المكفوف إنسان، كأي إنسان آخر من فئات المجتمع، لكنه لا يتمتع بنعم الله عليه في استعمالها؛ لما قضى عليه وقدّره، فهو لا يمكنه إدراك الموجودات المحيطة به بواسطة عينيه ورؤية الأشكال والضوء؛ نتيجة لقصور عضوي أو عصبي فيهما.
رغم تحرك الإنسانية باتجاه شريحة المكفوفين، وتعاطفها وفتح مراكز لرعايتها وتنمية ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على الاستقلالية، وتأهيلهم ليكونوا أعضاء نافعين ومنتجين في المجتمع، إلاّ أن قلة الدعم والعناية بهذه الحالات تعتبر محطة تستحق الوقوف عندها، ودراستها بعمق. وفي نظري أنّ المجتمع المتخلف فقط هو الذي لا يولي هذه الفئة الرعاية والدعم والاحترام.
جاءت هذه المقدمة تزامنا مع تدشين افتتاح أول مركز في الوسط الدرزي لرعاية المكفوفين ومحدودي الرؤية في قرية البقيعة، بخطوة إنسانية ولفتة كريمة مباركة قام بها النائب، ابن شفا عمرو، حمد عمار، رئيس حركة الشبيبة الدرزية، بإشراف نائبه الشيخ أمير علي وسكرتير الحركة د. نائل عزام، بحضور جمهور غفير وضيوف من مختلف المناطق، برز منهم مسؤولون من وزارة الرفاه الاجتماعيّ والتأمين الوطني، وشخصيات رسمية. وقد وضع النائب عمّار نصب عينيه هدفه للوصول إلى هذا الإنجاز الكبير بجهود مكثفة وجبارة تستحق الثناء، الأمر الذي يعود بفائدة عظيمة، لا شكّ فيها، على المجتمع عامة، وهذه الفئة تحديدا، ومن شأنه خلق جو من الألفة وتعزيز أواصر الترابط بين هذه الفئة وبقية أفراد المجتمع عن طريق التواصل والاستمرارية، مدركا الفراغ وحجم المسؤولية الاجتماعية اتجاه المجتمع وضرورة رسم إستراتيجية عمل وترجمتها إلى أرض الواقع.
رماح تؤكد لهذه الفئة أنها تدرك حقيقة ما يجول في خاطرهم وقلوبهم، فالإنسان المؤمن يكون صاحب عزيمة وإرادة وإيمان، ولا يستسلم للأمر الواقع فيضعفه، بل يسعى ويبذل قصارى جهوده ليحقق ما يريد، فقد حباه الله بنعمة العقل ليفكّر، واللسان ليتكلم، واليد ليكتب، فكم من معاقٍ في بدنه يحصل على ما لم يحصل عليه المعافى والقوي! ويكفي أن نقلّب في صفحات تاريخنا الماضي والمعاصر لنكتشف نماذج كثيرة وصلت إلى إنجازات راقية أفادت منها البشريّة كلّها، فهل نعتبر؟!
[email protected]