انتهى مؤتمر مراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية أمس الجمعة (23 مايو/أيار 2015)، دون إجماع على وثيقة ختامية بسبب الخلاف حول كيفية بدء عملية إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط. ويبحث المؤتمر الذي يعقد كل خمس سنوات، بدقة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، التي تهدف إلى منع انتشار الأسلحة النووية، في سبيل منطقة خالية من الأسلحة النووية. وتهدف الوثائق التي يتم الاتفاق عليها بالإجماع في نهاية هذه المؤتمرات إلى تعزيز المعاهدة ورسم خارطة طريق نحو تحقيق الأهداف.
مصر المتهم الأول
وبعد مفاوضات استمرت أربعة أسابيع بشأن سبل تحسين الالتزام بالمعاهدة، فشلت الدول الموقعة على المعاهدة والبالغ عددها 191، في التوصل إلى صيغة توافقية لصيغة الوثيقة الختامية، فيما وجهت روز غوتيمولر وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية الاتهام لبعض الدول بتقويض المفاوضات.
ولم تحدد غوتيمويلر أسماء الدول التي حاولت "التلاعب بشكل سلبي" بالمؤتمر، لكنها ألقت باللائمة على مصر ودول عربية أخرى بوضع "شروط غير واقعية وغير عملية" للمفاوضات. وكان دبلوماسي غربي كبير أكثر حدة وقال إن "مصر دمرت المؤتمر..مصر تجاوزت الحد وحالت دون جعل المنطقة تقترب بشكل أكبر من أن تصبح منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل". ونفت مصر محاولة تقويض المؤتمر، وجاء على لسان هاشم بدر ممثل القاهرة في المؤتمر أن المبادرة "تمّ اعتراضها عن عمد"، مشيرا إلى أن بلاده كانت مستعدة للعمل نحو حل توافقي. وتابع "إنه حقا ليوم حزين لمعاهدة حظر الانتشار النووي".
وأطلقت مصر مبادرة عبر دعوتها في 27 أبريل/نيسان بدعم من دول عربية أخرى ودول من منظمة عدم الانحياز إلى تحديد موعد محدد لعقد مؤتمر للبدء في عملية إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط بمشاركة جميع دول المنطقة بما فيها إسرائيل، التي هي ليست طرفا في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، والبلد الوحيد في المنطقة الذي يشتبه في امتلاكه لأسلحة نووية. غير أن إسرائيل تعارض فكرة تحديد موعد نهائي لهذا المؤتمر، تماما كما تعارض الانضمام إلى معاهدة حظر الانتشار النووي حتى التوصل لسلام مع العرب وإيران.
وكان من المقرر أن تنص المسودة النهائية للوثيقة الختامية على تكليف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالدعوة لعقد المؤتمر في أول آذار/مارس 2016. وجاء في المسودة "أن المؤتمر يستهدف إطلاق عملية مستمرة من المفاوضات وإبرام معاهدة ملزمة قانونا بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط على أساس ترتيبات يتم التوصل إليها بحرية من جانب دول المنطقة". لكن ممثلي الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا قالوا أمس الجمعة إنهم لم يتمكنوا من الاتفاق على النص. وأضاف "نحن دعمنا منذ فترة طويلة مناطق إقليمية خالية من الأسلحة. وشددنا أيضا على أن مبادرة إنشاء مثل هذه المناطق ينبغي أن تنبع من المناطق نفسها.. وبموافقة متبادلة كاملة لجميع الدول في المنطقة".
الخطر إسرائيلي أم إيراني؟
وحسب دبلوماسيين غربيين فإن مقترحات مصر استهدفت تركيز الانتباه على إسرائيل، مقابل طرح إسرائيلي-أمريكي يرى أن الخطر الحقيقي في المنطقة نابع من البرنامج النووي الإيراني. وتقول إيران إن برنامجها سلمي. وتفاوض حاليا القوى العالمية للحد منه مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها. وأعرب ممثل إيران، الذي تحدث نيابة عن دول حركة عدم الانحياز، عن "خيبة أمل عميقة" بسبب الفشل في الاتفاق على وثيقة ختامية.
وأضاف الممثل الإيراني "أنا متأكد أن الوفود الثلاثة التي اعترضت.. واعية لموقفها ولتأثير قراراتهم على جدول أعمال نزع السلاح بشكل عام وتأثير هذه المواقف على الوضع السياسي في الشرق الأوسط". يذكر أن الوثيقة الختامية لمؤتمر المراجعة السابق لعام 2010، كانت قد دعت، بدعم من الحكومات العربية، إلى عقد مؤتمر مبدئي في عام 2012 يحضره "جميع" دول الشرق الأوسط، ليؤدي إلى إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، غير أنه لم يعقد بسبب إحجام إسرائيل.
[email protected]