يوم الاثنين الثالث والعشرين من نوفمبر/تشرين ثاني يومٌ دامي بحقٍ، وأليمٌ بلا شك، وأسودٌ بلا ريبٍ، رغم أن فيه مع الحزنِ فرحةً، ومعه بعض السعادة، وفيه مع الألم شيئٌ من الأمل، ولكنه يبقى يوماً من أيام الانتفاضة المجيدةِ مشهوداً، وتاريخاً محفوظاً، ففيه ما يميزه ويجعله عن باقي الأيام مختلفاً، وعن سواه مغايراً، فهو يوم الشهداء الأطفال بامتياز، ويوم المقاومين الصغار بحق، فالذين سقطوا وجرحوا واعتقلوا، والذين نفذوا وطعنوا، كانوا جميعاً من الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم السادسة عشر.
وقد توزعت الأحداث في هذا اليوم فشملت القدس حيث الإجراءات الأمنية الإسرائيلية قد بلغت فيها ذروتها، ولكن هالة الأمن التي كانت سلطات الاحتلال تدعيها في مدينة القدس ومحيطها قد تمزقت وتبددت بفعل فتاتين فلسطينيين صغيرتين، إذ وصلتا إلى قلب القدس، وإلى أكثر أماكنها أمناً وحساسية، وامتد يوم الفلسطينيين الدامي إلى مدينة رام الله وشمالاً إلى نابلس، وإن كان الكثير من النشطاء والمنفذين يأتون من محافظة ومدينة الخليل إلى كل المدن والبلدات الفلسطينية.
إذ في هذا اليوم قتل في شارع 443 جنوب غرب رام الله مستوطنٌ يهودي وأصيبت أخرى بجروح، عندما قام شابٌ من مدينة رام الله بطعنهما، فقتل الأول وأصاب الثانية وهي مجندة في جيش الاحتلال بجراحٍ خطيرة، وترك المستوطنين يتخبطون في دم قتيلهم وحيرة مستقبلهم، ولكن فرحة نجاحه في طعنهما لم تكتمل، إذ تكالب عليه المستوطنون، وأطلقوا عليه النار من كل مكانٍ فقتلوه، وأبقوه على الأرض ملقىً، ولم يسمحوا للإسعاف الفلسطيني بالاقتراب منه، علماً أن الشاب قد نجح بعد طعنهما بالفرار بعيداً عن مكان الحادثة.
وفي الخليل التي لا تتوقف عن الغليان، ولا تهدأ فيها الانتفاضة، ولا يتوقف أبناؤها عن تصدير الثورة، ونقل الجذوة وحمل المشعل إلى مختلف مدن الضفة الغربية، فقد تمكن أفراد من جيش العدو من توقيف مواطنةٍ فلسطينيةٍ قرب الحرم الإبراهيمي جنوبي المدينة، ولكنه أخفى المرأة ولم يعلن عن حالتها شئ، ولم يبين ما هو وضعها ولماذا اعتقلها، وقد أبقى حالتها غامضة، ولم يعلن عن المكان الذي نقلها إليه، الأمر الذي قد يدفعه لقتلها والادعاء بأنها كانت تحمل سكيناً وتهم بطعنٍ جنودٍ أو مستوطنين إسرائيليين.
أما في مدينة القدس، وبالقرب من محطة القطار عند سوق محنيه يهودا، فقد كانت الخسارة كبيرة والمصيبة موجعة، عندما قام المستوطنون بإطلاق النار على فتاتين فلسطينيتين قاصرتين، إحداهما في الرابعة عشر من عمرها، بينما لم تتم الثانية عامها السادس عشر، وهما من عائلةٍ واحدةٍ، حيث قتل الإسرائيليون الطفلة الثانية عن قربٍ، وجاء غيرهم وأطلق عليها النار من جديدٍ بعد مقتلها، بينما أصيبت الصغرى بجراحٍ ونقلت من مكان الحادث تحت الحراسة المشددة إلى مستشفى إسرائيلي.
لكن الفتاتين الصغيرتين الغاضبتين الحانقتين الثائرتين الغيورتين، كانتا تحملان مقصاً، وقد جاءتا به من بيتهما، بزيهما المدرسي الذي يتميز به التلاميذ، ونجحتا في طعن أربعة صهاينة، وإن كانت جراح ثلاثة منهم بسيطة، فإن جراح الرابع وصفت بأنها خطيرة، وقد نقلت وسائل الإعلام المختلفة صوراً لصهيونيٍ شابٍ، يدوس بقدمه يد الفتاة الشهيدة، ويحاول الضغط عليها كمن يريد سحقها.
