أقيمت شعائر خطبة وصلاة الجمعة المباركة الأولى من شهر ربيع الأول في جامع عمر المختار يافة الناصرة بحضور حشد غفير من أهالي البلدة والمنطقة.
وبعد أن رفع القارئ الشيخ سليم خلايلة الاذان الثاني ألقى الخطبة الشيخ موفق شاهين إمام وخطيب الجامع واستهلها بحمد الله سبحانه وتعالى والشهادة به وبالرسول الكريم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث عاش المصلون أجواء إيمانية روحانية خاشعة تعطرت شذرات ونسمات ونفحات أنوار المولد النبوي الشريف، وقال: "لقد دخلنا في شهر الأنوار في شهرٍ وُلِدَ فيه النبي المختار هذا الشهر الذي إزدانت به الدنيا واهتزت الأرضُ طربًا لقدوم خير البشر، لقد دخلنا وولجنا شهر ربيع الأول وما أدراك ما ربيع، فقد ولد في هذا الشهر خير البشر النبي المفتخر زينة الدنيا والآخرة وشفيع الخلق يوم أن يحشر البشر خير الأنبياء والمرسلين سيد الأولين والاخرين المفتخر صاحب الايات الكُبر الذي بعثه الله بشيرًا ونذيرًا للبشر من مضر الذي حاز الجمال والكمال وفاق جمال القمر، مولد النبي المفتخر في شهر ربيع الأول الذي عليه في الدنيا والآخرة المعول ميلاد الحبيب المصطفى".
وأضاف: "شهر ربيع الذي أهداه الله للبشر بعد الظلام الذي عاشوا فيه بعد الظلال الذي عانوا منه بعد الظلم الذي تجرعوه سمًا، أهدى البشرية ميلاد الحبيب فأيقظهم وهدى الله به فجمع بعد الفرق ووحد بعد الشتات وهدى به بعد الظلام فأسمع الله ببعثته قلوبًا أُلفى وآذانًا صمى، نعم يأتي المولد مرة أُخرى والأُمة أمرها مُضحك وفي ذات الوقت مُبكي، تأتي ذكرى المولد من جديد علها تكون صرخة في واد أو نفخة في رماد توقظ النيام وتحيي الأموات وتهز القلوب والنفوس من جذورها لتتقي الأُمة ربها من جديد وترجع إلى دينها وإلى مكانتها الحقيق بها ترجع إلى قيادة الأُمم ليس تكبرًا ولا عجرفةً ولا عنصريةً لا بالعكس رحمةً بالبشر ورهفةً على البشر وحبًا للناس، لا إنقاذ للبشرية إلا بدين الله إلا بالعدل والمساواة وهذا الأمر ليس منشودًا إلا في ظل دين نزل من عند الله إلا في ظل أن يوقظ ذلك الضمير البشري داخل كل إنسان ليعلم أن الدين ليس طقوسًا تعبدية وأن الدين ليس عنصرية وأن الدين ليس إلغاء باقي البشر وأن الدين ليس نقمة على باقي البشر، الله لم يقسم البشر، الله نظر إلى الناس سواء لأن الذي خلقهم هو الله فنحن صنيعته ونحن خليقته وهو الرحيم وهو الرحمن وهو الذي أراد لنا الهداية ((وربك الغفور ذو الرحمة))، ((إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر))، ومن شدة حبه للإنسان أعطاه أرقى درجة في حرية الاختيار ((من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر))، لم يعطي تلك الحرية حتى للملائكة ((لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون))، وقد يعطي أكثر لغير المؤمن من المؤمن، ولي الله لا ولي الشيطان، إنفع الناس لا تضرهم لا تقتل لا تكذب لا تزني لا تعتدي لا تظلم ((إن الله لا يحب المعتدين))، (أقبل على الله يُقبل الله عليك)، (إذا تقرب العبد إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإذا تقرب إلي ذراعًا تقربت منه باعًا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة)، ((يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم)".
وتابع: "يأتي شهر ربيع بأنواره في زمن الظلام صرخة في عالم الظلم، يا أيها البشر لماذا تتقاتلون في ظلمكم لأبناء جنسكم؟، يأتي شهر ربيع لعل الأُمة تصحو لعل البشر يتقي الله (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته)، لن تبقى الفرصة مفتوحة للجميع وكل شيء خلقه بقدر ((وتلك الأيام نداولها بين الناس))، التاريخ استاذ شاهد، هذا درس للبشر تقوى الله، يأتي ربيع الأول لنشحن الهمم من جديد ونقبل على النبي عليه الصلاة والسلام نتآزى به ليس كلام فارغ وشعارات كما قال الإمام الشافعي (تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا محال في القياس بديعُ لو كان حبك صادقًا لأطعمته إن المحب لمن يحب مطيع)، الدين قلب وخلق ونفس طيبة، الحروب التي تطحن بها الرؤوس وتجز وتشق القلوب بإسم الدين ما ظهر منها وما بطن ((وما نقموا منهم يؤمن بالله العزيز الحميد))، إذا استقيظ المارد الإسلامي في قلوب المسلمين لا يبقى إلا العدل في الأرض".
وبين فضيلته الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة الدالة على حسن خلق الرسول الكريم النبي محمد صلى الله عليه وسلم ورحمته وطيب عشرته وأوصى المصلين بالتخلق بخلقه والتأدب بأدبه والإقتداء به في سائر أحوالهم.
وتطرق إلى قبيلة قريش أرادت أن تتبع النبي ولكن الصحابة بلال وصهيب وعمار بن ياسر أعلى منهم، الله سبحانه وتعالى أنزل في القرآن الكريم ((وأصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا))، ذهب النبي إلى زعماء قريش لا يتنازل عن صهيب، موضحًا القيمة بالإنسانية ليس بما يملك الإنسان.
وأشار إلى سلمان بن فارس عندما آمن بأهل البيت وقول أمير الشعراء أحمد شوقي (ليس الجمال بأثواب تزيننا إنما الجمال جمال العلم والأدب كن إبن من شئت واكتسب أدبًا يغنيك محموده عن النسب)، لافتًا تقدير الإنسان كإنسان بخلقه وعمله وأدبه، وحديث (الخلق كلهم عيال الله عز وجل، فأحب خلقه إليه أنفعهم لعياله).
ودعا المصلين إلى الاحتفال والإحتفاء بمولد النبي عليه الصلاة والسلام في المسجد يوم الجمعة القادم 1.12.2017 قبل الخطبة حيث يتخلل الاحتفال ابتهالات وذكر والدعاء والصلاة على صاحب الذكرى عليه الصلاة والسلام.
وفي الختام دعا الله سبحانه وتعالى أن يجعل الذكرى العطرة نورًا ويوحد الصفوف ويحقن الدماء.
[email protected]