ينثر مرسم الفنان التشكيلي محمود بدارنة من سخنين من خلال عشرات اللوحات الفنية عبق الحضارات التي تعاقبت عبر تاريخ البشرية لأكثر من ألفين عام، كما ونهلت من حضارات ما تزال قائمة تروي قصة مبدعيها، وذلك في المعرض الذي ستحتضنه كلية الناصرة للفنون التشكيلية في الناصرة والذي سيحمل عنوان – " حكايات " بمشاركة كل من الفنانين، محمود بدارنة، أسماء زبيدات، مادلين أحمد، عبير زبيدات، سلوى عثمان، دلفاء محاميد، شروق أبو راس.
ومعرض " حكايات " الذي سيفتتح عند السابعة من مساء يوم الجمعة القادم 12/5/2017 بإشراف ورعاية الأستاذ كريم شداد مدير الكلية، في صالة العرض بالكلية، وسيتواصل المعرض حتى يوم 27 من هذا الشهر.
وفي حديث مع الاستاذ كريم شداد مدير كلية الناصرة للفنون قال:" كلنا نعشق مدينة الناصرة ولذلك اطلقنا اسم الناصرة على الكلية، ونحتفل هذه الأيام بمرور عشر سنوات على تأسيس الكلية، ويشرفنا بهذه المناسبة ان نحتفل بمعرض لرسومات يوثق اهم معالم مدينتنا بأنامل الفنان محمود بدارنة والفنانة اسماء زبيدات وطلابه من سخنين والمنطقة الذين زاروا المدينة وعاينوا بعض مواقعها، ومعرضا آخر للكتب الحديثة، ونرصد مجموعة من الهدايا لكل من يزورنا في هذا اليوم وسيتم توزيع كتاب خاص بالكلية بهذه المناسبة بعنوان "القيادة والريادة" يتضمن مداخلات تقييم عمل الكلية على مدار السنوات العشر لأشخاص رافقوا تأسيس وعمل الكلية وشاركوا بنجاح مسيرتها الثقافية والمهنية".
وعبر شداد عن غبطته بما تقوم به الكلية من تخريج لأفواج عديدة من ابناء المجتمع العربي في البلاد، ومثمنا الجهد الكبير الذي قام به الفنان محمود بدارنة والفنانة اسماء زبيدات لإنجاز اللوحات الفنية الراقية والتي ابدعتها أنامله والطلاب الذين يدرسون الفنون التشكيلية عنده، والتي تجسد عبق التاريخ لمدينة الناصرة والتي نعتز جميعنا الانتماء لها، وكلي ثقة أن يزورنا الجمهور العزيز من الناصرة والمنطقة ليستمتعوا بما نعرضه من أجلهم، وأنا أقول أن الشعب الذي لا يمارس ثقافة الفن والموسيقى لا يعتبر شعب، كونها تجسد ثقافته واخلاقه".
وحاول محمود بدارنة والفنانة اسماء زبيدات وطلابهما من خلال اللوحات الفنية ومعرض " حكايات " إيصال رسائل كثيرة للمتلقي، وعلى رأسها ضرورة الحفاظ على الإرث الحضاري، وتسليط الضوء عبر لوحاته المتعددة على الهالة المقدسة التي تميز هذه المدينة عن غيرها من المدن والفسيفساء الديني الرائع.
كما نقلت لوحات أخرى احتضنها المعرض نسمات نصراوية من هنا وهناك يلمسها المتلقي وكأنه يتجول في أحضان أحياء وشوارع المدينة القديمة، إلى جانب ذلك، جنحت بعض رسومات الفنانين إلى التجريدية للتعبير عن الانطباع النفسي والإيحاء بالرؤية الفكرية للفنانين، فقد تدرجت حسب المرحلة، فمثلا كانت الألوان القوية وسيلة التعبير عن الحاضر وما يسوده، أما الألوان الطبيعية بتدرجاتها فكانت أداة مناسبة لنقل عبق الماضي، وخلط بعض الطلاب ألوان خاصة للحصول على ملامس غائرة وبارزة في تراكيب فنية مبدعة، وقد استخدموا أسلوب التجريد في التعبير عن أعمالهم لاكتمال الصورة والرسالة، ونجح الفنانون في ذلك من خلال الربط بين لوحاتهم بتسلسل الأحداث من الفن البدائي وصولا للمراحل المعاصرة..
