«رويترز»: لم يتلق تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» دعوة لحضور مؤتمر، يشارك فيه مئات من كبار رجال الأعمال في الشرق الأوسط وعقد في الأردن، لكن كان للتنظيم المتشدد حضور واضح في المناقشات التي جرت.
يأتي المؤتمر الذي يعد واحداً من أبرز الاجتماعات السنوية في المنطقة، في وقت تنامت فيه مشاعر القلق، خشية أن يفسد توسع الدولة الإسلامية الجهود الرامية إلى تعزيز التجارة والاستثمارات في الشرق الأوسط.
وعقد المنتدى الاقتصادي العالمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منطقة منتجعات على شواطئ البحر الميت، وناقش كيفية التعامل مع الشركات المبتدئة وإلحاق مزيد من الناس بالقطاع المصرفي الرسمي وإدارة النمو الحضري.
وفي الليل، أجرى المديرون التنفيذيون اتصالات وتناولوا المشروبات في شرفات تطل على البحر الميت، ولكن توسع الدولة الإسلامية في سورية والعراق لم يكن قط بعيداً عن أحاديثهم.
وفي اليوم الثاني، تجمع رجال الأعمال حول هاتف محمول لمعاينة خريطة تظهر الأراضي المتزايدة التي استولى عليها تنظيم الدولة الإسلامية وصبغت باللون البني.
وقال هشام الخازندار العضو المنتدب لشركة الاستثمار المصرية الكبيرة القلعة القابضة: نحن هنا وعلى بعد 200 كيلومتر أصبح البرابرة على الأبواب.
وعشية انعقاد المؤتمر استولى مقاتلو الدولة الإسلامية على مدينة تدمر في سورية، وقبل ذلك بثلاثة أيام استولوا على مدينة الرمادي الإستراتيجية في العراق.
والمدينتان تبعدان مسيرة أقل من يوم بالسيارة عن المؤتمر الذي يخضع لإجراءات أمن مشددة، وأثناء الاجتماع أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن هجوم أودى بحياة 21 شخصاً في السعودية.
وحث كثير من رجال الأعمال والمديرين التنفيذيين حكومات بلادهم على بذل مزيد من الجهود لخلق فرص العمل والتوظيف للشباب الساخط الذين يستهويهم نهج المتشددين، غير أن معظم المقترحات التي طرحت كانت أفكاراً متنوعة جربتها الحكومات بالفعل.
لقد تسبب تنظيم الدولة الإسلامية والحرب الأهلية في سورية في تعطيل طرق التجارة البرية للأردن مع العراق وسورية وخنق ذلك الآمال في ازدهار التجارة في المنطقة.
وناقشت إحدى جلسات المؤتمر خطط الأردن لتطوير قطاع السياحة، وهو مصدر رئيسي من مصادر العملة الصعبة، غير أن الدولة الإسلامية تجعل من الصعب تنفيذ تلك الخطط.
وقال وزير الخارجية الأردني لـ»رويترز» الشهر الماضي: إن عائدات السياحة في الربع الأول للعام هبطت 12 في المائة عما كانت عليه قبل عام، مع ابتعاد بعض الزوار الأجانب متأثرين بما تتناقله الأخبار عن «داعش».
لقد نجا الأردن من الأزمة الاقتصادية بفضل مليارات الدولارات من المساعدات الأجنبية، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع معدل نمو إجمالي الناتج المحلي هذا العام إلى 3.8 في المائة من 3.1 في المائة في عام 2014.
ولم تتضرر كثيراً معظم اقتصاديات منطقة الخليج وشمال أفريقيا، وفي مصر تتزايد الاستثمارات الأجنبية بعد أن نفذت الحكومة إصلاحات اقتصادية، ونجت معظم بلدان الخليج العربية من هجمات المتشددين وما زالت اقتصادياتها تنمو بخطى حثيثة، إذ تعتمد حكوماتها على احتياطياتها المالية الكبيرة في الإنفاق بسخاء.
غير أن المديرين التنفيذيين قالوا: إن منافع هذه السياسات قد تضيع في نهاية الأمر إذا اشتد خطر تنظيم الدولة الإسلامية ليقوض الثقة بين المستثمرين المحليين والأجانب.
وقال باسم عوض الله، وهو وزير مالية أردني سابق والرئيس التنفيذي الآن لشركة طموح الاستشارية ومقرها دبي: إن الصراع السياسي يجعل مستقبل المنطقة تخيم عليه الكآبة بصورة متزايدة.
وأشاد عوض الله بالمشروعات الاستثمارية للحكومة الأردنية، لكنه قال: إنها يجب أن تبذل مزيداً من الجهد لخلق فرص عمل ووظائف عن طريق إصلاح النظام التعليمي وتيسير حصول الشركات الصغيرة على التمويل.
وحث مديرون تنفيذيون آخرون حكومات بلادهم على تخفيف القيود وإقامة شراكات مع الشركات الخاصة في المشروعات الاستثمارية وتشجيع النساء على العمل، وقد قام الكثير من الحكومات بتجربة هذه السياسات في أنحاء المنطقة وحققت نجاحاً بدرجات متفاوتة ولكنها تواجه عقبات بيروقراطية وفي بعض الأحيان سياسية.
وعبر مصرفي أردني عن شعوره بخيبة الأمل لغلبة الطابع الأكاديمي على مناقشات المؤتمر وقال: الشرق الأوسط يحترق ونحن نتحدث عن أفكار نظرية مجردة.
[email protected]