القدس – استقبل سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس اليوم وفداً عربياً مشاركاً في مؤتمر بيت المقدس والذي يعقد في مدينة بيت لحم، وقد استقبلهم سيادته في كنيسة القيامة في القدس ورحب بزيارتهم الى فلسطين وجال معهم داخل الكنيسة وقدم لهم شرحاً تاريخياً عن اهمية هذه الكنيسة دينياً وتراثياً وانسانياً.
وبعد الانتهاء من الجولة قدم سيادة المطران محاضرة امام الوفد بعنوان (المسيحيون الفلسطينيون تحديات وهواجس).
تحدث سيادته في كلمته عن الحضور المسيحي في فلسطين وخاصة في مدينة القدس مؤكداً بان المسيحية انطلقت من هذه الديار الى مشارق الارض ومغاربها ونحن لم نستورد المسيحية من الغرب كما يظن البعض بل ان مدينة القدس هي ام الكنائس التي منها انطلقت رسالة المسيح الى كل اصقاع الدنيا، واضاف سيادته بان فلسطين هي قلب المسيحية وفيها اهم المعالم الدينية المرتبطة بحياة السيد المسيح فالقبر المقدس في القدس ومغارة الميلاد في بيت لحم وفي كل زاوية من هذه الارض ترى معلماً او مكاناً يذكرنا بمجيء المسيح ومروره من هذه الديار.
القدس مدينة مقدسة للديانات التوحيدية الثلاث ولا اظن ان في هذا العالم هنالك مدينة كالقدس تحتضن كل هذا التاريخ وهذا التراث وهذه الاصالة الدينية والانسانية والتراثية.
ان المسيحيين في بلادنا ليسوا بضاعة مستوردة من اي مكان في هذا العالم وليسوا من مخلفات الحملات الصليبية وغيرها من الحملات التي مرت من هذه البلاد، انهم اصيلون في انتمائهم لهذه الارض ومتشبثون بكل حبة تراب من ثرى وطنهم فلسطين هذه الارض التي تقدست وتباركت بحضور السيد والقديسين وكل الشهداء الذين دافعوا عن القيم الروحية والانسانية.
الفلسطينيون المسيحيون هم مسيحيون 100% وفلسطينيون 100% ولهم اسهاماتهم في النضال الوطني الفلسطيني وفي الحياة الثقافية والابداعية والانسانية، والمؤسسات المسيحية مكرسة في خدمة الشعب الفلسطيني ورجال الدين المسيحي الفلسطينيين بكافة رتبهم ومناصبهم هم سفراء حقيقيون للقضية الفلسطينية في اي مكان يذهبون اليه.
فقضية هذا الشعب المظلوم هي قضيتنا ومعاناته هي معاناتنا والآمه هي الآمنا وطموحه من اجل الحرية هو طموحنا ايضاً.
لسنا اقلية في فلسطين ولسنا جالية او عابري سبيل فنحن لا نعرف الا فلسطين وطناً لنا وسنبقى ندافع عن هذه القضية العادلة لان هذا هو انتمائنا وهذه هي هويتنا.
نحن جماعة ترفض التطرف والكراهية والعنف وتؤمن بقيم الانجيل الذي يدعو الى الاخوة والمحبة والسلام.
والمسلمون هم اخوتنا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معاني، هم اخوتنا في الانتماء الانساني اولاً وفي الانتماء العربي الفلسطيني ثانياً، ونحن شركاء في النضال التحرري وفي السعي من اجل نيل الحقوق السليبة وتحرير الارض والانسان من الاحتلال والعنصرية والظلم.
يؤلمنا ما يحدث في وطننا العربي ففلسطين هي قلب مشرقنا العربي والقلب يتألم اذ يعاين اخوتنا المحيطين بنا يمرون بهذه الظروف فالصراعات الدينية والمذهبية سيدة الموقف والعنف والخراب والدمار منتشر في كل مكان واصبح مشهد الموت مشهداً اعتيادياً نلحظه في كل يوم وفي كل ساعة.
يا لها من كارثة حلت بأمتنا العربية.
ان نكبة عام 1948 اضاعت فلسطين وما نخشاه ان تؤدي النكبة الحالية في المنطقة العربية الى ضياع الامة العربية.
المسيحيون يهجرون وتدمر كنائسهم وهنالك تصفية ممنهجة لهذا الحضور المسيحي الاصيل في منطقتنا العربية، كما ان هنالك استهداف لمكونات اخرى من مجتمعاتنا العربية وكل هذا ينصب في مصلحة من يريدون تصفية القضية الفلسطينية، انهم يريدون تدمير اوطاننا ومجتمعاتنا وتشويه صورة هذا المشرق العربي.
ولذلك وجب علينا جميعاً رجال دين ومفكرين ومثقفين ومسؤولين ان نعمل معاً وسوياً من اجل افشال هذا المخطط الذي يهدف الى تدمير امتنا واوطاننا ومجتمعاتنا.
المسيحيون والمسلمون معا مطالبون اليوم اكثر من اي وقت مضى بالعمل على انهاء الفتن ونبذ التطرف والكراهية والعمل من اجل فلسطين والقدس بنوع خاص فالقدس لنا ولن نتخلى عنها ولن نتنازل عن حفنة تراب من ارضها المباركة.
فقضية الاقصى هي قضيتنا جميعا مسيحيين ومسلمين كما ان قضية المقدسات والوجود المسيحي هي قضيتنا جميعا
وقد اجاب سيادته على بعض الاسئلة اما اعضاء الوفد فقد شكروا سيادة المطران على استقباله ومحاضرته القيمة مثمنين دوره في القدس ومؤكدين رغبتهم الصادقة في التعاون معه ومع كافة المرجعيات الدينية المسيحية والاسلامية خدمة للقضية الفلسطينية وترسيخا لقيم التآخي الديني والوحدة الوطنية خدمة لقضايا الامة وفي مقدمتها قضية فلسطين.
[email protected]