لم يتوقع محمد زينب من مدينة يافا، ولو للحظة، رغم قساوة وظلم السلطات الإسرائيليّة أن تستهدفه والصيادين العرب بنكبة جديدة، في مكانٍ قد عاش فيه طفولته وسطر أحلامه وآماله وقضى فيه الوقت بحلوه ومره، ويخشى أن تودي الأمور في نهاية المطاف إلى طرد الصيادين العرب من ميناء يافا العريق.
تشن بلدية تل أبيب حملة جديدة ضمن مسلسل المضايقات على المواطنين العرب في يافا، باستهداف واضح للطابع العربي الفلسطيني فيها، وخولت ما يسمى دائرة أراضي إسرائيل التي كانت تدير ميناء يافا سابقا بلدية تل أبيب، مؤخرًا، بإدارة الميناء الذي يستقطب الصيادين العرب من يافا، مصدر رزقهم الوحيد من الأسماك البحرية التي يصطادونها من البحر منذ عشرات الأعوام.
فرضت بلدية تل أبيب على الصيادين في الآونة الأخيرة التوقيع على عقدٍ يقتضي بأنها مخولّة بطردهم في أي لحظة تريدها، الأمر الذي رفضه الصيادون رفضًا قاطعًا وعدم التفاوض على هذا القرار. وعلى أثر ذلك بدأت الملاحقات القضائية للصيادين من قبل البلدية لمن يرفض التوقيع على هذا العقد، في خطوة أولى نحو إجلائهم من الميناء.
وأرسلت بلدية تل أبيب في الأسبوع الماضي ستة أوامر إخلاء لصيادين عرب في الميناء، مطالبة إياهم إخلاء الميناء، ردًا على رفضهم التوقيع على العقد المذكور أعلاه.
يعتبر ميناء يافا من أشهر الموانئ التاريخية العربية في المنطقة، فقد كان يستقطب البضائع المختلفة من كل حدبٍ وصوب، محملة على السفن والبواخر التجارية، وكان هو المصدر الوحيد لتصدير البضاعة الفلسطينية إلى خارج البلاد، باعتباره المكان الأقرب إلى مدينة القدس. واعتاد السياح زيارة يافا قبل التوجه إلى مدينة القدس.
وقال رئيس لجنة الصيادين في الميناء، محمد زينب (56 عاما) من يافا، إنّ ما يحدث هو استهداف للطابع العربي الفلسطيني في مدينة يافا، يريدون تهجيرنا من كل بقعة في هذه البلدة. لم يكتفوا بسلب الأراضي داخل يافا ومصادرتها، الآن يريدون ترحيلنا من المكان الأهم لنا كعرب وفلسطينيين في يافا، وهو ميناء يافا العريق.
وقال حول المفاوضات مع بلدية تل أبيب، إن بلدية تل أبيب تفرض شروطا وقيودا تعجيزية من خلال فرض غرامات وعقوبات على الصيادين، وهي تريد أن تيأس وترحل لوحدك، في محاولة واضحة لترحيلنا من الميناء. البلدية لا تريد أي حل وسط يرضي الطرفين، نحن لا نطلب شيئا سوى أن يتركونا في حالنا وأن نستمر في حياتنا الطبيعية التي تعودنا عليها، والميناء هو مصدر الرزق الوحيد للصيادين هنا، ويُعيل المئات من العائلات.
وأضاف زينب أن بلدية تل أبيب تتجاهل مطالبنا. وجهنا العديد من الرسائل وعقدنا عدة جلسات معها في محاولة للتوصل إلى حل يرضي الطرفين ويضمن حقوق الصيادين، إلا أن البلدية ورئيسها رون خولدائي يتجاهلوننا وكأننا غير موجودين أصلا.
وحول عمله، قال: أنا ورثت هذا العمل أبًا عن جد، سبعة أجداد في العائلة كانوا يعيشون هنا ويسترزقون من الميناء، من الصيد وتصدير البضاعة وغيرها من الأعمال التجارية الحُرّة، كان الميناء كل شيء في حياتهم.
وناشد زينب كل من يهمه الأمر من المسؤولين والناشطين والمحامين والنواب العرب في الكنيست، وكل إنسان تهمه يافا، أن يمد يد العون لمساعدتنا ورفض هذا التعامل التعسفي مع أهل يافا.
وأنهى أنه لو خيروني بين ترك الميناء والموت لاخترت الموت، لا يمكن أن أتخيل نفسي خارج هذا الميناء الذي تربيت وعشت فيه، ونسجت فيه أحلامي، وهو تاريخ حياتي وليس مجرد مصدر رزق، ولسوف أعيش هنا حتى آخر لحظة في حياتي رغمًا عن أنوفهم. وهنا أذكر أنه لا بد من أن نتخذ الكثير من الخطوات النضالية. تقدمنا إلى المحكمة، وسنصعد النضال من خلال تظاهرات سلمية حتى ننال حقوقنا، وهذا أقل ما يحق لنا.
[email protected]