التقيت بهم في مركز محمود درويش الثقافي في عرابة مجموعة من ابطال رياضة الملاكمة، يلفون أربطة حول قبضاتهم قبل أن يلبسوا فوقها قفازات ضخمة من الجلد محشوة بالإسفنج خاصة بهذه الرياضة ووجدتهم ينتعلون أحذية خفيفة خاصة، ويجرون تدريباتهم فوق حلبة مربعة الشكل ومحاطة بالحبال من جوانبها الاربع وأرضية يكسوها القماش المقوى لكسر حدة السقوط فوقها.
فمن بين العديد من النوادي الرياضية المختلفة التي تنتشر في البلاد يلمع نادي "الكفوف الذهبية" للملاكمة في عرابة وهو نادي مختص في رياضة الملاكمة، وقد افتتح نادي "الكفوف الذهبية" أبوابه قبل عدة سنوات، ليجذب اليوم وبعد فترة قصيرة، العشرات من الشباب والأطفال من المدينة.
ويهدف النادي لخلق جيل محب لرياضة الملاكمة التي تعتبر أحد أنواع الفنون القتالية والدفاع عن النفس وتغيير صورة وصفت بها دائما بأنها رياضة عنيفة.
معتصم بدارنة مدرب شبيبة الملاكمة في النادي يقول: "هدف انشاء النادي ليس فقط للمحافظة على شكل ومرونة الجسم المثالي كما مثل الأندية الرياضية الأخرى، بل لجعل الجسم يتمتع بالحركة والصحة أكثر، والملاكمة ليست رياضة عنيفة بل هي رياضة نبيلة وآمنة اذا توفرت شروط السلامة فيها من قبل المدرب والتزم فيها المتدرب".
ويؤكد بدارنة:" العلاقة التي تربطني بكل عضو من اعضاء هذا النادي هي علاقة الاخوة والصداقة، نحاول أن نتفهم كل عضو من أعضاء النادي، وأن نرافقه في كل خطواته الحياتية، فرحه وهمومه، ونظل متواصلون معهم باعتبارهم طلاب مدارس، ونمد لهم يد المساعدة، ونتواصل مع إدارة المدارس للاطمئنان عليهم، كون أن كل عضو في نادينا هو في قلب اهتمامنا، ونقوم بتوعيتهم وفتح آفاق الحياة أمامهم".
وأشار معتصم بدارنة: "إن الشخص الذي يمارس رياضة الملاكمة يتمتع بالسرعة والذكاء هذا عدا عن اللياقة البدنية العالية بالإضافة إلى انها تعزز الثقة في النفس، وفي ظل ما يعاني منه مجتمعنا من تصرفات وسلوكيات فإننا نرى بأن لشبابنا مستقبل زاهر، ونحن نتدرب ليلا ونهارا حتى نتمكن من الاستمرار بتحقيق انجازات وبطولات لبلدنا ولشعبنا، والمعنويات عالية جدا، وقريبا سنشارك في بطولة ايلات بمشاركة روسيا، مالدوفا واكرانيا، وكلنا ثقة بشبابنا وبقدراتهم وأننا سنحصل فيها على انجازات عظيمة".
ومن بين اعضاء النادي ومن ابناء المدينة كان الشاب عثمان نصار 30 سنة والذي عبر عن اعتزازه وافتخاره بانتسابه لهذا النادي، وقال:" انتسبت للنادي منذ 4 سنوات، وقبل انتسابي للنادي كنت عنيفا لدرجة انني تعرضت للحبس عدة مرات، ومررت بمشاكل، وعندما تعرفت على الاخ معتصم بدارنة والنادي، الامر الذي ابعدني عن كل المشاكل التي تواجه الشباب، وما تعلمته هنا أن الرجل هو الذي يبتعد عن المشاكل، ويكون تعامله مع الناس بتسامح واحترام، وما اسعدني الاسس التي يرتكز عليها الانتساب للنادي بأنه من يتسبب بمشكلة ما او يمارس العنف فسيتم فصله من النادي، وأنا هنا سعيد جدا، وأفتخر أنني استطعت الالتزام بهذه الأسس، وحضوري للنادي يشمل ممارسة هوايتي والتقي مع الاصدقاء واشارك في بطولات في البلاد والخارج".
