حمَّلت صحيفة "هآرتس" العبرية حكومة بنيامين نتنياهو المسؤولية المباشرة عن أي حرب مقبلة قد تندلع في قطاع غزة نتيجة تردي الأوضاع الإنسانية في القطاع بسبب الحصار الإسرائيلي المشدد والإجراءات العقابية التي يفرضها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
واعتبرت الصحيفة أن خنق قطاع غزة "مؤامرة حمقاء" سترتد على الكيان الإسرائيلي، وستتحمل مسؤوليتها الحكومة الإسرائيلية.
وكتبت أسرة تحرير الصحيفة في مقال بعنوان "إسرائيل هـي المسؤولة عن حرب غـزة المقبلة" بالقول إن "تحذير رئيس الأركان غادي أيزنكوت من أن الانهيار الاقتصادي في غزة يمكن أن يتسبب بمواجهة عسكرية في وقت قريب، لا يمكن أن يكون أكثر وضوحًا".
وتضيف "كما يبدو، فإن الصلة الأكيدة بين ضائقة اقتصادية وبين الانفجار أمر مفروغ منه، لكن حكومة إسرائيل لا تزال أسيرة نظرية تهدد أمن الدولة، وتستند هذه النظرية إلى الافتراض القائل إنه كلما ساء وضع مواطني غزة ضعف حكم حماس".
وتلفت إلى أنه "حتى إذا تجاهلنا النواحي الأخلاقية للضائقة، والفقر، وعدم وجود أفق سياسي واقتصادي، فإن سياسة الحصار والحرب ضد استمرار حكم حماس تحتوي على تناقضات من الصعب التوفيق بينها".
وتنبه "هآرتس" إلى أن "10 أعوام من الحصار أثبتت أن الصيغة الإسرائيلية ليست مفيدة، فحكم حماس لم يضعف فقط بل يتلقى دعمًا من حكومة إسرائيل التي تعتبر الحركة المسؤولة عن كل ما يجري في القطاع، لكنها في الوقت عينه لا تسمح لحماس بإدارة البنى التحتية المدنية في القطاع، والسماح لأكثر من مليوني فلسطيني بالعيش حياة كريمة".
واعترفت الصحيفة بأن الكيان الإسرائيلي يسعى لـ"إسقاط حكم حماس بوساطة ثورة مدنية"، مستدركًا "لم تنشب حتى الآن"، بالإضافة إلى ذلك ليس لديها سياسة توضح من سيُدير غزة بعد سقوط حماس.
وبينت أن "إسرائيل" وضعت شرطين "مستحيلين" لتحقيق خطة إعادة بناء قطاع غزة التي قدمتها من خلال أن تمول الدول المانحة هذه المشاريع وأن لن تدخل حيز التنفيذ إلا تحت إدارة السلطة الفلسطينية.
وتشير "هآرتس" إلى ما تحاول "إسرائيل" ترويجه بأنها تسعى للتخفيف عن غزة، موضحة أنها تريد من الدول المانحة دعم غزة وتضع شروطا لذلك، إضافة إلى أنه حتى لو وافقت هذه الدول فإن سكان "غزة سيتحولون إلى أسرى لقدرة السلطة الفلسطينية على السيطرة عليها".
وتوضح "يجري هذا في الوقت الذي تحارب فيه إسرائيل أي تعاون بين حماس وفتح، ولا تستطيع السلطة السيطرة على غزة من دونه"، وذلك في إشارة إلى العراقيل الإسرائيلية تجاه المصالحة الفلسطينية.
وتضيف "هذه الادعاءات تفرغ مضمون ادعاء إسرائيل أنها غير مسؤولة عن الكارثة التي تحدث في غزة، وإذا نشبت مع ذلك مواجهة عسكرية في غزة، لا يمكن قبول ذريعة إلقاء مسؤولية هذه المواجهة على حماس وحدها".
وتختتم الصحيفة الإسرائيلية أنه "يتعين على الحكومة الإسرائيلية المبادرة فوراً إلى إجراء تحوّل جوهري في سياستها والسماح بإقامة مصانع ومنح سكان غزة عدداً أكبر من تصاريح العمل، والسماح بالاستثمارات الأجنبية، وبتوسيع تصاريح التصدير، ومن دون ذلك فإنها ستكون المسؤولة بصورة مباشرة عن الحرب المقبلة".
كما أشار الكاتب تسفي برئيل في مقال آخر له بعنوان "حصار غزة: حكومة بيبي (بنيامين نتنياهو) تحيك مؤامرة حمقاء ضد إسرائيل!" إلى أن تحذير آيزنكوت من تداعيات الأوضاع الإنسانية في القطاع "لا ينبع من القلق الإنساني وإنما تقييم الحالة العسكرية المهنية التي وضعت على عتبة الحكومة".
واعتبر برئيل في مقاله الذي نشر في "هآرتس" أن "الحكومة تعترف بأن الجيش بنى توازن ردع تجاه حماس"، مستدركا "لكن إذا كان لدى الطرف الآخر ما يخسره، أما عندما يكون شريان الحياة الوحيد أمامه هو شن هجوم عسكري لأنه يفقد السيطرة بسبب عدم قدرته على تلبية احتياجات السكان الذين يسيطر عليهم فإنه سوف يهاجم أو يحاول التوصل إلى حل وسط مع العدو".
ولفت إلى أن "خيار التسوية ليس قائما في غزة كما هو غائب في لبنان، فالفرق بينهما هو أنه في لبنان لا تزال تعمل قوى الكبح لأن قوة حزب الله السياسية تعتمد على التعاون مع الأحزاب المنافسة وتخضع لاعتبارات إقليمية بل حتى دولية تمليها مصالح إيران وسورية".
وأضاف برئيل "بينما لا توجد في غزة قوة محلية يمكنها أن تملي على حماس خطواتها، ولم تحقق مصالحتها مع مصر أي نتائج من شأنها أن تعزز وضعها طالما أن معبر رفح لم يفتح بشكل منتظم ومستمر".
وأردف "النتيجة هي أن استراتيجية الحصار، التي كان الهدف منها هو إسقاط حماس قد أفلست، لأن إسرائيل لم تعد تملك أدوات فعالة للضغط المدني الناجع على قطاع غزة".
وأشار الكاتب الإسرائيلي إلى أنه "في التوازن بين التهديد الذي تمثله حماس القوية والفوائد التي يمكن جنيها من قوته استنتج الجيش الإسرائيلي أنه من المفضل وجود سلطة "حماس" في الظروف السياسية الحالية".
ورأى أنها كلما تطور الوضع الاقتصادي في القطاع بشكل أكبر كان لدى "حماس" شيء أكبر ستخسره، مضيفا أن "هذه رؤية عسكرية واضحة لا تتطلب مفاوضات مع المنظمة من أجل السلام أو الانسحاب من الأراضي".
[email protected]