صفاء عيق، سيرين نجم، ايمان وتد ولي حلو، فتيات في مقتبل العمر، نجحن في اثبات تميزهنّ لتفتح لهنّ كبرى شركات الهايتك الأبواب ويندمجن بالعمل في جوجل، Procter&gambel، Check Point و SIZMEK، بمساعدة مؤسستيّ تسوفن وجمعيّة ITworks ضمن برنامج حكومي بمبادرة وتمويل وزارة الاقتصاد، وليتحولن إلى قصّص نجاح ملهمة لكافة النساء العربيات اللواتي يبحثن عن التميّز والتأثير
نشهد في الفترة الأخيرة، اقتحام نساء عربيات لمجال الهايتك رغم كل التحديات التي تواجهنها، والتحوّل إلى قدوة ومثالاً يحتذى به من حيث تميزهنّ واثبات قدراتهنّ الاستثنائيّة، بالذات حين تتوفر المؤسسات المجتمعيّة كتسوفن وITworks التي توفر كل الأدوات والآليات المساعدة والدعم المهني اللازم لزيادة مشاركة العرب في صناعة الهايتك، وذلك في اطار البرنامج الحكومي الذي بادرت اليه وزارة الاقتصاد، بحيث تعمل المؤسستينعلى تفعيل هذا البرنامج بميزانيّة تبلغ 10 مليون شيكل على مدار ثلاث سنوات.
صفاء عيق، ابنة أم الفحم، هي خير مثال على أنّ لا مستحيل أمام الارادة الصلبة، صفاء تدرس في جامعة تل أبيب، سنة ثالثة علوم حاسوب وأولى ادارة أعمال، ومع أنّها لا تزال على مقاعد الدراسة، نجحت بالوصول إلى أهم شركة هايتك، إذ تعمل في شركة جوجل كمطورة برمجيات. منذ تخصصها في موضوع هندسة البرمجيات خلال مرحلة المدرسة الثانوية، أيقنت صفاء أنّ هذا هو المجال الذي ستكمل فيه مشوارها المهنيّ، بعد أن وجدت فيه شغفها وامكانية توظيف واستغلال الطاقة الهائلة التي تمتلكها، حتى أنّها حين سجلت للتعليم الجامعي لم تضع غير خيار واحد، وهو علوم الحاسوب رغم معارضة العائلة في بداية الأمر وتخوفهم من أن لا تجد عملاً لكونها عربية، فضلاً عن كونها محجبة.
حول نجاحها في الانضمام إلى شركة جوجل، تقول صفاء "كنت حريصة منذ بداية تعليمي على المشاركة في كل المناسبات التي تنظمها شركات الهايتك، وبالأخص جوجل، تعرفت على العديد من الأشخاص في هذا المجال، واجتزت العديد من مقابلات العمل في مختلف الشركات، الا أنّني لم أجد عملا مناسباً، فتوجهت عندها إلى مؤسسة تسوفن وهناك اجتزت دورة تطوير تطبيقات، الدورة كانت رائعة وأكسبتني الخبرة والتجربة، اذ أنّها تحاكي ظروف العمل الفعلية في مجال صناعة الهايتك، بعد اجتياز هذه الدورة، أصبح طريق الوصول إلى جوجل أسهل". نجاح صفاء لا يقتصر على العمل في مجال صناعة الهايتك فحسب، بل أنّها تميّزت أيضاً في العمل الجماهيري، فهي أحد مؤسّسي مبادرة حاسوب في منطقة المثلث والتي تهدف إلى تطوير القدرات التكنولوجية لدى الجمهور وزيادة الوعي بالنسبة لأهميّة الهايتك، كما أنّها تدير فرع جمعيّة She Codes في جامعة تل أبيب والتي تعمل على دمج النساء في مجال الهايتك. إلى جانب ذلك، تطمح صفاء إلى تأسيس شركة ناشئة، تتابع فيها تطوير مشروعها الخاص في مجال الهايتك من الألف إلى الياء.
سيرين نجم، والتي تبلغ 24 عاماً، هي مثالاً لقوّة التحدي والمثابرة، فقد قبلت إلى ما يقارب 15 مكان عمل وأبت إلا أن تعمل في المكان والمنصب الذي تريده وبالشروط التي ترغب بها. سيرين كانت العربية الوحيدة في دفعتها حين بدأت دراسة هندسة الصناعة والادارة في التخنيون. أنهت سيرين تعليمها الجامعيّ قبل شهر، الا أنّها بدأت بالعمل في مجال تعليمها منذ السنة الثانية، اذ عملت بعدّة وظائف كمحللة تقارير بحثيّة، وعملت أيضاً في قسم الأنظمة اللوجستية في شركة كوكا كولا وغيرها. في الفصل الدراسي الأخير بدأت بالبحث الجاد عن عمل كمهندسة، بتوجيه ومرافقة من قبل طاقم ITworks. التجربة في ITworks بالنسبة لسيرين كانت مثرية ومثمرة للغاية بحيث تمّ اعدادها بشكل شامل للاندماج في عالم الهايتك. منذ بداية الطريق، صمّمت سيرين على العمل في صفوف شركة Procter&gambel العالميّة والتي تعد حلم كل شخص في مجال هندسة الصناعة. ورغم أنّ ITworks مهدّت الطريق أمامها للعمل في ما يقارب 15 شركة، الا أنّها في كل مرّة كانت تتنازل عن فرصة العمل قبل التوقيع على عقد العمل أو بعد البدء بالعمل بأسبوعين، إلى أن أوضحت لطاقم المؤسّسة أنّها تريد أن تعمل فقط في Procter&gambel، وكان لها ما أرادت، بعد أن تمّ اختيارها من بين 1200 مرشح قدموا ترشيحاتهم للانضمام للشركة.
