ارتفعت لهجة النقد ضد قانون شرعنة الاستيطان المسمى قانون التسوية، الذي أقره الكنيست مؤخرا بالقراءتين الثانية والثالثة، والذي يسمح بسرقة أرض الفلسطينيين الخاصة في وضح النهار ومنحها للمستوطنين.
ويحمل القانون أكثر من بعد، فمن جهة يفرض القانون الإسرائيلي على الأراضي المحتلة، بما يعنيه ذلك من ضم زاحف لهذه الأراضي للسيادة الإسرائيلية وما يترتب عليه من إنهاء حل الدولتين، وينتج من جهة ثانية جهازين قانونيين، واحد للفلسطينيين والثاني للمستوطنين الإسرائيليين، ما يساهم في خلق نظام فصل عنصري على امتداد فلسطين التاريخية.
اعتبر الصحافي غدعون ليفي القانون بمثابة إعلان عن قيام دولة الأبرتهايد الثانية، هي دولة إسرائيل، وكتب ليفي في مقال نشر في صحيفة هآرتس أنه في ظهيرة ذات اليوم، رفض نتنياهو في لندن الإعراب عن مواصلة تأييده لحل الدولتين مبشرا بنهاية هذا الحل، وفي المساء صوت الكنيست على قانون المصادرة واختارت النظام الجديد الذي تخطط لإقامته، مشيرا إلى أن إسرائيل قالت كلمتها بشكل واضح وقاطع، دولة واحدة من البحر إلى النهر ذات نظام أبرتهايد.
وذهب المؤرخ الإسرائيلي، دانييل بالطمان، أبعد من ليفي بخطوة عندما شبه القانون المذكور بأحد القوانين النازية، واقترح تسمية القانون بقانون إنهاء ضائقة المستوطنين وإمبراطورية العنصريين في الأراضي المحتلة، على غرار القانون النازي الذي سنته ألمانيا عام 1933 وسمي قانون إنهاء ضائقة الشعب والرايخ الألماني، وقتها سمي القانون في ألمانيا اختصارا بقانون التأهيل، وفي إسرائيل سمي قانون التسوية، كما يقول إن إعطاء القانون وجها محترما لم يشهد على أهدافه الشيطانية.
ورغم تزايد التحذيرات من أن القانون سيقود قادة عسكريين وسياسيين إسرائيليين إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بتهمة ارتكاب جرائم حرب، إلا أن المقارنة التي أجراها بالطمان مع ألمانيا النازية غير مسبوقة، خاصة أنها تضع القانون في سياق الانقلاب على الديمقراطية وفي مجرى التحول إلى نظام فاشي شبيه بالانقلاب الذي وقع في ألمانيا النازية.
بالطمان يقول في مقال نشرته صحيفة هآرتس، اليوم الجمعة، إن أحدا في ألمانيا لم يتوقع في حينه أن قانون التأهيل النازي القصير والمحدد سيكون بمثابة حجر الأساس لخراب أوروبا والقضاء على الشعب اليهودي. القانون قرر أنه بالإضافة إلى عملية التشريع العادية التي تجري عن طريق البرلمان، هناك إمكانية لتشريع قوانين من قبل الحكومة فقط، وأن القوانين التي تشرع من قبل الحكومة يمكنها الخروج على الدستور شريطة أن لا تمس بالرايخستاغ.
أي أنه أعطى الحكومة صلاحية سن قوانين غير خاضعة لعمليات التشريع المثبتة في الدستور، شريطة أن لا تمس بالبرلمان الذي سيفقد مكانته لاحقا بعد اشهر من سن القانون، بعد تحطيم الحاجز الفاصل بين دولة القانون والدكتاتورية الدموية.
هكذا أيضا قانون التسوية، الخاص بإمبراطورية المستوطنين الكولونيالية في الأراضي المحتلة، الذي يهدف لتدمير لبنة أساسية في الديمقراطية المتمثلة بحق الملكية. في ألمانيا حدث ذلك بضربة واحدة، أما في إسرائيل، فإن من يصفهم بالطمان بمدمري الديمقراطية الإسرائيلية من مدرسة الليكود والبيت اليهودي، لا يستطيعون تفكيك قيودها بضربة واحدة مثلما فعلوا في ألمانيا، ولذلك يضطرون للعمل ببطء ومثابرة مثل السلحفاة التي سبقت الأرنب المغرور، وصولا إلى نفس الهدف.
ينضم القانون المذكور إلى سلسلة طويلة من قوانين التأهيل القائمة في كتاب القوانين الإسرائيلي، مثل قانون النكبة وقانون الجمعيات وقانون يكسرون الصمت وقانون القومية واقتراحات تكميم أفواه رجال الأكاديميا وغيرها من الأوامر والأنظمة، التي خرجت على حد تعبير بالطمان، من تحت أيدي أعضاء كنيست متواطئين جاهزين للتصويت على كل ما يؤيده بتسلئيل سموتريتش، تماما مثل أعضاء الرايخستاغ الجبناء الذين قرروا تسليم عصا السلطة لهتلر.
[email protected]