شهدت القدس الغربية، مساء أمس السبت، مظاهرة حاشدة في القدس الغربية، احتجاجا على التصعيد الأخير ودعوةً لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وقد شارك في هذه المظاهرة والتي جاءت تحت عنوان "عربا ويهودا- نقف معا" نحو ألفي متظاهر، كان بينهما رون جرليتس ورونق ناطور، المديران العامان المشاركان لـ "سيكوي- الجمعة لدعم المساواة المدنية في البلاد".
وكانت ناطور قد ألقت الخطاب الاختتامي للمظاهرة، قالت فيه: هذه المظاهرة، بتركيبتها، ومضامينها، تؤشر نحو المستقبل الذي نتطلع إليه. مستقبلنا موجود هنا! عندما يقف معا اليهود والعرب المختلفون بلغتهم ودياناتهم، لكن اللغة الانسانية الأممية تجمعهم. وهذه اللغة لبالغ الأسف، بعيدة جدا عن اللغة المسيطرة حاليا، في الحيز العام الاسرائيلي.
- ضد الاحتلال والتمييز وضرب المدنيين!
وها هي جرعة مرة - جرعة من التحريض الكامن في سؤال واحد فقط، فبعدما تعرض مواطن يهودي من كريات آتا للطعن، على يد يهودي آخر، سألته الصحافة: "اذن، هل طعنت بالخطأ؟" فرد المصاب بنبل مؤثر: "لماذا؟ ولو كنت عربيا، أما كان الطعن خطأ؟" وبذلك، فإننا نحيي هذا المصاب اليهودي، الذي لم يختر في لحظة الحقيقة الجانب المظلم من الحياة، انما اختار الجانب الانساني منها. اذن، نحن هنا اليوم بالضبط كي نكون بترتيب الأمور في مكانها الصحيح. وها هو، بكل الفخر، معجمنا الجديد-القديم:
ألف: طعن اليهودي أو العربي هو خطأ.
باء: التحريض ضد خمس مواطني الدولة خطأ.
جيم: اطلاق النار على مواطنة لم تشكل أي خطر هو خطأ.
دال: التمييز ضد خمس مواطني الدولة هو خطأ!
هاء: احتلال شعب آخر منذ خمسة عقود هو مصدر كل الأخطاء والخطايا.
"هذا هو معجمنا الإنساني، المعجم الذي -نحن اليهوديات والعربيات- اليهود والعرب، فخورات وفخورون به. هذا المعجم وحده هو الذي يربي على قيم السلام وسيحقق السلام. إنه معجمنا مقابل معجم أولئك الساعين إلى قلب كلّ حجر هنا نحو التحريض والإقصاء وكره الآخر !!
- لنتعامل بندية وبمنظار المواطنة والحياة المشتركة
وأشارت ناطور إلى الدور الذي تؤديه "سيكوي" في هذا الصدد فقالت: "إنني أمثّل هنا جمعية سيكوي. وهي منظمة عربية يهودية مكوّنة من مواطنين يهود وعرب. نحن نعمل سوية بغية تحقيق المساواة والشراكة، ونمثّل قطبي الصراع اليهودي العربي. علماً أن الروايتين المختلفتين لا تقفان عند عتبة جمعيتنا، بل تتصادمان داخلنا أيضاً، لكننا نحرص دوماً، خاصة بمثل هذه الأيام، على عدم التخلّي عن إيماننا مدركين أننا نعيش في وطن مشترك لكلا الشعبين. من هنا أناشد المواطنين اليهود والعرب - لقد امتلأ الأسبوع المنصرم بالعناوين التهييجية ومعها أصوات التحريض من كلّ جانب. لكن، خاصة بهذه الأيام لا بدّ لنا من النظر أحدنا إلى الآخر بمنظار المواطنة والحياة المشتركة، مع مواصلة السعي لإحلال التكافؤ ما بين اليهود والعرب وإنشاء المجتمع الذي يليق بالإنسان أيّ كان.
- لن نسمح بالتشكيك في مواطنتنا!
وأضافت ناطور: إنّ ما يسيطر الآن على كلا الشارعين، اليهوديّ والعربيّ، هو التوتر والإحباط. فإلى جانب الخوف المفهوم لدى المواطنين اليهود أمام موجة الإعتداءات التي نشجبها بشدّة، لا بدّ أن تفهموا كيف يشعر الآن كلّ مواطن خامس في الدولة، أي كلّ مواطن عربي، وكيف يؤثّر عليه التحريض والهجمات العنصرية الحالية من قبل بعض قادة الدولة. إنّ الدعوات لفصل العرب ومقاطعتهم وكذلك الإعتداءات العنصرية في نتانيا وديمونا والخضيرة وبقية المواقع، ناهيك عن اليد الرخوة على الزناد، كلّ هذا يجعل المواطنين العرب يعيشون تحت وطأة الشعور بالحصار والترهيب. من هنا أوجّه دعوتي الواضحة وصرختي العالية إلى الحكومة: أنتِ مسؤولة أيضاً عن أمننا وسلامتنا، نحن المواطنون العرب! وقد آن الأوان لتبدأي بتحمل مسؤولية الحفاظ على سلامتي وأمني كما سلامة وأمن عائلتي وكافة العرب مواطني هذه الدولة!
"للأسف الشديد، إنّ الرسالة التي يبثها قادة الجمهور في البلاد توحي وكأنّ الحقوق المدنية الأساسية لكلّ مواطن عربي مشروطة بإظهار الولاء على شاكلة ليبرمان أو بتقديم واجبات مختلفة. إنهم يحاولون إفهامنا، نحن المواطنون العرب، ما معناه أننا لسنا جزءاً من الدولة وأنهم يمنّون علينا بوجودنا هنا، كما صرّح منذ مدّة نائب وزير الداخلية. ممنوع قبول مثل هذا الوضع في دولة "ديمقراطية".
"إنني أقولها وبصوت عالٍ – أنا مواطنة في هذه الدولة. نقطة على السطر. توقفوا عن التشكيك بمواطنتي ووضع مختلف الشروط الواهية لمنحنا نفس الحقوق المستحقة، تماماً كما للمواطنين اليهود. من المحظور تجاهل ذلك، بل لزاماً على قادة الدولة والجمهور الواسع الإعتراف بوجود واقع مركّب ومعقّد نعيش فيه، نحن مواطنو الدولة الفلسطينيون. لقد آن الأوان لتفهموا أنني جزء من الشعب الفلسطيني وأيضاً مواطنة في دولة إسرائيل. نحن نعيش بدولة مشتركة للشعبين وعلينا مواصلة العيش هنا سوية أيضاً بعد هذه الجولة من التصعيد.
وأنهت ناطور خطابها: لا بدّ لنا من العمل على تهدئة الأوضاع وهذه مسؤولية الحكومة. ولا بدّ من مواجهة مصدر هذا الصراع المستمر النازف، ألا وهو إستمرار الإحتلال. إنني متأثرة جداً وفخورة برؤية آلاف اليهوديات والعربيات اللواتي غادرن منازلهن والرجال اليهود والعرب الذين غادروا منازلهم بغية الوصول إلى هنا. إننا مستقبل هذا المجتمع المشترك وأمل الأجيال القادمة. نقف معا، ومعا سننتصر."
[email protected]