أما الشاب محمود ياسين يقول:" انا أمارس رياضة الملاكمة منذ عشر سنوات، وتتلمذت على يد الحاج أمين بدارنة رئيس اتحاد الملاكمة ومن بعده ابنه مأمون، ومن ثم مؤمن، واليوم اتدرب على يد المدرب معتصم بدارنة، وتعلمنا منهم ان الرياضة تعني المحبة والتسامح، واظهار الروح الرياضية، بعيدا عن العنف والمشاكل، والتدريب بهدف اكساب الجسم لياقة بدنية، ودفاعا عن النفس وليس للمصارعة مع الآخرين، بالرغم ان هناك من يحاول التحرش بنا بهدف اختبار قوتنا الا اننا نرفض ذلك ونتحاشاهم".
الملاكم الشاب لطفي رفعت عاصلة قال:" اتدرب في النادي منذ 9 اشهر واعتبر نفسي، امارس هواية محببة على قلبي في ممارسة الرياضة، والمدرب معتصم يزورنا بالمدرسة بالاطمئنان علينا وعلى تحصيلنا العلمي والتربوي، ودائما يوجه لنا النصائح بالابتعاد عن العنف والمشاكل، ونحن ملتزمون بهذه الاسس التي وضعت لنا كملاكمين، وأنا أنصح شباب البلد بالانتساب لهذا النادي".
أما الملاكم الشاب نصار نصار قال:" الملاكمة هي رياضة رائعة واهمها انها دفاع عن النفس ويجب توظيف هذه القوة من اجل تقوية الروح الرياضية وحب الخير للجميع وانضمامي لنادي الكفوف الذهبية أكسبني التعرف على مجموعة كبيرة من شباب البلد، وأعطاني ثقة بالنفس، وأشعر أنني تحولت الى شاب يقوم بتوعية الاصحاب والأصدقاء بالابتعاد عن العنف المنتشر في الوسط العربي".
محمود ابو جازي مدير مركز محمود درويش الثقافي والذي يحتضن نادي "الكفوف الذهبية" قال:" مركز محمود درويش الثقافي يفتح ابوابه مرحبا بجميع شباب عرابة في سبيل دمجهم في دورات ونوادي رياضية وثقافية مختلفة ومتنوعة، وهناك من حاول سابقا أن يشكك باحتضاننا فرع الملاكمة وكأن الملاكمة تشجع على العنف، وهنا نؤكد ان الملاكمة فن رياضي رائع، وأن شبابنا الذين يحققون انجازات تلو انجازات وبطولات محليا وعالمياً انهم أفضل دليل أن الملاكمة فن قتال للدفاع عن النفس وتذويت التسامح ونبذ العنف، وتشجيع الحوار مع الآخر، وهنا نؤكد اننا نفخر بالمدرب معتصم بدارنة وهو شاب خلوق وطموح ويقوم بتدريب الشباب ليكونوا القدوة الطيبة والرائعة في كيفية التعامل مع الآخرين، ومعتصم يقدم شرحا للشباب ويعمل على توعية الشباب، فإننا نعمل على دعمهم في حياتهم اليومية ونعمل على تدعيم الحوار فيما بينهم ودعم الثقة بالنفس لكل لاعب منهم، ليتحولوا الى مثال طيب".
وأضاف أبو جازي:" يهمنا الانجازات الرياضية لفرع الملاكمة في مركز محمود درويش وتمثيلنا لبلدنا وشعبنا، والى جانب ذلك فإن انجازنا ايضا بناء الانسان وانتشاله من موقع الخطر والفشل الى طريق النجاح ليكونوا أعضاء صالحين في مجتمعنا المحلي في عرابة ويذوتون انتمائهم لبلدهم ولشعبهم، وهنا لا بد لنا الا ونعبر عن فخرنا بالحاج أمين بدارنة والذي هو بمثابة الحاضن لرياضة الملاكمة في عرابة".
[email protected]