أما في حوارة جنوب مدينة نابلس، فقد انبرى للشهادة طفلٌ فلسطيني آخر، لم ينهِ بعد عامه السادس عشر، وأصيب معه شابٌ في الثامنة عشر من عمره، وكانت سلطات الاحتلال قد أوقفتهما على حاجز حوارة العسكري، إلا أن الجنود الإسرائيليين على الحاجز اشتبها فيهما، وأطلقا النار باتجاههما ما أدى إلى استشهاد الطفل ذي الستة عشر عاماً، وإصابة الآخر بجراح، نقل على إثرها إلى المستشفى.
يحزن الفلسطينيون ومعهم الكثير من أبناء الأمة العربية والإسلامية على الفلسطينيين الذين يسقطون في هذه الانتفاضة على أيدي سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وجلهم من الأطفال والشباب اليافع، ويزدادون حزناً وألماً عندما لا يتمكن المنفذون من قتل أو إلحاق الأذى الشديد بالجنود والمستوطنين الإسرائيليين، وتكون النتيجة استشهاد المنفذين ونجاة الإسرائيليين، إذ بلغ عدد شهداء الانتفاضة منذ مطلع أكتوبر الماضي حتى اليوم الاثنين أكثر من تسعين شهيداً، بينما لم يصل عدد القتلى الإسرائيليين إلى عشرين قتيلاً.
علق كاتبٌ إسرائيلي على أحداث يوم الاثنين واصفاً إياه باليوم الأسود الإسرائيلي، وأنه ليس أسوداً على الفلسطينيين، الذين يناضلون من أجل قضيتهم، وينتفضون لاستعادة أرضهم وحقوقهم، ومن الطبيعي لشعبٍ يقاوم أن يسقط منها قتلى وتلحق به خسائر، والفلسطينيون يقتلون على مدى عمر حكومات الليكود وكاديما من قبل دون أسبابٍ موجبة لذلك، ولا مبررات ومسوغاتٍ أمنية تجيز قتلهم ولا تفضل عليه اعتقالهم.
وهو أسودٌ بالنسبة للإسرائيليين، إذ كشف هذا اليوم عن سوء خلقهم، وتردي قيمهم، وافتقارهم إلى القيم الإنسانية، وبين أنهم لا يحترمون أصول وقواعد القتال والاشتباك، ولا منطلقات التعامل مع الشعوب الواقعة تحت الاحتلال، فهم يقتلون الميت، ويجهزون على الجريح، ويعدمون البريء، ويعتدون على الفلسطينيين ثم يطالبونهم بالقبول بهم، والتفاوض معهم، والاستجابة إلى شروطهم، وتفهم حاجاتهم ومصالحهم.
ربما صدق هذا الإسرائيلي من حيث لم يكن يقصد الصدق، ولكنه قال الحقيقة التي قد تغيب عن بال الكثيرين، فالفلسطينيون لا يفرقون بين أيامهم، ولا يصفون يوماً بأنه أسودٌ وآخر بأنه أبيض، بل يعتبرون كل أيامهم متشابهة ما بقي الاحتلال، وهي واحدة ما استمرت الانتفاضة في فعالياتها وعملياتها، وهم لا يوقفون مقاومتهم ولا يمتنعون عن تقديم الشهداء، ولا يستعظمون تضحياتهم أمام هدفهم الكبير.
كما أن الأيام كلها تعري الإسرائيليين وتكشف عن دونية أخلاقهم، وتردي قيمهم، وتفضح ممارسات جيشهم الذي يدعي المناقبية العالية، والتمسك بالقيم الإنسانية الرفيعة، وتكشف أيضاً عن سلوكيات شعبهم، وأخلاق مستوطنيهم، والدرك السحيق الذي وصلوا إليه، وتكذب دعواهم بأنهم يحبون السلام ويسعون إليه، وهم في حقيقتهم قتلة ومجرمون، ومعتدون وظالمون، وغاصبون ومحتلون، مما يجعل مستقبلهم مجهولاً، وتاريخهم على مدى الأيام دامياً، لا يجلب لهم إلا الحروب، ولا يورث لهم إلا المهالك.
