سيادة المطران عطا الله حنا : " ان نفسي حزينة حتى الموت على ما تمر به كنيستنا وحضورنا المسيحي العريق في هذه الارض المقدسة "
القدس – قال سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس صباح اليوم بأن كنيستنا الارثوذكسية في الارض المقدسة تمر بنكبة وانتكاسة غير مسبوقة في ظل حالة ترهل وخلل وضعف ، ان كنيستنا الارثوذكسية في خطر شديد وهنالك تحديات وجودية تتعرض لها كنيستنا ، والمتآمرون كثيرون والمتخاذلون والمتواطئون موجودون وهنالك من يضعون رؤوسهم في الرمال كالنعامة ويتجاهلون الواقع المأسوي الذي وصلنا اليه والذي هو ناتج عن تراكمات لتجاوزات واخطاء خلال السنوات الاخيرة وتجاهل وجود هذه الاخطاء والتجاوزات لن يحل المشكلة بل سيزيدها تعقيدا وكل هذا سينعكس سلبا على حضور ورسالة كنيستنا في هذه الارض المقدسة وعلى الحضور المسيحي بشكل عام .
ليس كافيا ان يتفرج البعض على هذه المهزلة التي نمر بها وهم مكتوفي الايدي صامتين لا يحركون ساكنا ، ان الصمت امام هذه التجاوزات والاخطاء التي ترقى الى مستوى الخيانة انما هو اشتراك في الجريمة المرتكبة بحق كنيستنا .
لقد تعرضنا خلال الايام الماضية لعدة تهديدات ومن عدة اطراف حيث قيل لنا بأننا يجب ان نتوقف عن الحديث عن مسألة العقارات المسربة ولا يجوز انتقاد هذه الحالة التي وصلنا اليها ويجب ان نكون في حالة صمت ونحن نرى ما يرتكب بحق كنيستنا من جرائم .
ما اود ان اقوله ولانني اسقف ارثوذكسي خادم لكنيسة المسيح بأن ضميري الكنسي والوطني والانساني لا يسمح لي بأن اكون صامتا ومتفرجا ونحن نرى ان بطريركيتنا العريقة تنهار امامنا وكل شيء فيها في حالة شلل وخلل غير مسبوق .
لست من اولئك الذين يصمتون امام الاخطاء والتجاوزات التي ترتكب بحق كنيستنا ، وانتقادنا لهذا الواقع الذي نمر به نابع من ايماننا والتزامنا الكنسي وانتماءنا الاصيل لهذه الارض المقدسة ، انه نابع من غيرتنا على كنيستنا، نحن لا نحرض على احد ولا نسيء لاحد ولسنا من اولئك الذين يوزعون شهادات خيانة او حسن سلوك على احد ، ولكن الواقع المأساوي الذي نمر به يجب ان يجعلنا جميعا ان نتحرك وبأسرع وقت ممكن لوقف هذه الانتكاسة والكارثة التي تتعرض لها كنيستنا في ظل حالة تآمر وتخاذل من بعض الاطراف السياسية التي نحملها المسؤولية المباشرة على ما وصلنا اليه اليوم من حالة ترهل وخلل وتفريط وتسريب لعقاراتنا التي هي جزء من تاريخنا وتراثنا وانتماءنا لهذه الارض المقدسة .
هنالك حاجة ملحة لتحرك سريع لانقاذ ما يمكن انقاذه فنحن على شفا الهاوية وكنيستنا في حالة ضياع وتمر بحالة ترهل وخلل لم يسبق لها ان مرت بها في اي وقت من الاوقات .
اسرائيل هي المستفيد الحقيقي من كل ما يحدث فهي التي تسرق منا عقاراتنا واوقافنا وهي المستفيد الحقيقي من اضعاف وتهميش الحضور المسيحي في هذه الارض المقدسة ، المسيحيون في بلادنا مستهدفون في تاريخهم وفي هويتهم وفي ثباتهم وصمودهم في هذه الارض المقدسة كما انهم مستهدفون في اوقافهم ومقدساتهم .
اشعر بالالم والحزن والحسرى على ما وصلنا اليه في كنيستنا التي تاريخها لم ينقطع لاكثر من الفي عام ونريد ان يستمر حضور كنيستنا في هذه الارض المقدسة وان تؤدي رسالتها الروحية والانسانية والاجتماعية والوطنية .
