في سابقة خطيرة هي الأولى من نوعها، رفض كاهن رعية الروم الأرثوذكس في كفركنا طلب عائلة كاثوليكية من القرية لتسجية جثمان أحد أفرادها في قاعة الروم الأرثوذكس، لتشييعه منها إلى كنيسة الروم الكاثوليك.
وكانت عائلة إلياس، التي فجعت بفقدان ابنها جمال جميل إلياس، إثر نوبة قلبية مفاجئة، قد توجهت إلى كاهن رعية الروم الأرثوذكس، ملتمسة الإذن باستعمال القاعة لغرض تشييع الفقيد ولفتح بيت العزاء في الأيام الثلاثة المقبلة، شارحين الظروف المناخية المتوقعة للأيام المقبلة وأنه سيتعذر إجراء مراسم التشييع من الباحة المكشوفة أمام كنيسة الكاثوليك تحت المطر. إلا أنّ خوري الروم رفض رفضًا باتًا السماح للعائلة باستعمال القاعة متذرّعًا بأنّه ينفّذ تعليمات البطريرك ثيوفولوس، الآمرة بعدم السماح لغير الأورثوذكسيين باستعمال القاعة، لا لغرض التشييع ولا لغرض العزاء ولا لغيره.
ورجا أقرباء الفقيد المقرّبين من أعضاء في مجلس طائفة الروم الأرثوذكس تدخّلهم لدى كاهن رعيّتهم أو لدى الجهات العليا في الكنيسة لثنيه عن موقفه المذكور، إلا أنّ أعضاء المجلس آثروا عدم التدخل، مدّعين ان ليس لهم أي تأثير على مجريات الأمور أو على القرارات التي تصدر في كنيستهم، لا محليًا ولا قطريًّا.
وقد فشل مقرّبون من غبطة البطريرك ثيوفولوس، ممّن يتواصلون معه بشكل شبه يومي، بالاتصال به للتأكّد من صحّة مزاعم كاهن رعيّته في كفركنا؛ إلا أنّه تجاهل مهاتفاتهم، ولم يعاود الاتصال بهم رغم مرور أكثر من 24 ساعة على محاولاتهم المتكررة التحدث إليه، ممّا قد يشير إلى أنّ الأمر قد تمّ بالتنسيق معه أو بمعرفته أو بمقتضى تعليماته.
وأفاد أبناء البلد ممن توافدوا إلى بيت عائلة الفقيد بأن قاعة الروم المذكورة قد بنيت بسواعد وبجهود وبتبرعات أبناء البلد من كافة الطوائف، طيلة أعوام طوال، ولم تكن لا بمبادرة ولا بقرار ولا بتمويل غريب، وقد أعدّت لتخدم حاجة كل الناس كقاعة عزاء، كما كان صرّح الكاهن السابق للرعية حين تمّ تدشين القاعة. ولقد تم بالفعل فتحها أمام أبناء جميع الطوائف طيلة السنوات الماضية؛ فما الذي جدّ اليوم ليستدعي كنس غير الأرثوذكسيين منها؟
وفي حديث مع أحد أفراد عائلة الفقيد، قال: بينما اضطرّرنا إلى نصب خيمة في ساحة كنيسة الكاثوليك لاستقبال المشيّعين تحت المطر، ظلّت قاعة الروم مغلقة ... فهنيئًا لأصحابها بها. إنّ الأعراف المتّبعة في ديارنا تقضي بأن يفتح الجار بيته لعائلة جاره الثكلى طيلة أسبوع وأكثر لاستقبال المعزّين، إنما ليس للجار على الجار ضربة لازم إن هو رفض، بل عتب بحُكم العشم وقدّ المحبة، ولذا فلا لوم لنا على كاهن يونانيّ غريب لو ضرب بأعرافنا عرض الحائط ورفض أن يستقبلنا. عتبنا كبير - بحجم محبتنا - على جيراننا أعضاء مجلس الطائفة الأرثوذكسية في قانا الجليل، الذين لم يهبّوا لنجدة جيرانهم في مصابهم، مكتفين بالقول إنهم لا يمونون على شيء أو على أحد. لقد كان الأجدر بهم أن يثنوا الكاهن الرافض عن رفضه بكل وسيلة متاحة، بدل الاكتفاء برفع الأكتاف، وأن يقولوا كلمتهم مَن هو صاحب البيت ومن يستقبل فيه؛ وإلا فأيّ مجلس طائفة هذا الذي لا حول له ولا قوة في أبسط الأمور. أما إذا كان هذا هو موقف مجلس الطائفة نفسه ، فهذا مما لا يحتاج إلى تعليق من طرفنا.
[email protected]