يُمعن نتنياهو بسياسته العنصرية عبر تحريضه بالأساس ضد النواب العرب في الكنيست، وأيضًا ضد فلسطينيي الداخل وفي الضفة الغربية أيضًا، وتتجلى هذه السياسة بسعي رئيس الحكومة لتعزيز بناء المستوطنات في المناطق الفلسطينية والتي تسمى منطقة C، وفي إطار منافسة نتنياهو للقادة الإسرائيليين العنصريين، وخاصةً من حزب الليكود، يطل نتنياهو من جديد، بصوت دافيد بيتان من الليكود، إذ لا يزال نتنياهو يغذي أعضاء حزبه بنيران العنصرية، حيثُ صرّح: كنت أفضل أن لا يتدفق العرب إلى صناديق الاقتراع وأن لا يصوتوا أبدًا لأن 95% منهم صوتوا للقائمة المشتركة التي لا تمثلهم، هذه التصريحات مشابهة تمامًا لتصريحات نتنياهو يوم الانتخابات، ففي حينه انتقد تصويت المواطنين العرب بنسبة 95%، وعندما اشتعلت النيران في حيفا ومناطق أخرى، اتهم نتنياهو العرب بالإحراق المتعمَّد أما آخر تصريحات نتنياهو التي صدرت اليوم فهي بسعيه لتعيين مقربين منه في الحكومة، دون اللجوء إلى مناقصات.
تصريحات نتنياهو والليكود غاية في الخطورة
وقال عودة إن نتنياهو يعمل بمنهجية على تعزيز حاكمية الليكود في الحكم، إذ إنّ نتنياهو واليمين لم يعودوا على قناعة بالانتصار في الانتخابات وإما يريدان السيطرة على مفاصل الحكم كلها، وهذه هي مِن أهم ميزات المرحلة الحالية، ونتنياهو يستغل الوضع الدولي، بعد فوز ترامب ووجود بوتين وأردوغان وانزياح أوروبا نحو اليمين، وأدى ذلك إلى فرصة تاريخية لنتنياهو للقيام بإجراءات غير مسبوقة منذ فوز الليكود لأول مرّة في العام 1977، وهذه من أهم ميزات التطور السياسي في إسرائيل خلال هذه الدورة، نستطيع أن نربط ذلك من خلال عمله على السيطرة على وسائل الإعلام وملاحقة الجمعيات والسيطرة على المحكمة العليا التي تنزاح بشكلٍ مثابر نحو اليمين، وهذا القرار الأخير لنتنياهو يندرج ضمن هذه السياسة.
الصوت لبيتان واليد لنتنياهو
وأكد عودة صحيح أنّ الصوت هو صوت بيتان، لكنّ اليد يد نتنياهو، فنتنياهو تأثر بثلاثة أحداث مؤسسة منذ سنوات التسعينات تجاه المجتمع العربي، الحدث الأول حين كان زعيمًا للمعارضة، وكان رابين رئيسًا للحكومة، ورابين اعتمد على أصوات العرب، أي أنّ المواطنين العرب منعوا نتنياهو من تشكيل الحكومة. الحدث الثاني عام 1996 حيثُ كان الفرق بين نتنياهو وبيرس 30 ألف صوت، أي أنّ المواطنين العرب يستطيعوا أن يقرروا من سيكون رئيس للحكومة. والحدث الثالث في انتخابات 1999، بين براك ونتنياهو حيثُ فاز براك بـ57%، هذا يعني أنّ العرب هم الذين رجحوا الكفة لإسقاط نتنياهو، فنتنياهو يعمل جاهدًا للتضييق على العرب، بعدة طرق: الطريقة الأكثر إيديولوجية هي يهودية الدولة، رفع نسبة الحسم، خطابه يوم الانتخابات، والإدعاء بأن النواب العرب يرفعون أعلام داعش، وخطاب ديزنغوف، وقانون الإقصاء، وأيضًا مقاطعتنا في اليوم الأول للدورة الشتوية، العرب يسوقون بلا رخصة، وتحريضه علينا، كل هذه الأساليب محاولة لخلق وضع بأنّ العرب هم طابور خامس وهو مخالف للقانون، وكل هذه الأحداث معًا محاولة لشيطنة العربي، وإخراجه خارج الكنيست.
نظرة قومجيّة ضيّقة وعنصرية
ورأى عودة أن سياسة نتنياهو والليكود تمثل نظرة قومجية ضيِّقة وعنصرية. هناك نظرة إستراتيجية تقول بأنّ السلام مصلحة حقيقية للشعبين والديمقراطية هي مصلحة عميقة للشعبين، ونحنُ في القائمة المشتركة نتبنى الرؤية الثانية، التي تقول أنّ من مصلحة الشعبين إحقاق مطالب الشعب الفلسطيني ومن مصلحة الشعبين أن تنال الجماهير العربية وهم أهل الوطن، حقوقهم الشعبية ويشمل ذلك الوعود التاريخية وهذا يشكل سلامًا حقيقيًا وإستراتيجيًا للشعبين، ونتنياهو بتحديه الصلف للمواطنين العرب الفلسطينيين في البلاد وللشعب الفلسطيني وللأمة العربية مستغلاً التردي البشع في الشرق الأوسط يسعى لتحقيق سياسته وأهدافه، وستنقلب السياسة المتطرفة على رأس العنصريين في نهاية المطاف.
رد القائمة المشتركة
وقال عودة أن القائمة المشتركة خطت خطوة رائعة كرد على نتنياهو وعلى هذه العقلية، وحصولنا على عدد كبير في البرلمان وتحولها إلى القوة الثالثة، وأيضًا طرقنا لأبواب دولية بشكلٍ غير مسبوق، والخطة القادمة مبنية من شقين: تعزيز الوحدة داخل القائمة المشتركة ورفع نسبة التصويت لصالحها والأمر الثاني أن يكون للقائمة المشتركة توجه ديمقراطي بالأساس كموقف قيمي وأيضًا من أجل تفويت الفرصة على نتنياهو.
التوجه لمحافل دولية
وحول إمكانية التوجه إلى المحافل الدولية لفضح سياسة نتنياهو العنصرية، أكد عودة: نحن الفلسطينيون في الداخل والقائمة المشتركة مصرون أن النضال الأساسي هو في الوطن، وعبر الوحدة الوطنية هنا في وطننا، والبعد الدولي مهم وبدأنا بإطلاقه بقوة أكبر من ذي قبل، وهذا واضح. ونحنُ بصدد بناء خطة للتوجه أيضًا للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بهذا الصدد، وكل هذا جيد جدًا ويجب خلال هذه السنة، هذا مؤكد، لكن في الوقت ذاته يجب أن نكون أصحاب رؤية ثاقبة، فيكفينا تجربة شعبنا الفلسطيني حيث صدرت قرارات دولية منذ العام 48 بخصوص المهجرين والحل بإقامة دولة فلسطينية واتصالات دبلوماسية هامة جدًا، لكن هذه الحلول الدبلوماسية لا تزال بعيدة عن الترجمة على أرض الواقع، لهذا فالأساس النضال على الأرض، وبناء جسور مع قوى عاقلة يهودية وألا ينجح نتنياهو في مخططه بل بالعكس أن نعزز علاقات وروابط وفعاليات مشتركة مع قوى ديمقراطية مناضلة بشكلٍ حقيقي، هذه إحدى مطالب الساعة.
أيمن عوده
[email protected]