قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إن طهران لا تشكل تهديداً كبيراً للسعودية على الرغم من وقوفها خلف كل مشاكل الشرق الأوسط، إذ لا يقارن اقتصادها أو جيشها مع الاقتصاد السعودي وجيش المملكة، حسب تعبيره.
وأوضح في مقابلة مع مجلة "تايم" الأميركية أنّ سبب عدم اعتبار إيران تهديداً للملكة هو "ببساطة لأنها ليست من ضمن الدول الإسلامية الخمس الأكبر في المجال الاقتصادي، كما أن حجم الاقتصاد السعودي يبلغ ضعف نظيره الإيراني".
وأضاف أنّ الاقتصاد السعودي ينمو أسرع بمرتين أو ثلاث مرات من الاقتصاد الإيراني، كما أن الاقتصاد الإماراتي والمصري والتركي أكبر من الاقتصاد الإيراني، ونفس الأمر ينطبق على الجيش، فهم ليسوا من ضمن الجيوش الخمسة الكبرى في الشرق الأوسط.
ورداً على سؤال حول سعي السعودية للحصول على سلاح نووي، أجاب بن سلمان "إننا لن نبدأ بفعل أي شيء قبل أن تعلن إيران عن امتلاكها سلاحاً نووياً، ولا شك في أننا نقوم بتجهيز جيشنا، ونمتلك جيشاً قوياً ومجهزاً على أعلى مستوى، وإذا ما نظرنا إلى الجودة والحجم، فإن السعودية تملك أفضل جيش".
ووفقاً لولي العهد فإنّ المملكة "نجحت في إخراج النفوذ الإيراني من إفريقيا بنسبة تجاوزت 95%". وذكر أن الأمر نفسه ينطبق على آسيا، واليمن، والعراق، "وهو ما برهن عليه قيام 70 ألف مشجع برفع علم العراق والسعودية معاً في مباراة كرة القدم التي جرت بين المنتخبين" على حد تعبير بن سلمان.
وبحسب بن سلمان فإنّ أيّ مشكلة في الشرق الأوسط "ستجد لإيران يداً فيها"، فـ "التدخل الإيراني" ظهر في العراق وفي اليمن وفي سوريا وفي لبنان، أما الدول التي شهدت استقراراً نسبياً مثل مصر والسودان والأردن والكويت والبحرين فلم تكن لإيران يد فيها، على حد تعبيره.
لدينا عدو مشترك مع إسرائيل
وعن علاقة السعودية مع إسرائيل، قال بن سلمان إنه "لدينا عدو مشترك (مع إسرائيل قاصداً إيران)، كما أن لدينا العديد من الأوجه المحتملة للتعاون الاقتصادي، لكن ذلك لن يكون قبل إحلال السلام مع الفلسطينيين، لأن لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين الحق في العيش والتعايش، وحتى حدوث ذلك، سنراقب ونحاول دعم حل للسلام. وعندما يحدث ذلك، بالطبع في اليوم التالي سيكون لدينا علاقة جيدة وطبيعية مع إسرائيل، وستكون الأفضل للجميع".
وفيما يتعلق بقرار ترامب نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، قال ولي العهد السعودي "نحن نحاول فعل ما بوسعنا، إنني أحاول التركيز على الفرص التي أمامنا، وعلى الخطوة القادمة، وكيف تؤخذ الأمور إلى وضع أفضل، وليس على المجادلة بشأن أيّ خطأ".
ارتكبنا أخطاءً في اليمن
وتعليقاً على أنّ تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التي تتحدث عن "جرائم حرب" ارتكبتها السعودية خلال حربها القامئة على اليمن اعترف بن سلمان أنه خلال أي عملية عسكرية "يحدث أخطاء".
وأضاف أنه لا يمكن خوض أي معركة عسكرية دون وقوع أخطاء، مضيفاً "أنّ واشنطن وموسكو ليستا معصومتين عن هكذا أخطاء" على حد تعبيره.
كما اعتبر أنّ المشكلة الإنسانية في اليمن لم تبدأ في عام 2015، وإنما منذ 2014، حين بدأ "الحوثيون بالتحرك".
وبحسب ولي العهد السعودي فإنّ الرياض لا تلقى دعماً كبيراً من الولايات المتحدة في حربها على اليمن، إضافة إلى أنّ المملكة "لا تسأل عن دعم كبير منها".
الأسد لن يرحل في الوقت الحالي
وفي وقت سابق نشرت "تايم" مقتطفات من حوارها مع بن سلمان، وقد قال إنه ينبغي على واشنطن أن تُبقي قواتها في سوريا للتصدي "للنفوذ الإيراني" على الأقل في المدى المتوسط إن لم يكن في المدى الطويل.
كما رأى أن الرئيس السوري بشار الأسد باق في السلطة، وتمنى ألا يصبح "دمية" بيد إيران.
وفي هذا السياق، أوضح أنّ وجود القوات الأميركية في سوريا هو "المجهود الأخير لمنع إيران من توسيع نفوذها مع حلفاء إقليميين"، حسب تعبيره، مضيفاً أن هذا الوجود العسكري سيتيح لواشنطن الاحتفاظ بدور في تحديد مستقبل سوريا.
واشنطن اقترفت خطأين في الشرق الأوسط
بحسب ولي العهد السعودي فإن الولايات المتحدة الأميركية اقترفت خطأين في الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة.
وأوضح أن الخطأ الأول هو التدخل في العراق، واصفاً ذلك بـ"الخطأ الفادح"، وتابع "كذلك، أعتقد أنه كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تتوقف بعد إكمال المهمة في أفغانستان، وأن تركز على كيفية تحويل أفغانستان من دولة ضعيفة إلى دولة طبيعية".
أما الخطأ الثاني بالنسبة لـ "بن سلمان" فيتمثل في سحب القوات الأميركية من العراق، وتفكيك الجيش العراقي، "هذان هما الخطآن الكبيران اللذان تسببا في ظهور مشاكل أخرى في منطقة الشرق الأوسط"، على حد قوله.
وأكد أيضاً أن "الأخطاء تحدث، ولن تتوقف عن الحدوث لأننا بشر"، مشيراً إلى أن الدول سترتكب الأخطاء والأفراد سيرتكبون الأخطاء، والمهمة تكمن في كيفية تقليل هذه الأخطاء بأكبر قدر ممكن.
الإخوان المسلمون خطر عظيم
وحول نظرة السعودية لجماعة الأخوان المسلمين وصف بن سلمان الجماعة بـ "الخطر الأعظم"، وأوضح أنها تصنّف كجماعة إرهابية.
ورأى ولي العهد السعودي أن منطقة الشرق الأوسط تتبع استراتيجيةً جيدة ضد الإخوان في السعودية ومصر والإمارات والأردن والعديد من الدول الأخرى، فهدف الجماعة الرئيسي يتمثل في جعل المجتمعات الإسلامية في أوروبا متطرفة، حيث تأمل بأن تصبح أوروبا "قارةً إخوانية" بعد 30 عاماً على حدّ تعبيره.
[email protected]