ايمان وتد، ابنة قرية جت، تبلغ أيضاً 24 عاماً، درست الهندسة الطبية الحيويّة في التخنيون. تقول ايمان عن فترة دراستها، أنّه في بادئ الأمر كانت مصدومة من الهوّة الشاسعة ما بين التعليم الثانوي والتعليم الجامعي، ثمّ بدأ تحصيلها بالتحسن شيئاً فشيئاً إلى أن أنهت تعليمها بامتياز. وعن تجربتها في العمل، تقول ايمان "خلال الفصل الدراسي الأخير، عملت كمساعدة في مجال الأبحاث لدى بروفيسور حسام حايك، وحال انهاء تعليمي كنت بين خيارين امّا الاستمرار في العمل في مجال الأبحاث أو البحث عن عمل كمهندسة. رحلة البحث عن عمل بدأت عمليّاً قبل انهاء التعليم بسنة ونصف، إذ قمت بارسال سيرتي الذاتية للشركات ذات الصلة بمجال دراستي، لكن بالذات في الفصل الدراسي الأخير بحثت بشكل مكثف، الا أنّني واجهت عوائق كثيرة حالت دون ايجاد عمل مناسب، فلم يكن هنالك أيّة شركة استجابت لتوجهي".
وأضافت أيمان: "بعد انهاء تعليمي بشهر واحد توجهت إلى مؤسسة ITworks، وبعد سيرورة مكثفة استمرت شهرين وجدت عملاً مناسباً بعد أن نجحت باجتياز كل امتحانات التصنيف ومقابلات العمل. في مؤسسة ITworks حصلت على فرصة الانكشاف على مجال الهايتك وتعلم دورة في تطوير التطبيقات، بعد أنّ اتضح أنه ليس هنالك وظائف شاغرة في مجال تخصّصي. في غضون شهرين وجدت عملاً كفاحصة برمجيات في شركة تشيك بوينت، شركة كبيرة في تل أبيب". ايمان توضح أنّها لن تتنازل عن مجال دراستها، لكنها سعيدة حالياً بعملها بالذات أنّ هنالك امكانيات للتقدم والترقية في الشركة. وتضيف أنّ السيرورة التي اجتازتها في ITworks ساعدتها على توسيع آفاقها وإبداء المرونة لخوض غمار تجربة جديدة في مجال مختلف".
لي حلو، ابنة الرّامة، والتي تبلغ من العمر 23 عاماً، أنهت دراسة علوم الحاسوب وعلى وشك انهاء ادارة الأعمال. حول اختيارها لموضوع دراستها تقول أنّه خلال التعليم الثانوي كان ميولها أكثر لمواضيع الرياضيات والفيزياء والحاسوب لذا كان من الطبيعي أن تختار دراسة علوم الحاسوب، أمّا ادارة الأعمال فقد اختارته لما فيه من تنويع فهو يدمج ما بين مواضيع عديدة كالاقتصاد والحسابات والمحاماة والادارة. خلال السنة الثالثة من تعليمها، بدأت لي بفحص امكانيات العمل، وتوجهت عندها إلى مؤسّسة تسوفن وقدّمت لهم سيرتها الذاتية والتي أرسلوها فوراً للشركة التي تعمل بها حاليّاً، SIZMEK، إذ تعمل هناك منذ 8 شهور كمهندسة في مركز المراقبة والتحكم. وتقول لي أنّ طاقم تسوفن ساعدها لاجتياز مقابلات العمل ورافقها في كل مراحل القبول. فبدون تسوفن لم تكن لتجد هذا العمل لوحدها. وتضيف أنّها سعيدة جداً في عملها، بالذات أنّ هذا العمل يفتح أمامها العديد من الآفاق، كما أنّها تطمح إلى الوصول لمنصب إداري في الشركة.
ايلا بار-دافيد، مديرة تشغيل المجتمع العربي في وزارة الاقتصاد، قالت: "دمج النساء العربيات في مجال الهايتك هو أحد الأهداف الأساسية بالنسبة لنا. الوظائف الشاغرة في صناعة الهايتك في اسرائيل تفوق عدد المرشحين والمرشحات لاشغال هذه الوظائف بكثير، لذا يعاني هذا القطاع من نقص كبير في القوى العاملة المهنيّة، وبناءً عليه من المهم استثمار الطاقات الكامنة لدى المجتمع العربي عامةً والنساء العربيات خاصةً لسد هذه الحاجة ودفع عجلة الهايتك الاسرائيلي قدماً".
[email protected]