أعلنت اليونان الحداد الوطني، يوم أمس الخميس، إثر مصرع 15 شخصا غرب أثينا بسبب فيضانات اعتبرتها وسائل الإعلام كارثة محققة، بينما ألقى علماء بالمسؤولية على التخطيط الحضري غير المنظم المستمر منذ عقود.
وذكر جهاز رجال الإطفاء أن خمسة أشخاص ما زالوا في عداد المفقودين، وأن 12 شخصا مصابين بعد 24 ساعة على انهيار سيل من الأوحال على المناطق المتضررة، أي بلدات نيا بيراموس وماندرا وميغارا التي تبعد حوالي 50 كيلومترا غرب أثينا.
وما زاد من مخاوف السلطات أيضا هطول الأمطار الغزيرة مجددا على كل أنحاء منطقة العاصمة، والتي من المتوقع أن تتواصل حتى نهاية الأسبوع، على الأقل، كما تقول مصلحة الأرصاد الجوية.
وقال مسؤول في الدفاع المدني إن "مشكلتنا في الوقت الراهن هي مواجهة حركتي سيول، لا تزال إحداها مستمرة مع أنقاض في وسط مدينة ماندرا. وثمة الآن عاصفة، والعمليات بالغة الصعوبة".
وعزا هذا المسؤول حجم الخسائر البشرية إلى نزول الوحول من المرتفعات المجاورة لجبل باتيرا فوق ماندرا. وقال "كان الوقت مبكرا، وعدد كبير من الأشخاص في سياراتهم استعدادا للتوجه إلى أعمالهم عندما وقعت الكارثة".
وعنونت الصحف المحلية "الطبيعة تنتقم بقسوة" و "سيل من المسؤوليات" و"كارثة غير طبيعية"، ملقية المسؤولية على عدم احترام قواعد استصلاح الأراضي، المزمن في اليونان منذ عقود.
وكان قد انتشل عمال الإنقاذ خلال عمليات الإغاثة جثث ضحايا غالبيتهم قضوا غرقا، وبعضهم علقوا في منازلهم على غرار عجوزين في الثمانين من العمر يسكنان في طوابق سفلية.
وجرفت السيول إلى البحر جثتي رجلين، أحدهما سائق شاحنة في السابعة والأربعين من العمر، بينما كان يحاول الخروج من آليته الغارقة. وقد انتشلتهما شرطة المرافئ.
من جهته، قال نائب عمدة نيا بيراموس، ستافروس فوتيو، إن "شوارعنا قد تعرضت للتدمير الشامل... وغمرت المياه حوالى ألف منزل، أي ثلث المدينة".
وما زال أكثر من مئة رجل إطفاء يشاركون في أعمال الإغاثة، فيما غمرت الوحول مساكن ومحاور طرقات واستئناف عمليات الإمداد بالتيار الكهربائي والماء التي تعطلت منذ الأربعاء.
وقال المتحدث باسم الحكومة، ديميتريس تزاناكوبولوس، في تصريح تلفزيوني "نجحنا حتى الآن في السيطرة على الوضع ونأمل في ألا يكون سقط مزيد من الضحايا".
انهمك الخبراء من جهتهم في النقاش المتعلق بأسباب الكارثة، محاولين بذلك حمل السلطات الرسمية على التحرك.
وقال الخبير الجيولوجي ديميتريس بابانيكولاو إن "الكارثة كانت محققة" فعمليات التخطيط المدينية في المنطقة أدت إلى سد مجاري المياه، غير عابئة بالضرورات البيئية.
وأضاف في تصريح لوكالة آنا اليونانية للأنباء (شبه رسمية) "في الجامعة، جعلنا من ماندرا نموذجا لمخاطر الفيضان"، منتقدا "تدخلا بشريا اتسم بجهل ولامبالاة إجراميين".
كذلك تحدث الخبير البيئي ميخاليس بتراكيس عن مخاطر تكرار هذه المآسي نظرا إلى تداعيات الاحترار المناخي.
وذكرت شبكة "إي.آر.تي" إن هشاشة أثينا ومنطقتها أمام الفيضانات قد تأكدت من خلال عدد كبير من الكوارث التي أسفر أقساها عن 40 قتيلا في 1961.
والمأساة الأخيرة من هذا النوع تعود إلى 1994، عندما لقي تسعة أشخاص مصرعهم في حي قريب من الواجهة البحرية في أثينا بسبب نقص في أعمال الصيانة
[email protected]