يوم الاثنين الثالث والعشرين من نوفمبر/تشرين ثاني يومٌ دامي بحقٍ، وأليمٌ بلا شك، وأسودٌ بلا ريبٍ، رغم أن فيه مع الحزنِ فرحةً، ومعه بعض السعادة، وفيه مع الألم شيئٌ من الأمل، ولكنه يبقى يوماً من أيام الانتفاضة المجيدةِ مشهوداً، وتاريخاً محفوظاً، ففيه ما يميزه ويجعله عن باقي الأيام مختلفاً، وعن سواه مغايراً، فهو يوم الشهداء الأطفال بامتياز، ويوم المقاومين الصغار بحق، فالذين سقطوا وجرحوا واعتقلوا، والذين نفذوا وطعنوا، كانوا جميعاً من الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم السادسة عشر.
وقد توزعت الأحداث في هذا اليوم فشملت القدس حيث الإجراءات الأمنية الإسرائيلية قد بلغت فيها ذروتها، ولكن هالة الأمن التي كانت سلطات الاحتلال تدعيها في مدينة القدس ومحيطها قد تمزقت وتبددت بفعل فتاتين فلسطينيين صغيرتين، إذ وصلتا إلى قلب القدس، وإلى أكثر أماكنها أمناً وحساسية، وامتد يوم الفلسطينيين الدامي إلى مدينة رام الله وشمالاً إلى نابلس، وإن كان الكثير من النشطاء والمنفذين يأتون من محافظة ومدينة الخليل إلى كل المدن والبلدات الفلسطينية.
إذ في هذا اليوم قتل في شارع 443 جنوب غرب رام الله مستوطنٌ يهودي وأصيبت أخرى بجروح، عندما قام شابٌ من مدينة رام الله بطعنهما، فقتل الأول وأصاب الثانية وهي مجندة في جيش الاحتلال بجراحٍ خطيرة، وترك المستوطنين يتخبطون في دم قتيلهم وحيرة مستقبلهم، ولكن فرحة نجاحه في طعنهما لم تكتمل، إذ تكالب عليه المستوطنون، وأطلقوا عليه النار من كل مكانٍ فقتلوه، وأبقوه على الأرض ملقىً، ولم يسمحوا للإسعاف الفلسطيني بالاقتراب منه، علماً أن الشاب قد نجح بعد طعنهما بالفرار بعيداً عن مكان الحادثة.
وفي الخليل التي لا تتوقف عن الغليان، ولا تهدأ فيها الانتفاضة، ولا يتوقف أبناؤها عن تصدير الثورة، ونقل الجذوة وحمل المشعل إلى مختلف مدن الضفة الغربية، فقد تمكن أفراد من جيش العدو من توقيف مواطنةٍ فلسطينيةٍ قرب الحرم الإبراهيمي جنوبي المدينة، ولكنه أخفى المرأة ولم يعلن عن حالتها شئ، ولم يبين ما هو وضعها ولماذا اعتقلها، وقد أبقى حالتها غامضة، ولم يعلن عن المكان الذي نقلها إليه، الأمر الذي قد يدفعه لقتلها والادعاء بأنها كانت تحمل سكيناً وتهم بطعنٍ جنودٍ أو مستوطنين إسرائيليين.
أما في مدينة القدس، وبالقرب من محطة القطار عند سوق محنيه يهودا، فقد كانت الخسارة كبيرة والمصيبة موجعة، عندما قام المستوطنون بإطلاق النار على فتاتين فلسطينيتين قاصرتين، إحداهما في الرابعة عشر من عمرها، بينما لم تتم الثانية عامها السادس عشر، وهما من عائلةٍ واحدةٍ، حيث قتل الإسرائيليون الطفلة الثانية عن قربٍ، وجاء غيرهم وأطلق عليها النار من جديدٍ بعد مقتلها، بينما أصيبت الصغرى بجراحٍ ونقلت من مكان الحادث تحت الحراسة المشددة إلى مستشفى إسرائيلي.
لكن الفتاتين الصغيرتين الغاضبتين الحانقتين الثائرتين الغيورتين، كانتا تحملان مقصاً، وقد جاءتا به من بيتهما، بزيهما المدرسي الذي يتميز به التلاميذ، ونجحتا في طعن أربعة صهاينة، وإن كانت جراح ثلاثة منهم بسيطة، فإن جراح الرابع وصفت بأنها خطيرة، وقد نقلت وسائل الإعلام المختلفة صوراً لصهيونيٍ شابٍ، يدوس بقدمه يد الفتاة الشهيدة، ويحاول الضغط عليها كمن يريد سحقها.
