يُفارقنا أحباؤنا دون سابق إنذار، ويبقى الجرحُ في القلبِ، فلا نحنُ ننسى، ولا أرواحهم تغادرنا.
تسيطر أجواء الحزن والصدمة على أسرة الطالب آدم عمر حسن (8 أعوام) من قرية الرينة، التي فجعت بوفاته في إحدى المدارس الابتدائية بالناصرة، ظهر يوم الثلاثاء الموافق 31.1.2017.
تؤمن العائلة أنّ الوفاة قضاءٌ وقدر، لكن لا يمكنها استيعاب حقيقة أنّ ابنها آدم الطفلُ المعافى والنشيط والمحبوب والمُثابِر، وحبيبُ عائلته وحارته لم يعد يذهب إلى مدرسته.
آدمُ ابن الأعوام الثمانية، رحل تاركًا خلفه شقيقه فواز، ابن العشر سنوات، ووالده المفجوع برحيله، وأمه الثاكل.
وقال الوالد عمر حسن، إن أكثر ما آلمني شخصيًا وعائلتي أنه في أصعب الظروف التي نمر بها بعد وفاة ابني آدم، بدأت الشائعات الكاذبة تنطلق، دون أي وازع ضمير. آدم الذي كان يتعلّم في إحدى مدارس الرينة، كان بصحة جيّدة، انطلق إلى المدرسة، بمرافقة عمته. ما حصل أنه كان يتحدث مع زميله بالمدرسة وقال له: في طريق عودتنا سألتقط حبّات الحامض عن الشجرة، وحين أدار زميله رأسه، رأى أنّ آدم قد سقط أرضًا، وعندها جاء أحد المدرسين وحاول إنعاشه، بينما اتصلت المدرسة بسيارة الإسعاف التي وصلت بعد 45 دقيقة، كان آدم قد فارق الحياة، للأسف، علمًا أنّ سيارة الإسعاف لم تكن مزودة بالمعدات اللازمة لتقديم العلاج وإجراء عمليات إنعاش قبل الوصول إلى المستشفى، ليفارق آدم الحياة خلال مرحلة إيصاله إلى المستشفى، وهناك تمّ إقرار وفاته.
وأضاف الوالد أنه حسب تقرير المستشفى سبب الوفاة غير معروف، لكنني أؤكد للمرة المليون أنّ آدم كان بصحة وعافية ولم يعاني من أية مشكلة، مثله مثل باقي الأطفال يصاب بالزكام، كان لديه حساسية في فترة الانتقال من الصيف إلى الربيع، لم يشتكِ يومًا ولم يتناول الأدوية والعقاقير، لم يكن يعاني من مشاكل صحيّة. ابني فاز مؤخرًا في دورة الكراتيه وحصل على المرتبة الثانية على أطفال جيله. تميّز بابتسامته ولطفه مع الجميع.
وعن تفاصيل ما حصل مع ابنه، قال الوالد عمر حسن: توجه ابني لمعلمته في ذلك اليوم وقال لها: انتهت الحصة بسرعة، وأكل وشرب وخرج إلى الساحة وحين هطلت الأمطار عاد إلى صفه، ورافق طلاب صفه، ليفارق الحياة بعدها. وحين تمّ استدعائي للمدرسة، رأيتُ المدرس يقوم بإسعافه، فحملته، وكانت المدرسة قد طلبت الإسعاف، التي جاء سائقها بمفرده ولم يرافقه طبيب، ولم يكن معه أجهزة طبية، الأمر الذي أثار غضبي، ومع ذلك حاولت الحفاظ على هدوئي، من أجل عائلتي وابني فواز وجميع من عرف آدم وأحبه. هل يرضى أحد الوالدين أن تصل سيارة الإسعاف بعد 45 دقيقة؟، وأن تستمر محاولات إنقاذه 50 دقيقة؟! وفي المستشفى قالوا: السبب غير معروف، فلماذا انطلقت الألسُن بالإساءة؟. أمضى آدم 50 دقيقة فاقدا للوعي، حتى تمّ نقله إلى المستشفى، ولا أعرف لماذا جاءت سيارة الإسعاف متأخرة، بينما لا يعرف السائق عنوان المدرسة، وصلوا متأخرين، والإسعاف وصل بعد 45 دقيقة. في المستشفى لم يُعلموني ماذا حصل.
لم تلق وفاة الطالب في مدرسته وما رافقها أي خطوات أو ردود لئلا تتكرر الفاجعة، وأعرب الوالد عن أسفه حيال ذلك، وقال: كنت أتوقع أن تكون هناك خطوة تصعيدية، وأن تقوم لجنة أولياء أمور الطلاب بإعلان الإضراب، لكن لم يتحرك أيُ شخص، بينما لا يستطيع مدير المدرسة أخذ زمام الأمور وإعلان الإضراب، كونه موظفًا ولا يستطيع تنفيذ مثل هذا القرار. أنا لا أستطيع فعل شيء، لكنني قوي وأتحدث حتى أُخرج الغضب الساكن داخلي، حياتي توقفت بعد رحيل آدم، ويوميًا أزور ضريح ابني، ثم اذهب لأتفقد أحوال ابني الآخر فواز، بينما زوجتي متقوقعة بحالها، وتنام يوميًا على سرير آدم، لتصحو على صوره. نستصعب جميعًا الذهاب إلى العمل، وها هي شقيقتي قد تركت عملها لتبقى إلى جانبنا، في محاولة من الجميع لمواساتنا وإخراجنا قليلا من الوجع اليومي، وأقول الحمد لله على كل شيء. لا أحد يستوعب الصدمة، جميعنا بصدمة، وبالذات آدم الذي كان روحنا في البيت والحي والمدرسة.
تعقيب مسؤول الإسعاف الأولي في الناصرة
وعقب مسؤول الإسعاف الأولي (الخاص) في الناصرة، أحمد زعبي: "تعددت الأسباب والموت واحد. أتفهم تمامًا الظروف الصعبة والقاسية التي تمر بها عائلة السيّد عمر حسن، لكنني أؤكد أنّنا وصلنا إلى المدرسة خلال 10 دقائق، وللأسف كان الطفل آدم قد توفي. ومن بعدها حضرت سيارة الإسعاف من مركز نجمة داوود الحمراء، ونقلت الطفل إلى المستشفى".
وأضاف: "نحنُ نحترم مشاعر العائلة ولدينا مسؤولية فعملنا يمتد على أكثر من 10 سنوات، ولم نقصر بحق أي إنسان، كما أنّ وزارة الصحة هي التي تقرِّر عن من تقع المسؤولية أو خطأ، فالوزارة هي المسؤولة الرئيسية وهي المسؤولة عن جميع سيارات الإسعاف".
آدم عمر حسن
[email protected]