يستقبل اللاجئون السوريون في مصر شهر رمضان هذا العام، وهم بعيدون عن سوريا، بعد أن أجبرتهم الحرب التي شنها نظام الأسد ضدهم، على ترك بلادهم واختيار اللجوء، كحل مؤقت في انتظار ما ستسفر عنه الأيام.
أربعة مواعيد مع رمضان في الثورة، ثلاثة منها في اللجوء، كانت كافية ليتأقلم السوريون مع أي أجواء يوضعون فيها، وهذا ما فعلوه في مصر، حيث قرروا أن يجعلوا رمضانهم المصري سوريا بامتياز، فبدأوا يعدون العدة لاستقبال الشهر الكريم، حاملين عاداتهم وتقاليدهم إلى جمهورية مصر، واضعين النكهة السورية الخاصة على شهر الصيام، و مصرين على الحياة التي حاول الأسد سرقتها منهم.
شهر الخير والرحمة
يسعى القائمون على المنظمات السورية في مصر إلى مد يد العون إلى المحتاجين من اللاجئيين السوريين فيها، حيث يعمل فريق "فرحة سورية"، بالتعاون مع عدد من منظمة سوريا الغد الإغاثية إلى تقديم سلات غذائية للسوريين المتواجدين في مصر،تساعدهم على إمضاء شهر رمضان دون الحاجة إلى أحد، ولأنه شهر الخير والبركة، يؤكد شاهر الرجوب المنسق العام للفريق أنه سيتم توزيع نحو 3000 سلة غذائية للعائلات السورية في منطقة السادس من أكتوبر، التي تعتبر المعقل الأساسي للاجئيين السوريين في جمهورية مصر العربية.
مأكولات سورية رمضانية
على امتداد شارع الأمريكية في مدينة السادس من أكتوبر، ينتشر الباعة السوريون على عرباتهم وطاولاتهم، التي مُلئت بالأطعمة السورية الرمضانية التقليدية.
فمن المعروك بأنواعه، إلى اللبنة والجبنة والمخللات السورية الشهيرة، والمربى السورية المصنوعة يدويا (المعقود) مثل "المشمش والكرز والتين والبرتقال" ،تتنوع الأغذية السورية ،التي تبهر العين المشاهدة لها ،بسبب طريقة عرضها وصفها ،والتي يتفنن الباعة فيها ،في محاولة منهم لجلب الزبائن إليهم ،حيث يقول أبو رائد (صاحب بسطة): "إن الزبون المصري والسوري يحبان على السواء، رؤية البضاعة النظيفة المرتبة بطريقة جميلة، فعلى رأي المثل "العين تأكل قبل الفم" ولهذا نسعى لنقدم لزبائننا شيء يسرهم ويجعلهم يشترون من عندنا بارتياح كامل.
دواء العطش السوري
يلفح رمضان مصر بحرّه وجوه السوريين، وتضرم الشمس نارها في حلوقهم، وليس من معين لهم على الصوم بعد الله، سوا كأس شراب بارد يعد خصيصا لعطش رمضان, حيث تجاور بسطات الطعام غير بعيدة عنها، تشكيلات واسعة من المشروبات الباردة، التي تعتبر ملاذا العطش عند آذان المغرب.
عرق السوس، التمر الهندي، الجلاب، والبرتقال ،عصائر اشتهرت في سوريا لمواجهة أكثر من 13 ساعة صوم ،وأصبحت ملزمة في مصر مع طول فترة الصيام وعظم حر صحرائها.
ولأن جمال العادات أن تأخذ منها وتعطي لها، فقد أخذ السوريون عن المصريين مشروباتهم المعروفة في رمضان، مثل الخروب ،والسوبيا، والتي تعد من أهم ما يستخدمه المصريون للقضاء على شعور العطش.
مطاعم السوريين هي الأبرز
على امتداد أحياء مدينة السادس من أكتوبر، تنتشر المطاعم السورية، مقدمة أبرز المأكولات السورية التي أصبحت شائعة في مصر.
المطاعم هذه بدأت الاستعداد لرمضان بعروض طعام توفيرية بمناسبة الشهر الكريم، أو بتقديم وجبات خاصة بشهر رمضان، ودعوة الزبائن لارتياد المطاعم في الإفطار والسحور بأسعار جيدة و منافسة ،ويقول حسن (طالب أردني مقيم في مصر)، أن أجمل ما حصل معه خلال سنوات دراسته وجود مطاعم سورية تؤمن له الطاعم الذي يرغب فيه، خصوصا في شهر رمضان حيث لا وقت لصنع الطعام المنزلي في ظل الدراسة الصيفية وانهاك الصيام.
بينما تؤكد فرح "ربة منزل مصرية" أن الطعام السوري، يضيف نكهة خاصة للسفرة الرمضانية، فألوانه وأشكاله ومذاقه تمنح الصائم شغفا خاصة للأكل بعد ساعات الصيام الطويلة، والمصريون قد خبروا الطعام السوري على مدار أكثر من عامين من وجود السوريين في الأراضي المصرية.
غصة اللجوء
لا يجد السوريون المقيمون في مصر ،مع قدوم رمضان، إلا الذكريات الجميلة، تتقلب على جمر وجدانهم، محدثة لهيبا يفوق العطش، فاللجوء وغصاته المتعددة تمنع اكتمال فرحة السوريين بحلول هذا الشهر المعظم لديهم، فعلى الرغم من تطبيقهم للكثير من عاداتهم في القاهرة، القريبة أصلا في عاداتها من سورية، إلا أن وحشة المكان تترك أثرها الواضح في قلوبهم ، فالدمشقي يبحث عن صوت الأموي على آذان المغرب، وابن حمص يسرح في مدفع قلعة حمص الشهير، والحلبي يمني النفس بجلسة طعام حلبة مشهورة، وغير ذلك من الذكريات التي تطفو على سطح الشهر الكريم، تاركة جرحا لا يندمل إلا ما عودة يتمناها جميع السوريين.
[email protected]