ان مأساة غزة المروعة ما زالت مستمرة ومتواصلة وتزداد همجية وعدوانية بسبب سياسات التجويع والتنكيل الممنهجة والتي هدفها اذلال شعبنا وابتزاز أهلنا في غزة حتى يضطروا لمغادرة غزة في اطار سياسة ممنهجة تحمل عنوان "التهجير الطوعي".
عندما يكون التهجير في ظل القصف والتجويع والتنكيل فإن هذا لا يمكن ان يكون تهجيرا طوعيا بل تهجيرا قسريا بسبب الممارسات الظالمة التي تستهدف شعبنا الفلسطيني .
الاحتلال يتحدث عن التهجير الطوعي في ظل القصف والتدمير والتجويع والتنكيل وفي الواقع ان هذا ليس تهجيرا طوعيا بل قسريا ومن سوف يغادر غزة يغادرها مرغما لانها أصبحت مكانا غير قابل للحياة وقد دمر فيها كل شيء .
الوضع في غزة مأساوي وكارثي ومن يتحمل المسؤولية ليس فقط الاحتلال بل هنالك الداعمين والمؤازرين والمتخاذلين والصامتين ، ولولا هؤلاء لما استمرت الحرب كل هذه الفترة الزمنية الطويلة ولما وصلنا الى هذا الكم الهائل من المآسي والكوارث .
ورغما عن قتامة الصورة والوضع المأساوي في غزة سنبقى نحمل في قلوبنا بعضا من التفاؤل في زمن يهيمن فيه التشاؤم على كافة تفاصيل حياتنا كفلسطينيين.
يريدوننا ان نكون غارقين في التشاؤم واليأس والإحباط والقنوط والاستسلام.
والواقع الذي نعيشه يشجع على ذلك ولكن لا يجوز ان نتناسى بأن الفلسطينيين هم شعب رازح في ظل الاحتلال منذ عام 48 و67 وحتى هذه الساعة وقضيتنا هي قضية تحرر من الاحتلال وان كانت الاغاثات ضرورية بما في ذلك الطحين والحليب ولكن قضيتنا ليست قضية حليب وطحين بل هي قضية استعمار واحتلال يجب ان يزول وشعب يستحق الحرية والكرامة والعيش بأمن وامان وسلام.
نعيش في أوضاع اليمة وعصيبة غير مسبوقة ولكن حذار من الإحباط واليأس والقنوط لان الانسان المحبط واليأس لا يمكنه ان يقدم شيئا لبلده وشعبه ونحن في وضع نحتاج فيه الى الطاقة الإيجابية من اجل ان نكون الى جانب أهلنا في غزة وان نقول لهم ابقوا في بلدكم حتى وان كان هذا على الركام فهذه حقبة عسيرة واليمة سوف تنتهي عاجلا ام اجلا ونتمنى ان يكون هذا عاجلا .
اقرأوا تاريخ الشعوب التي عانت من الاستعمار فكل استعمار في هذا العالم كانت له بداية وكانت له نهاية وما يمر به الفلسطينيون اليوم في غزة والضفة والقدس لا بد ان تكون له نهاية ونتمنى ان تكون النهاية سريعة .
ما نعيشه اليوم هو شر وهمجية وعنصرية وعدوانية وحرب إبادة دموية وتجويع وتنكيل واستهداف للفلسطيني في كل تفاصيل حياته .
يريدون النيل من معنوياتنا وارادتنا وصمود شعبنا ويريدون العبث بثقافتنا وهويتنا واصالة وجودنا فكل شيء فلسطيني مستهدف ومستباح ونحن بأمس الحاجة في هذه الأوقات الى الوعي والحكمة والرصانة والوطنية الحقة .
ان الجائعين في غزة اول ما يطلبونه اليوم هو الطعام لكي يبقوا على قيد الحياة وهذا اضعف الايمان وهذا ما يجب ان يوفر لهم ومن العار ان يكون أهلنا في غزة جائعين في حين ان بعض العرب يعيشون في حالة تخمة ويأكلون من اللحوم والمناسف ويفرشون الموائد دون ان يفكروا بالجائعين في غزة المنكوبة والمكلومة.
ان مقدرات العالم العربي وامواله وثرواته لو تم استعمالها بشكل جيد لما بقي انسان جائع في هذا المشرق وليس فقط في فلسطين ، ولكن مشكلتنا ان أموال العرب ليست للعرب وثروات العرب ليست للعرب ونفط العرب ليس للعرب بل يستعمل كوقود من اجل تدمير الأوطان وتدمير هذا المشرق وتصفية القضية الفلسطينية .
الحال العربي كارثي ومأساوي والحال الفلسطيني يحتاج الى كثير من الإصلاح فالاصلاح كفيل بأن تتبدل الأحوال نحو ما هو افضل ونتمنى ان يصحوا العرب من كبوتهم قريبا وسريعا لانهم ليسوا بمنأى عما يحدث في غزة وفي فلسطيني .
ومن يقبل بتجويع الشعب الفلسطيني ولا يحرك ساكنا امام هذه المآسي والكوارث سوف يأتي دوره لان المتآمر على فلسطين هو ذاته المتآمر على الامة العربية كلها من المحيط الى الخليج .
كان الله في عونكم يا أهلنا في غزة امام هذا الوهن وهذا التخاذل والتآمر من القريبين والبعيدين ولعل تآمر القريبين هو اشد ضراوة وشراسة من تآمر البعيدين.
نصركم الله وكان عونا لكم امام هذا الكم الهائل من المآسي والتي انا على يقين انها ستنتهي فصبركم ورباطكم وتضحياتكم ثمرتها ستكون حياة افضل وحرية وكرامة لهذا الشعب المظلوم .
ندعو من اجل الضالين وهدايتهم فعتابنا هو ليس عتاب تجريح وتشهير بل هو وكما نقول بلغتنا العامية ( العتب على قدر المحبة ) فنحن نعاتب لأننا نحب ونتمنى من العرب ان يقوموا بدورهم المأمول في وقف مأساة غزة وهم قادرون على ذلك ان أرادوا .
هنالك اغاثات قد وصلت من الأردن ومن المغرب ومن غيرها من الدول العربية الشقيقة والصديقة ونتمنى ان تستمر هذه المبادرات ، فالمجاعة في غزة لا يمكن ان يتصورها عقل بشري مع شكرنا القلبي لكل المبادرين ولكل المحبين على مواقفهم الإنسانية ولكن الحاجة في غزة كبيرة وملحة من اجل انقاذ ما يمكن إنقاذه في القطاع المنكوب والمكلوم .
وسيبقى نداءنا بأن تتوقف الحرب وتتوقف المجاعة وتتوقف معاناة غزة فكفانا آلاما واحزانا ومعاناة .
لا نريد حروبا وموتا ودماء ودمارا وخرابا بل نريد حياة ملؤها الحرية والكرامة وصون واحترام حياة الفلسطينيين وحريتهم.
أوقفوا الحرب ... أوقفوا المجاعة ... أوقفوا الكارثة المروعة في غزة .
[email protected]