اشعر بالالم والحزن والحسرة على ما وصلنا اليه من حالة ترهل وضعف وتراجع غير مسبوق في ظل وجود متآمرين كثيرين على كنيستنا ، هنالك سماسرة وعملاء ومرتزقة يسعون لتدمير ما تبقى من كنيستنا وسلب ما بقي من اوقاف وعقارات ارثوذكسية في هذه الارض المقدسة .
قضيتنا ليست قضية عقارات تسلب منا فحسب بسبب حالة الفساد القائمة فالخلل موجود في كافة المرافق المرتبطة بالكنيسة ، خلل اداري وخلل مالي وخلل في الشؤون الروحية والرعوية والكنسية ، كل شيء مدمر في كنيستنا، كل شيء يمر بحالة ترهل وتراجع والبعض يتفرجون ويعرفون جيدا ما نمر به وهم في حالة صمت كالاموات الذين هم في قبورهم .
ان نفسي حزينة حتى الموت على كنيسة نعتبرها ام الكنائس وقد حولها الاعداء الى مؤسسة عقارية فاقدة لرسالتها الروحية والرعوية والكنسية .
ان نقدنا لهذا الواقع الذي نمر به نابع من محبتنا لكنيستنا .
ان توصيفنا لهذه الحالة التي وصلنا اليها في كنيستنا ليس لاننا نضمر الشر والكراهية لاحد ، نحن لا نكره احد ولا نعادي احدا ولكننا لا يمكننا ان نكون متفرجين وبطريركيتنا العريقة تنهار امامنا في كل يوم وفي كل ساعة، نحن بحاجة الى اجراءات اصلاحية سريعة وحاسمة ، نحن بحاجة الى مبادرات خلاقة لاصلاح هذا الواقع المأساوي الذي وصلنا اليه .
اما ابناء رعيتنا فهم الضحية الاولى لحالة الخلل والتراجع التي نعيشها ، ابناء كنيستنا هم الضحية الاولى لحالة الدمار والخراب التي نلحظها والتي تسريب العقارات هو واحد منها ، رعيتنا منهكة وتعيش حالة احباط ويأس في ظل انعدام وجود حلول قريبة وسريعة للمعضلات التي وصلنا اليها ، رسالتنا الى ابناء رعيتنا لا تستسلموا للاحباط واليأس والقنوط حتى وان شاهدتم بأن اعداء الكنيسة وصلوا الى داخلها لكي يدمروها من الداخل ، صلوا بلا انقطاع من اجل كنيستكم ولا تتخلوا عن هذه الكنيسة الام التي يتآمر عليها الكثيرون ويصلبها ويطعنها المتخاذلون والمتآمرون ، ثقوا بأن الرب لن يترك كنيسته وهو الذي سيتدخل في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة ، لا تتوقعوا خيرا من سياسيي هذا العالم الذين همهم هو فقط مصالحهم واجنداتهم واهدافهم الشخصية ، نحن نراهن على ربنا ومخلصنا وفادينا بأنه لن يترك كنيسته تضيع ولن يترك رعيته بلا راع ولن يترك كنيسته بلا ربان يقودها الى بر الامان .
نعيش حالة مأساوية ونحن نقرأ عن الفضائح التي تطالعنا بها الصحافة في كل يوم ولكن لا يجوز لنا ان نستسلم للاحباط ، علينا ان نلجأ الى ربنا فهو الذي يعزينا ويقوينا في الصعاب وفي الالام والاحزان ، لا تتركوا كنيستكم وهي تتعرض الى هذا الكم الهائل من المؤامرات من القريبين والبعيدين عنها ، الكنيسة هي انتم وبدونكم فلا توجد كنيسة ، الكنيسة ليست اولئك الذين يأتون الينا لكي يتاجروا بأوقافنا ويبيعونها بأبخس الاثمان ولكي يتخلوا عن رسالة الكنيسة الرعوية والروحية والكنسية ، نهضة الكنيسة نصنعها نحن ولا نتوقع ان تأتي الينا من اي مكان من هذا العالم ، نصنعها من خلال محبتنا لبعضنا البعض ، وباستقامتنا وصدقنا وانتماءنا وتعلقنا بإيماننا وتراثنا الروحي والكنسي ، لا تتخلوا عن كنيستكم التي تخلى عنها الكثيرون، لا تتخلوا عن كنيستكم التي يتآمر عليها الكثيرون ويجلدونها ويصلبونها ويطعنونها بخياناتهم وعمالتهم .