تقول الفنانة عبير زبيدات من سخنين: "نحن نتنسم من تراث الأجداد وما يزال فينا بذرة طيبة نشم منها روائح عبقة، ونأمل أن ننقل عبقا زكيا للأجيال المقبلة، فأين كنا وإلى أين وصلنا ؟، نريد تغيير الخطى بالنهضة، فلا تكفي النهضة التكنولوجية، نريد نهضة بأخلاقنا، بسلوكنا، بأقوالنا، بأفعالنا في الحياة، ورسوماتنا اليوم والتي يشتم منها عبق التاريخ، تاريخ مقدس من قدسية سيدنا المسيح عليه السلام وتلامذته الأطهار...وتاريخ مدينة الناصرة ليس حكرا لأحد بل هو تاريخنا بكل معتقداتنا وادياننا... والناصرة تشكل اليوم عاصمة مجتمعنا العربي الفلسطيني، ولذلك فإننا نراها بهالتها الرائعة ونريد لها ولأهلها ان يبقوا كذلك".
الفنانة اسماء زبيدات من سخنين تقول: "المعرض هو لمعالم تاريخية يخص مدينة الناصرة، ولنا شرف أننا قمنا بزيارة المدينة والتقطنا بعض الصور لتلك المعالم من الكنائس والمساجد والازقة، ونأمل أن مشاركتنا في هذا المعرض يدعو للمحبة والتسامح، وفي إحدى لوحاتي رسمت الكنيسة والمسجد، والديك يصيح ليلفت الانتباه لجميع سكان الناصرة بان انتبهوا، وإحذروا وحافظوا على وحدتكم، لأنها الحصن من كل ما يحاك ضد هذه المدينة التي نعتز بها، وتمثل وحدة شعبنا، ومجتمعنا الفلسطيني بالداخل".
وتتحدث الفنانة سلوى عثمان من كابول فتقول: "ان رسالتها في المعرض لا تقف عند حدود اللوحات التشكيلية التي رسمتها من جبل القفزة المقدس والمسجد الابيض بالسوق القديم ولا عند تفاصيل جمعتها، بل تجاوزت ذلك إلى تجسيد واقع وأصالة المدينة القديمة، والأجواء الاجتماعية والدينية التي تميز هذه المدينة، ولعل الفنانة أرادت من لوحاتها التي جسدت ذلك الزمن، أن يتعلم المتلقي ماهية الحياة وكيفية التغلب على الصعاب، إلى جانب نقل حياة الأجداد الذين كانت لديهم الإرادة والقوة في السيطرة والتعايش مع البيئة وأخذ كل ما يحتاجونه منها لمواصلة مشوار الحياة".
ويقول الفنان العالمي محمود بدارنة: "هي لوحات تفوح منها رائحة التاريخ كون ان اللوحات الفنية الوثائقية تم اقتباس بعضها من صور أصلية يتعدى عمرها خمسين او مائة عام حتى، وتم الاستعانة بقدرات خاصة لتوفير تلك الصور ومن ثم تمكن طلابي باستخدام اساليب جدا دقيقة لتجسيد ما كانت عليه تلك المواقع والبنايات التاريخية بالناصرة ورسم اللوحات الوثائقية و هذا يعود لقدرتهم على إظهار أدق التفاصيل وكان لديهم الصبر الكافي لرسم مثل هذه اللوحات الصعبة والنادرة، ومن جهة أخرى أوضح بدارنة أن الفترة الزمنية المستغرقة لرسم كل لوحة استغرق ايام واسابيع بل من اللوحات التي استغرقت 3 اشهر على أقل تقدير لإنجازها وذلك يرجع إلى اهمية كل لوحة ونحن على قناعة ان كل لوحة ستتحول الى تحفة فنية لأهمية تفاصيلها الداخلية التي يعمل الرسام على إظهارها ببراعة وستتعاقب الاجيال قادمة هذه اللوحات لأننا نجسد تاريخ مهم في حياة شعبنا وامتنا وله ايضا امتداد ديني عالمي وليس فقط محلي".
الفنانة شروق ابو راس من الناصرة قالت: "تحاكي لوحاتي مدينة لها وزنها وثقلها التاريخي، وكان من الأهمية معاينة البلدة القديمة فيها لنتعرف عن مكامن القوة والزخم، وقد استخدمت برسوماتي عدة ألوان لتوضيح اسلوب جديد في الحياة وركزت على اللون الازرق لإبراز هذا التغيير، وما يميز هذا اللون هو الشفافية المطلقة، وكلي أمل أنني وفقت بذلك".
[email protected]