أما في حوارة جنوب مدينة نابلس، فقد انبرى للشهادة طفلٌ فلسطيني آخر، لم ينهِ بعد عامه السادس عشر، وأصيب معه شابٌ في الثامنة عشر من عمره، وكانت سلطات الاحتلال قد أوقفتهما على حاجز حوارة العسكري، إلا أن الجنود الإسرائيليين على الحاجز اشتبها فيهما، وأطلقا النار باتجاههما ما أدى إلى استشهاد الطفل ذي الستة عشر عاماً، وإصابة الآخر بجراح، نقل على إثرها إلى المستشفى.
يحزن الفلسطينيون ومعهم الكثير من أبناء الأمة العربية والإسلامية على الفلسطينيين الذين يسقطون في هذه الانتفاضة على أيدي سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وجلهم من الأطفال والشباب اليافع، ويزدادون حزناً وألماً عندما لا يتمكن المنفذون من قتل أو إلحاق الأذى الشديد بالجنود والمستوطنين الإسرائيليين، وتكون النتيجة استشهاد المنفذين ونجاة الإسرائيليين، إذ بلغ عدد شهداء الانتفاضة منذ مطلع أكتوبر الماضي حتى اليوم الاثنين أكثر من تسعين شهيداً، بينما لم يصل عدد القتلى الإسرائيليين إلى عشرين قتيلاً.
علق كاتبٌ إسرائيلي على أحداث يوم الاثنين واصفاً إياه باليوم الأسود الإسرائيلي، وأنه ليس أسوداً على الفلسطينيين، الذين يناضلون من أجل قضيتهم، وينتفضون لاستعادة أرضهم وحقوقهم، ومن الطبيعي لشعبٍ يقاوم أن يسقط منها قتلى وتلحق به خسائر، والفلسطينيون يقتلون على مدى عمر حكومات الليكود وكاديما من قبل دون أسبابٍ موجبة لذلك، ولا مبررات ومسوغاتٍ أمنية تجيز قتلهم ولا تفضل عليه اعتقالهم.
وهو أسودٌ بالنسبة للإسرائيليين، إذ كشف هذا اليوم عن سوء خلقهم، وتردي قيمهم، وافتقارهم إلى القيم الإنسانية، وبين أنهم لا يحترمون أصول وقواعد القتال والاشتباك، ولا منطلقات التعامل مع الشعوب الواقعة تحت الاحتلال، فهم يقتلون الميت، ويجهزون على الجريح، ويعدمون البريء، ويعتدون على الفلسطينيين ثم يطالبونهم بالقبول بهم، والتفاوض معهم، والاستجابة إلى شروطهم، وتفهم حاجاتهم ومصالحهم.
ربما صدق هذا الإسرائيلي من حيث لم يكن يقصد الصدق، ولكنه قال الحقيقة التي قد تغيب عن بال الكثيرين، فالفلسطينيون لا يفرقون بين أيامهم، ولا يصفون يوماً بأنه أسودٌ وآخر بأنه أبيض، بل يعتبرون كل أيامهم متشابهة ما بقي الاحتلال، وهي واحدة ما استمرت الانتفاضة في فعالياتها وعملياتها، وهم لا يوقفون مقاومتهم ولا يمتنعون عن تقديم الشهداء، ولا يستعظمون تضحياتهم أمام هدفهم الكبير.
كما أن الأيام كلها تعري الإسرائيليين وتكشف عن دونية أخلاقهم، وتردي قيمهم، وتفضح ممارسات جيشهم الذي يدعي المناقبية العالية، والتمسك بالقيم الإنسانية الرفيعة، وتكشف أيضاً عن سلوكيات شعبهم، وأخلاق مستوطنيهم، والدرك السحيق الذي وصلوا إليه، وتكذب دعواهم بأنهم يحبون السلام ويسعون إليه، وهم في حقيقتهم قتلة ومجرمون، ومعتدون وظالمون، وغاصبون ومحتلون، مما يجعل مستقبلهم مجهولاً، وتاريخهم على مدى الأيام دامياً، لا يجلب لهم إلا الحروب، ولا يورث لهم إلا المهالك.
[email protected]