تحوّل التصريحات العنصرية والتحريض المُمأسَس تجاه المواطنين الفلسطينيين إلى جزءٍ من الخطاب السياسي!
تكريس الاحتلال متمثلًا بقانون التسويّة!
تفاقم الكوارث الإنسانية والبيئية في قطاع غزة على شفى تحوّلها إلى مكان "لا يليق بسكنى البشر"!
أصدرت جمعية حقوق المواطن تقريرها السنوي الذي يحمل عنوان “حقوق الإنسان في إسرائيل – عرض الواقع 2017”، وذلك احتفاءً باليوم العالمي لحقوق الإنسان، الموافق 10 كانون الأوّل. يعرض التّقرير الوضع الحاليّ لحقوق الإنسان في الدولة، ويستعرض آخر وأهمّ المُستجدّات في مجالات مُختارة تتعلّق بحقوق الإنسان في إسرائيل والأراضي المُحتلّة.
يحاول هذا التّقرير الإشارة والتحذير من أبرز الانتهاكات لحقوق الإنسان، والإشارة الى المنحى المقلق الذي يتمثّل بتآكل الحيّز الديمقراطي. تجلّى هذا في إسكات الآراء والنقد العموميّ، المسّ بالتعدّدية وبشرعيّة وجود تشكيلة من المواقف والأفكار والآراء المختلفة؛ نزع الشرعية عن الخصوم السياسيّين، الصحفيّين، الأقلّيات ومنظمات حقوق الإنسان، ووصمهم كـ"خوَنة"؛ المسّ بحرّية التنظيم والتضييق على أصحاب المواقف والنشاطات غير المقبولة على الأغلبية السياسية.
في السنوات الأخيرة أصبحت التصريحات العنصرية والتحريض المُمأسَس تجاه المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، بهدف تركيم راس المال السياسي، تكتيكًا منتشرًا بين منتخبي الجمهور، وأضحت جزءًا لا يتجزّأ من الخطاب السياسي- العامّ. هكذا هو الحال في الأوقات العاديّة، ويتفاقم الوضع في أوقات الطوارئ ولدى وقوع أحداث صعبة. على خلفيّة التحريض المتواصل، ليس مفاجئًا أنّ الشرطة تتبنّى سياسة اليد الخفيفة على الزّناد حين تتعامل مع المواطنين العرب، ناهيك عن القوانين العنصري كقانون القومية، وقانون المؤذن، و"قانون كمينيتس" الذي يشدّد تطبيق القانون والعقوبات على مخالفات البناء.
أما في النقب فقد تمت المُصادقة على خطّة خمسيّة لتطوير اقتصاديّ اجتماعيّ في النقب. تتمحور الخطّة في أربع قنوات استثمار أساسيّة: التربية والتعليم، الاقتصاد، تطوير البنى التحتية وتمكين السلطات المحليّة، للوهلة الأولى يمكن مباركة سخاء الحكومة، ولكنّ فحصًا أعمق للخطّة يبيّن أنّها لا تحمل بشرى حقيقيّة، إذ هي تشترط توجيه الميزانيات إلى السكّان العرب البدو في النقب بإخلاء القرى غير المعترف بها ودحْر سكّانها إلى بلدات مدنيّة تنقصها البنى المادّية والتشغيليّة بحيث تحوّلت إلى بؤر فقر، ناهيك عن أنّها تخالف في طبيعتها نمط الحياة القرويّ الذي يفضّله السكّان.
أما الاحتلال بعد مرور 50 سنة، يُلاحظ أنه آخذ بالتعمّق متمثلا بعمليّة الضمّ، فالحكومة لا تكترث للآثار السياسية والأخلاقية الخطيرة لمشروع المستوطنات، ولا الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان التي للفلسطينيين القابعين منذ خمسين سنة تحت حُكم عسكريّ إسرائيلي. قيادات الدولة، ليس فقط لا يهمّها وجود جهازين قضائيّين (ومنظومتَي قوانين) في الأراضي المحتلة، واحد للفلسطينيين والثاني للإسرائيليين، بل هي معنيّة بتعميق وجودهما. هذا التوجّه أدّى في السنة الماضية إلى فيض من مشاريع القوانين التي تقترح الضمّ المباشر أو غير المباشر، بلغ ذروته (الحاليّة) بسنّ "قانون التسوية".
في تمّوز 2017 نشرت الأمم المتحدة تقريرًا تضمّن تكهّنات مروّعة، تقول بأنّه حتى عام 2020 سوف يصبح قطاع غزة مكانًا "لا يليق بسكنى البشر": تزويد الكهرباء منقوص، مصادر المياه تكاد تكون ملوّثة كليًّا، الخدمات الصحّية وخدمات حيوية أخرى آخذة في الانهيار، والفقر والبطالة يتفشّيان.
[email protected]