اغلق المسؤولون في منطقة اليورو، اليوم السبت، باب المفاوضات مع اثينا غداة اعلان عزمها على اجراء استفتاء حول مطالب دائنيها، ما يجعل سيف العجز عن السداد مسلطا عليها مع تداعيات لا يمكن التنبؤ بطبيعتها.
واعلن رئيس يوروغروب، يروين ديسلبلوم بعد اجتماع لوزراء مال الدول الـ 19 الاعضاء في منطقة اليورو، ان خطة المساعدة المالية التي تستفيد منها اثينا منذ 2012 "ستنتهي في 30 حزيران (يونيو) الجاري".
واوضح ان الجانب اليوناني قطع من جانب واحد المفاوضات مع اعلانه ليلا الاستفتاء المذكور المقرر في الخامس من تموز (يوليو) المقبل.
واجتماع وزراء المال وهو الخامس في عشرة ايام كان سيشكل الفرصة الاخيرة، لكنه كرس على العكس القطيعة بين اليونان وشركائها.
وكانت المؤسسات الدائنة لليونان (صندوق النقد الدولي والمفوضية الاوروبية والبنك المركزي الاوروبي) قدمت لاثينا اقتراحا بتمديد خطة المساعدة شرط ان توافق الاخيرة على تنفيذ حزمة اجراءات.
وقال وزراء مالية منطقة اليورو في قرار حمل توقيعهم جميعا باستثناء الوزير اليوناني "للاسف على الرغم من الجهود التي بذلت على جميع المستويات والدعم الكامل والتام من مجموعة اليورو فان هذا الاقتراح رفضته السلطات اليونانية التي قطعت المفاوضات بشكل احادي الجانب" مساء الجمعة.
واوضح ديسلبلوم ان اثينا "طلبت" تمديد خطة المساعدة لمدة شهر واحد كي يتسنى للحكومة اليونانية اجراء استفتاء في 5 تموز (يوليو) المقبل حول الاقتراح المعروض عليها، لكن شركاءها رفضوا طلبها لان "اي برنامج يجب ان يستتبع باجراءات على صعيدي التقشف في الموازنة والاستقرار المالي" و"اذا كانت الحكومة اليونانية ليست مستعدة للموافقة" على الاقتراحات التي قدمت اليها "فهذا يعني ان هناك مشكلة مصداقية".
وذكر رئيس مجموعة اليورو بأن "من مسؤولية الحكومة اليونانية ايا كانت الحالة ان تحترم التزاماتها تجاه دائنيها".
من جهة ثانية، اكد وزراء مالية المجموعة الـ 18 في بيانهم ان سلطات منطقة اليورو "مستعدة لفعل كل ما يلزم لضمان الاستقرار المالي للمنطقة".
وسارع البنك المركزي الاوروبي الى الاعلان ان مجلس حكامه سيلتئم، على ان يعقد الاجتماع غدا الاحد على الارجح حسب مصدرين، فيما يسود الذعر المصارف اليونانية.
وفي الانتظار، لا تبدو الظروف ملائمة لتواصل المؤسسة النقدية الاوروبية التي مقرها في فرانكفورت مد المصارف اليونانية بالسيولة عبر الية قروض طارئة تم تمديدها في الاونة الاخيرة يوما اثر آخر، ما قد يؤدي الى افلاس هذه المصارف.
واضاف ديسلبلوم "اذا كانت الحكومة اليونانية غير مستعدة لقبول" الاقتراحات التي عرضت عليها، "فثمة مشكلة صدقية".
وجاء تصريحه قبل اجتماع جديد لمنطقة اليورو لا تشارك فيه اليونان لبحث "الخطة باء" التي تعني تخلفا لاثينا عن السداد.
وبعد اشهر من المفاوضات غير المثمرة، عرضت الجهات الدائنة اي الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي هذا الاسبوع على اثينا اقتراحا يلحظ تمديد برنامج المساعدة لخمسة اشهر مع رزمة من القروض بقيمة 15,5 مليار يورو (12 مليارا من الاوروبيين و3,5 مليارات من صندوق النقد) في مقابل اصلاحات واجراءات تقشف مالية. وتنص هذه الخطة على مساعدة فورية بقيمة 1,8 مليار يورو تضاف اليها مساعدات اخرى خلال الصيف.
لكن هذا الاقتراح رفضه اليونانيون الذين اعتبروا ان التمديد قصير جدا والمبلغ غير كاف والشروط جائرة.
ومنذ اشهر، تتعثر المفاوضات مع الدائنين في شأن اصلاح نظام التقاعد والضريبة على القيمة المضافة فضلا عن مطالبة اثينا بأن تبحث منذ الان إعادة هيكلة لدينها الضخم الذي يناهز 180 في المئة من اجمالي ناتجها المحلي.
ودعا رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس اليونانيين الى تبني موقف من هذه الاقتراحات في اطار استفتاء يجري في الخامس من تموز (يوليو) المقبل. واعلن هذا الامر ليل الجمعة السبت.
واوضح تسيبراس ان "السؤال الذي سيطرح في الاستفتاء هو معرفة ما اذا كنا نقبل او نرفض اقتراح" الدائنين. وافساحا في المجال امام تنظيم الاستفتاء، طلبت اثينا تمديد خطة مساعدتها لشهر.
لكن وزراء المال الذين يمثلون دول منطقة اليورو الـ 18 اجمعوا اليوم السبت على رفض ذلك.
غير ان وزير المال اليوناني يانيس فاروفاكيس المعزول اكثر من اي وقت وعد "بمواصلة النضال" من اجل انتزاع اتفاق مع الدائنين قبل مساء الثلاثاء، موعد انتهاء مفاعيل الخطة الثانية لمساعدة اليونان.
والثلاثاء ايضا، على اثينا ان تسدد مليار ونصف مليار يورو لصندوق النقد الدولي، الامر الذي لا يمكن ان تفي به من دون مساعدة دائنيها. اما البديل فهو العجز عن السداد الذي قد يمهد لخروجها من منطقة اليورو مع ما يعنيه ذلك من تداعيات لا يمكن توقعها.
ودعا فاروفاكيس البنك المركزي الاوروبي الى التحرك بحيث يسدد المال مباشرة لصندوق النقد الدولي. وقال في مؤتمر صحافي اليوم السبت قبل مغادرته بروكسل ان "البنك المركزي الاوروبي يدين لنا بـ 1,9 مليار يورو، فليعطها لصندوق النقد الدولي". واعتبر ان يوم السبت "كان يوما حزينا لاوروبا" ملاحظا ان قرار الدائنين حيال بلاده يهدد بالحاق "ضرر دائم" بمنطقة اليورو.
وفي اثينا، كرر تسيبراس في اتصال هاتفي مع المستشارة الالمانية انجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اليوم السبت "عزمه" على اجراء الاستفتاء.
وفي وقت لاحق اليوم السبت، قال رئيس مجموعة اليورو جيروين ديسلبلوم في مؤتمر صحافي، إن منطقة اليورو مستعدة للتصدي لأي آثار ضارة لأزمة الديون اليونانية.
وأضاف ديسلبلوم "ناقشنا أمورا عدة من بينها التصميم القوي (داخل منطقة اليورو) والحفاظ على قوة (هذا التكتل). لقد وضعت الأطر وتم بناء مؤسسات تعزز تعاوننا وتقوي وحدتنا النقدية. نحن الآن في وضع أقوى عما كنا عليه قبل الأزمة".
وتابع "جميعنا عازمون على الاستخدام الكامل للأدوات المتاحة للحفاظ على تكامل واستقرار منطقة اليورو".
[email protected]