في أجواء حميميَّة ثقافيَّة، استضاف النَّادي الثقافيّ الاجتماعيّ في طرعان، الثلاثاء الماضي حفل توقيع ديوان جديد للشّاعر سيمون عيلوطي، بعنوان: "حَوَّام النَّار وِالمَيْ" وقد حضر اللقاء إضافة إلى أعضاء النّادي عدد من الضّيوف من خارج القرية.
والدّيوان الجّديد باللغة المحكيّة، يتمحور مضمونه حول القلق الوجوديّ النَّاجم عن المتغيّرات الكونيّة، والانزلاقات المجتمعيَّة والسّياسيَّة التي أخذنا نعاينها على مختلف الأصعدة، المحليَّة، العربيَّة والعالميَّة، وما ينتج عن ذلك من إسقاطات وتداعي ثوابت العديد من المرجعيَّات الثقافيّة، تنذر بوقوع مخاطر جمَّة على جميع المستويات.
تولّى عرافة الندوة وتحدَّث فيها النّاقد الأدبيّ د. محمّد خليل، مثنيًا على إصرار الشاعر سيمون عيلوطي في تثبيت قصيدة العاميّة في حركتنا الأدبيّة، مبيّنًا الجوانب التي تعكس في الكثير من قصائد الدّيوان المتَّناقضات الإشكالية والوجوديّة التي تخيّم على مجتمعنا العربيّ في هذه البلاد، وعلى المنطقة العربيّة والعالم أيضًا، موضّحًا أن نغمة الحزن البارزة في بعض القصائد، مصدرها سقوط الكثير من الثوابت الوطنيَّة والإنسانية وخلط الأوراق على مختلف الأصعدة، وفي مختلف الأماكن التي تشهد ويل التّدمير، والتَّهجير، وهدر كرامة الإنسان. غير أنَّ شاعرنا يأخذنا في نهاية المطاف عبر عدد من قصائده إلى فسحة من الأمل تارة، والتأمُّل تارة أخرى.
ثمَّ تحدَّث الأديب الشَّاعر عبد الرَّحيم الشيخ يوسف عن اللغة العاميّة الشّعريَّة عند سيمون عيلوطي، معتبرًا أنَّ العديد من كلماته العاميَّة أصلها فصيح رغم اعتقاد البعض بأنها عاميَّة، وما استخدامه لمدِّ أو لتقصير بعض الحروف، عَ أو عا مثلا، إلا للضَّرورة الموسيقيَّة، خاصَّة أنَّ معظم قصائد الدّيوان تلتزم بالموسيقى الشعريَّة، ما يزيد من متعة القارئ لشعره، وأضاف: اللغة الثالثة التي تحدَّث عنها توفيق الحكيم، باعتبارها لغة مبسّطة، تنطبق في شكل من الأشكال على اللغة التي يستخدمها الشاعر سيمون عيلوطي في كتابة أشعاره، فهو يعرف كيف يختار مفرداته الشعريّة بيسر يساير فن البوح.
بعد ذلك تحدَّثت الفنَّانة التَّشكيليّة أحلام بهنسي عن اللوحة التي صمَّمتها لغلاف الدّيوان، موضوع أمسيتنا، وقالت: إنَّ اطّلاعها على مخطوطات القصائد، أوحت لها بتجسيد اللوحة التي حاكت المضمون العام للدّيوان القائم على الجَّمع المجازيّ بين "حوَّام النَّار وحَوّاَم الميْ"، وأشارت إلى أنَّها تفاعلت مع المناخ الشّعريّ الذي ساد الدّيوان، واتَّسم أيضًا بتصوير جوانب اجتماعيّة، سياسيَّة، وفلسفيَّة تصوغ بعض الأضداد التي تذكَّرني بأحد الأدباء حين قال: "الجمال المطلق في بعض الأحيان، يشكّله عدم التَّناسق".
أما الشّاعر سيمون عيلوطي، فقد قرأ باقة من قصائد الديوان، استقبلها الحضور بالاستحسان والتَّصفيق.
في نهاية اللقاء قدَّمت الفنَّانة كندة حسين فقرة غنائيَّة من كلمات الشّاعر المحتفى بديوانه، صاحبها بالعزف على العود الفنان سعيد شريف، تفاعل معها الحضور وشاركها في الغناء.
ثمَّ أتيح المجال أمام الجمهور بإبداء الملاحظات وتقديم المداخلات، أثرت اللقاء ودلّت على استحسانهم لمجرياته.
في نهاية الندوة تمَّ توقيع الديوان والتقاط الصور التذكاريَّة توثيقا لهذا اللقاء المميَّز.
هذا، وسيقوم الشَّاعر بتوقيع ديوانه في حفل مماثل في الناصرة قريبًا.
[email protected]