أثارت المحادثة الهاتفية التي جمعت الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، حيرة المتابعين والمختصين في الشؤون الدبلوماسية والسياسية، خاصة أن توقيتها كان مريبًا، إذ جاءت في ذروة التحقيق مع نتنياهو بشبهة فساد، وقبل يومين من لقاء الأخير مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
ونقلت صحيفة مكور ريشون عن دبلوماسي أوروبي قوله إن الفضول نابع من كون نتنياهو مقربًا من ترامب وبوتين على السواء، وعلى خلاف علاقة ترامب وبوتين الجيدة غير الممارسة، العلاقة بين بوتين ونتنياهو وثيقة جدًا، لا تقتصر فقط على التصريحات الداعمة أحدهما للآخر، إنما يتباحثان في الكثير من المواضيع.
ويعتبر هذا اللقاء الخامس بين نتنياهو وبوتين في الفترة الأخيرة، سبقه أربعة لقاءات في موسكو وسوتشي العام الماضي، وكلها بمبادرة إسرائيلية بحتة.
ووثقت العلاقات بين البلدين في أعقاب التدخل العسكري الروسي في سورية، وأخذ التنسيق بين الطرفين بالتصاعد بدرجة كبيرة، في محاولة لمنع وقوع حوادث ذات عواقب وخيمة، مثل إسقاط الطائرة الروسية على الأراضي التركية قبل سنتين، وخلال هذه الفترة، شددت إسرائيل على رفضها أي تواجد إيراني في هضبة الجولان.
وقالت الصحيفة إن السؤال الأساسي الذي يدور بخلد الكثير من السياسيين في أوروبا هو هل تكون علاقة نتنياهو الوثيقة ببوتين الضلع الناقص في مثلث الحب الذي يجمع ترامب وبوتين، مثلما وصفه أحد المصادر في دولة مهمة بالاتحاد الأوروبي.
وذكر المصدر أن نتنياهو هو الوحيد الذي يملك علاقة وثيقة ببوتين وصداقة حميمة مع ترامب، وهذا أمر غير مسبوق، ومن المحتمل أن يلعب نتنياهو دور حلقة الوصل بين بوتين وترامب سواء في الوقت القريب أو البعيد.
وبالإضافة لذلك، ستجري الانتخابات في روسيا العام المقبل، الانتخابات التي ستسبب الكثير من القلق لبوتين في ظل الوضع الاقتصادي المتردي جراء العقوبات الأميركية والأوروبية على بلاده. وبما أن الانسحاب من شبه جزيرة القرم غير وارد، فالحل الفوري والمثالي هو تنسيق العمل وتوحيد الجهود في سورية لرفع عدد من العقوبات، وهو ما يمكن أن يلعب نتنياهو دورًا مهمًا فيه، لكنه سيطلب الثمن، ومن المرجح أن يكون الثمن هو انحسار دور إيران في الساحة السورية.
وفي ظل معرفة الولايات المتحدة وإسرائيل بتضارب المصالح بين روسيا وإيران في سورية، ستسعيان لتحريض روسيا وتحذيرها من التوسع الإيراني، ما يمكن أن يمهد لعلاقة روسية أميركية إسرائيلية، يضمن كل منهم حصته، وتتيح لترامب التراجع عن الاتفاق النووي الذي وصفه بالاتفاق الأكثر غباء في التاريخ.
وبدأت بوادر مثل هذا التعاون تظهر في سورية، إذ عملت القوات الروسية والقوات الأميركية الرابضة في الشمال السوري سويًا مؤخرًا، من أجل منع وقوع اشتباك بين القوات التركية ووحدات حماية الشعب الكردية بالقرب من منبج.
والبادرة الأخرى كانت وثيقة جنيف، التي من الممكن أن تؤدي إلى فتح ملف هضبة الجولان المحتلة من جديد، وفي حال فتح الملف، من الممكن أن تشكل الولايات المتحدة وروسيا ضغطًا على إسرائيل من أجل الانسحاب منها.
والانسحاب الإسرائيلي من هضبة الجولان قد يكون النقطة الوحيدة التي يتفق عليها النظام السوري والمسلحين الموالين له وكل فصائل المعارضة، خاصة أن الموضوع طرح العام الماضي من قبل مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، ستافان دي ميستورا.
وفي هذه الحالة، قد يشكل دور حلقة الوصل الذي يلعبه نتنياهو فائدة كبرى من أجل إدارة هذا الخلاف، ترى، هل يستغل نتنياهو التهديد الإيراني من أجل توجيه كلا القائدين نحو منطقة يستفيد منها مثلثهم؟ هذا السيناريو يعتبر لعبة ذكية جدًا لكنها محفوفة بالمخاطر.
[email protected]