلك، وعلى هذه المؤسسة وباقي المؤسسات تطبيق الشعارات على أرض الواقع قولا وفعلا، وأقترح بناء دستور بناء موحد في البلدة يهدف إلى تعويد الطلاب على التصرفات الصحيحة منذ نعومة أظفارهم.
رماح: أعطنا بإيجاز لمحة عن وضع المدرسة خلال تسلمك ادارته؟
د. منير: نجحت في هذه الفترة نقل المدرسة من ثانوية صناعية إلى كليّة تخرّج مهنيين وهندسيين والحصول على مراتب متقدمة بين الكليات التكنلوجية المتقدمة في البلاد.
رماح: هل أنت راضٍ عن وضع ونتائج المدرسة؟
د. منير: بالرغم من الإنجازات على أرض الواقع، لست براضٍ لأنه بإمكاننا أن نرفع من مستوى النتائج إذا خطتنا بشكل مدروس ومبرمج، وقمنا ببناء خطط لتدريب المعلمين لتأهيلهم على كيفية تحضير دروس عملية.
رماح، تعتز وتفتخر بأمثالك، ألف همسة تقدير لدعمك للحركة التربويّة التي ستبقى محفورة على صفحات صدر الزمن.
[email protected]