شارك مؤخرًا السيد مصطفى أبو ريّا، مدير عام شركة مياه الجليل في المؤتمر الدولي لمنظمة المياه العالمية في مدينة غوتينبرغ في السويد. حيث تناول المؤتمر أهم التحديات التي تواجهها المدن والدول في قضايا المياه والنقص في هذا المورد الحيوي. وقد استعرضت محاور المؤتمر التوجهات والخيارات المطروحة أمام الدول، بين التنافس وخوض الصراع بهدف الوصول إلى مصادر المياه أم انتهاج التعاون والعمل المشترك فيما بينهم من أجل الوصول إلى النجاعة القصوى في هذا المضمار.
وقد أكد المشاركون في المؤتمر بأن العالم يتغير ويسير بسرعة في ظل العولمة وتحوله إلى "قرية كونية"، وعلى الجهات المسؤولة أن تتبادل الخبرات والتجارب المختلفة بهدف تناقل النجاحات ومحاولة الأخذ بها محليًا، لأن توفر الماء وتوزيعه بشكلٍ عادل يساهم في الحفاظ على التطور، التنمية، جودة الحياة، سلامة المواطنين وصحتهم.
كما وتناول المشاركون أهمية التخطيط الاستراتيجي والإدارة الذكية والسليمة لقطاعي المياه والصرف الصحي في ظل التغيرات السريعة والمستمرة في العالم وهو هام جدًا من أجل الاستمرارية في الحياة ودوام التطور. وقد أكد المشاركون أن على الجهات المسؤولة تغيير بعض توجهاتها التي لا تواكب مميزات العصر والتطورات الحاصلة بهدف الحفاظ على جودة المياه ووفرة المصادر وذلك عبر إقامة مؤسسات وطواقم عمل يتم تأهيلها وتنجيع مستواها المهني وإشراك المواطنين في عملية التخطيط من أجل سد الاحتياجات والمتطلبات ومراعاة التحديات المختلفة.
وخلال المؤتمر قدم السيد مصطفى أبو ريّا محاضرة مركزية أمام المشاركين، واستعرض خلالها أهمية المياه في العصر الحالي حيث أشار في معرض مداخلته بأن المياه تشكل 71% من مساحة كوكب الكرة الأرضية ولكن فقط 0.25% منها صالحة للاستخدام. كما وقال أبو ريّا بأن التطور العمراني، التمدن والتنمية أدت فيما أدت إليه إلى تدوهر البيئة إضافة إلى تغيرات المناخ الدائمة مما يتطلب من جميع المؤسسات الفاعلة، الحكومية وغير الحكومية أخذ دور فعال وحيوي من أجل معالجة هذه الاسقاطات وضمان التنمية المستدامة، خصوصًا في مجال المياه لأنها الأساس للتنمية.
وقد استعرض ابو ريّا تجربة إقامة اتحادات المياه وخصخصة هذا المجال عبر نقل إدارته من السلطات المحلية إلى شركات عامة. وأكد أبو ريّا أنه ليست هنالك إجابة واحدة فهنالك ايجابيات وسلبيات لهذه التجربة ولكل بلدة تجربتها الخاصة وعوامل نجاح ومعيقات خاصة بها تتعلق بالعوامل المحلية. واستعرض ابو ريّا التجربة في إسرائيل، حيث كان قطاع المياه والصرف الصحي من مسؤولية السلطات المحلية، مما أدى إلى فشلها وخلق أزمة مالية داخل هذه السلطات المحلية الأمر الذي حد من نجاعة هذا القطاع. وبناءً على ذلك، قررت الحكومة نقل إدارة ومسؤولية المياه والصرف الصحي من البلديات إلى مؤسسات مهنية منفصلة، اتحادات المياه، وقامت بسن قانون "المياه والصرف الصحي الشركات لعام 2001".
كما وأشار أبو ريّا في محاضرته إلى أطروحة الماجستير التي قدمها في إطار اللقب الثاني في دراسات المياه في جامعة حيفا حيث أثبت بشكل ملموس وعلمي التغييرات التي طرأت على مجال المياه بعد انتقال ادارتها من السلطات المحلية إلى المؤسسات المهنية. حيث استطاعت هذه الأجسام تطوير البنية التحتية واستبدال الشبكات والأنابيب القديمة بشبكات حديثة تلاءم احتياجات المواطنين. كما وقامت اتحادات المياه بتخفيض نسبة ضياع وهدر المياه واستطاعت أيضًا رفع نسبة الجباية وتجنيد أموال أكبر للاستثمار في المشاريع المختلفة كما وقامت بتنجيع عملية تزويد المياه وتنظيمها دون انقطاع يذكر. كل هذه العوامل زادت من نسبة رضا المواطنين عن الخدمات وعن شركات المياه وهذا تبين من خلال استطلاعات الرأي التي قامت بها مياه الجليل وشركات أخرى في البلاد. وكانت الرسالة الأساسية في المحاضرة التي قدمها أبو ريّا أن أزمة المياه هي ادارية وليست قضية النقص في موارد المياه كما يدعي البعض ويجب ادارة المياه بواسطة جسم المهني مستقل يقوم بالتشبيك بين كافة الأجسام المسؤولة بغية ادارة هذا المورد بشكل ناجع.
وعلى هامش المؤتمر التقى السيد أبو ريّا مع السيدة ان سوفي هيرمانسون رئيسة بلدية غوتنبرغ التي افتتحت المؤتمر ومع السيد جان الياسون نائب الأمين العام للأمم المتحدة.
وفي حديث مع مصطفى أبو ريّا قال: "هذه المؤتمرات هامة جدًا وبالإمكان التعلم منها الكثير وذلك عبر الاطلاع على تجارب الدول والمدن والشعوب المتطورة". وأشار أبو ريّا إلى أنه سيبحث إمكانية إرسال موظفين مهنيين إلى مؤتمرات عالمية ودولية تبحث موضوع المياه من أجل الاستفادة والتعلم ومحاولة نقل بعض الخبرات والتجارب إلى البلاد بهدف تنجيع ادارة عملية تزويد المياه وتقديم الخدمات في هذا المجال.
[email protected]