احبوا كنيستكم وان كانت تمر بحالة مرض ونحن متأكدون بأنها ستتعافى في وقت من الاوقات بإيمان ابنائها ووحدتهم وتضامنهم وحكمتهم واستقامتهم ووعيهم .
كونوا على قدر كبير من الوعي لأن هنالك من يريدوننا ان نكون بلا وعي، كونوا على قدر كبير من الاستقامة لأن هنالك من يريدوننا ان نعيش بدون صدق واستقامة ، كونوا بعيدين عن الكذب والنفاق حيث ان البعض يريدوننا ان نكون غارقين في حالة الكذب والنفاق .
ان نهضة كنيستنا لن تكون بالكذب والنفاق وانما بالايمان والصدق والاستقامة وكلكم مطالبون لكي تكونوا جزءا من مسيرة اصلاح كنيستنا ، لا تكونوا صامتين ومتفرجين على ما يرتكب بحق كنيستكم لانه حينئذ ستكونون شركاء في الجريمة المرتكبة بحق كنيستنا .
ولاولئك المسيئين والمحرضين نقول بأنه ستكون اجراءات قضائية بحقكم ونحن نعرف اسماءكم ومن يوجهكم والجهات المشبوهة التي تدعمكم وتحرككم على الرموت كونترول خدمة للمشاريع المعادية لكنيستنا وللحضور المسيحي العريق في ارضنا المقدسة .
التفت الى ابناء الكنائس المسيحية الاخرى في بلادنا فأقول بأننا بحاجة الى صلواتكم ووقوفكم الى جانبنا ونحن نمر بهذه المحنة الغير مسبوقة في تاريخ كنيستنا .
اذا ما كان اخوك مريضا فعليك ان تكون الى جانبه في مرضه وان تعزيه وتقويه ، ونحن نمر بحالة مرض نحتاج فيها الى اخوتنا وشركاءنا في الايمان المسيحي الواحد لكي يكونوا معنا ويساعدوننا ، فنكبة الكنيسة الارثوذكسية هي نكبة للحضور المسيحي في هذه الارض المقدسة وما نتعرض له ككنيسة ارثوذكسية سينعكس سلبا على الحضور المسيحي في بلادنا وفي ارضنا المقدسة .
نتمنى من ابناء شعبنا الفلسطيني الا يكونوا متفرجين على ما يرتكب بحق كنيستنا من جرائم من قبل حفنة من العملاء والمرتزقة والسماسرة اصحاب الاجندات الشخصية ، اوقفوا مهزلة تسريب اوقافنا الارثوذكسية وارفعوا الصوت عاليا منادين بالحفاظ على الحضور المسيحي العريق في هذه الارض المقدسة ، ان استهداف الحضور المسيحي والاوقاف المسيحية انما هو استهداف لوطننا ولشعبنا ولقضيتنا ، انه استهداف لفلسطين وهويتها الحقيقية وتاريخها وتراثها واصالتها .
لا تتركوننا لوحدنا نقارع جلادينا فكونوا عونا لنا ونحن نعمل من اجل افشال هذه المؤامرة التي تستهدفنا وتسعى لتصفية ما تبقى من اوقاف ارثوذكسية في هذه الارض المقدسة ، ان اولئك الذين يفرطون بعقاراتنا واوقافنا لا يمثلوننا لا من قريب ولا من بعيد وهؤلاء هم دخلاء على كنيستنا، لم يأتوا من اجل خدمتها ورفع شأنها وانما اتوا من اجل تدميرها والنيل من مكانتها وهؤلاء لا علاقة لهم بعراقة الحضور المسيحي في هذه الارض المقدسة .
وقد جاءت كلمات سيادة المطران عطا الله حنا هذه لدى لقائه صباح اليوم وفدا من ابناء محافظة بيت لحم الذين يزورون مدينة القدس .
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]