أعطى الحاج محمود الحسيني من مدينة الناصرة مثالًا حيًّا على معنى الإنسانية، وما يمكن أن تحققه للبشر من سكينة وراحة البال، بل ويمكنها أن تخلد ذكراهم على مدار السنين، عندما اعلن مساء الثلاثاء وخلال ختمة عزاء ابنه الدكتور عبد القادر الحسيني والذي قتل قبل عدة ايام باطلاق نار بالقرب من منزلهم في حي الكروم واصيب ايضا شقيقه بجراح خطيرة، التنازل عن دم ابنه لوجه الله تعالى ودون شروط، رغم أن قلبه ينزف ألماً وحسرة على فقدان أبنه الذي لم يمض على وفاته إلا أيام قلائل وطالبا الجميع ومن اقاربه وجميع افراد العائلة عدم التفكير بالاخذ بالثأر واحتسابه عند الله شهيدا وسط تكبير وتهليل الحضور.
وكان بيت العزاء قد شهد هذه الليلة ، تواجد المئات من اهالي الناصرة والمنطقة ووفود مختلفة من بلدات عربية ، ورجال دين ورئيس بلدية الناصرة علي سلام ونائبه يوسف عياد وشخصيات اجتماعية.
وتحدث خلال ختمة عزاء المرحوم الدكتور عبد القادر ، العديد من رجال الدين منهم الشيخ اسماعيل السلطي والشيخ انور عبود والشيخ محمد حمدان والشيخ وليد جمعة والشيخ ابو الوليد غزالين واخرون .واكد المتحدثون :" ان الله مع الصابرين ، ونسأل الله ان يجعل قبر المرحوم روضة من رياض الجنة ، وغدا راحلون ومودعون والعبرة ليس في الموت ، والعبرة هي ما بعد الموت ولإنسان معرض دائماً لمصائب الدنيا وما قام به والد القتيل مثالاً يحتذى به في التسامح والفوز بالأجر العظيم الذي وعد الله به من يعتق رقبة مسلم لوجه الله ونسأل الله أن يتغمد أبنهم بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهمهم الصبر والسلوان ". وثمن المتحدثون والحضور هذا الموقف الذي يعزز من نشر قيم العفو والتسامح في المجتمع.
اما رئيس بلدية الناصرة علي سلام فقد قال في كلمته :" اطلب من الجميع عدم الانجرار وراء المشاكل والعنف والفتن ويكفي ما يحدث في المجتمع العربي ، يجب علينا ان نتوحد وان نكون بيتا واحد ، فنحن الان ندفع الثمن غاليا ونخسر شبابا لا ذنب لهم ، ويجب ان نحب بعضنا البعض وان تكون الناصرة بيتا واحد للجميع وعائلة واحدة".واضاف علي سلام :" نحن نثمن هذا الموقف الكبير للحاج محمود الحسيني الذي يعزز من نشر قيم العفو والتسامح في المجتمع. وانا لاول مرة اسمع في البلاد ، عن ان ابا يضحي بدم ابنه الغالي من اجل السلام والتاخي والتسامح ، والوحدة في هذه المدينة ، ويجب علينا عدم الانجرار وترك الحساب لله وحده ونشكر كل عائلة الحسيني على هذا الموقف الذي نفتخر به جميعا في الناصرة ونتمنى ان يكون الشاب الدكتور عبد القادر الضحية الاخيرة لمسلسل العنف المستشري".
وقال الحاج محمود الحسيني والد الفقيد:" اطلب من كل من تعاطف معنا ومن كل اقاربنا عدم القتل او الاخذ بالثأر ، والله اغلى من الجميع ، وانا فقط استعين بالله وحده واتوكل اليه فالله اعطى واخذ ، ولا نريد اي امر اخر وانا اشكر الجميع وكل من وقف معنا ".واضاف الحاج محمود الحسيني:" نحن لا نخشى القتله ولكن نخاف من الله عز وجل ولا نحسب حساب الا لله الذي خلقنا، وابني المرحوم عبد القادر مات وهو يعمل بجد وشرف من اجل اكمال دراسته ولم يتذمر من اي شيء ومن قتله هو انسان مجرم بدون دين او ضمير وبدون اي مبادئ ، وابني قتل بدون اي ذنب او اي حق وحسبي الله ونعم الوكيل ".
[email protected]