قدمت الهستدروت أمس (الأربعاء) التماسًا إلى المحكمة العليا ضد قرار محكمة العمل القطرية المتعلق بالتنظيم العمالي للعاملين في شبكة سوبر فارم. وقد عبّرت الهستدروت في الالتماس عن موقفها مشيرة الى أن الحكم الصادر عن المحكمة كان خاطئا، ومن شأنه أن يمس بشكل مباشر وفوري بالحق الدستوري الأساسي في التنظيم العمالي الذي يضم حوالي 8500 عامل في شبكة سوبر فارم. كما اشارت الهستدروت أن الأمر ينطوي على ضرر أفقي قد يلحق بعشرات الآلاف من العاملين في الاقتصاد، الذين يعملون أيضًا في إطار التشغيل غير المباشر "متعدد المستويات".
وتعود احداث هذه القضية مع إقامة التنظيم العمالي الأولي والمعقد الذي ضم بضع مئات من الصيادلة العاملين في شبكة سوبر فارم، الذين انضموا كأعضاء في الهستدروت وطلبوا الاعتراف بتنظيمهم العمالي وتحسين ظروف عملهم وترسيخ حقوقهم في إطار اتفاقية جماعية أولى. ويعمل هؤلاء الصيادلة في حوالي 290 فرعاً منتشرة في جميع أنحاء البلاد.
وتعمل شبكة سوبر فارم وفق النموذج المسمى نموذج الزمالة، الذي في اطاره يعتبر كل فرع كشركة منفصلة "رجل واحد" (زميل). ومع ذلك، فإن سيطرة سوبر فارم الاقتصادية والتجارية والتشغيلية والإدارية على الشركات المنفصلة مطلقة. الزميل الذي يرأس كل فرع يحصل على الفرع دون أي مقابل ولا يجوز له الاستثمار في الفرع من جيبه الخاص. وتقوم إدارة الشبكة بإعداد ميزانية لكل فرع تتضمن أيضاً رواتب الموظفين، على ان لا يحيد الفرع عن هذا الإطار. كما تقوم الشبكة بتحديد شروط توظيف العاملين في الشبكة، بما في ذلك عقد العمل، والشروط الاجتماعية التي يستحقها العاملين، وجميع إجراءات عملهم حتى أدق التفاصيل.
وفي ظل سيطرة شبكة سوبر فارم على شروط توظيف العاملين في الشبكة، طالبت الهستدروت، ضمن الطلبات التي قدمتها إلى محاكم العمل، بإلزام الشبكة بإجراء مفاوضة جماعية لتنظيم شروط توظيف وعمل عاملي الشبكة بشكل جماعي ضمن اتفاقية، على الرغم من أن الشبكة ليست صاحب العمل المباشر والرسمي للموظفين والعاملين. وبعد إجراءات طويلة ومعقدة في المحكمة اللوائية، رفضت المحكمة القطرية طلب الهستدروت.
وقامت الهستدروت بتقديم استئناف على قرار المحكمة اللوائية. وفي إطار القرار على هذا الاستئناف، قبلت المحكمة القطرية ادعاء الهستدروت بأنه وفقا لمبدأ "اختراق الوحدوية"، يمكن اعتبار الشخص الذي ليس صاحب العمل المباشر للعمال، صاحب عمل لهدف التوصل لاتفاقات جماعية ويفرض القانون عليه الالتزام بإجراء المفاوضات للهدف المذكور. لكن بعدها قررت المحكمة أنه في الظروف المحددة للقضية، ليس لشبكة سوبر فارم تأثير كبير بشكل يجعلها ملزمة بإجراء مفاوضات جماعية مع الهستدروت.
وعليه قامت الهستدروت بتقديم التماس ضد هذا القرار، إلى المحكمة العليا بادعاء ان قرار المحكمة يتضمن أخطاء أساسية وتناقضات منطقية وداخلية التي تؤدي الى تشويه القانون وتنكر في الواقع الحق في التنظيم العمالي لـ 8500 عامل.
وشددت الهستدروت على أن الالتماس يعتبر ذو أهمية مبدئية، وله آثار بعيدة المدى نظرًا لأن عددًا متزايدًا من العمال في عالم التوظيف الحديث يعملون في أنماط توظيف غير مباشرة/ متعددة الطبقات، حيث يوجد طرف ثالث يشارك في توظيف العمال. ويدور الحديث عن نمط توظيف يستبعد الطرف الثالث (مثل شبكة سوبر فارم) من الالتزامات القانونية الناتجة من وجود علاقات مُشغل وعامل.
كما ادعت الهستدروت في الالتماس أن الاستخدام المتزايد في عالم التشغيل بالهيكلية المؤسساتية التي تعتمد على التوظيف غير المباشر، والحد من التوظيف المباشر، وما شابه ذلك، يؤدي إلى الحد من القدرة التفاوضية للعمال، وانخفاض في حصة العمال في الناتج المحلي الإجمالي وتعزيز اللامساواة بين العمال الأقوياء والعمال الضعفاء، فضلا عن زيادة عدم المساواة في المجتمع ككل. وقد اعترفت الأدبيات القانونية - وكذلك القانون المقارن - بالمشاكل التي خلقها التشغيل غير المباشر وحدد حل المشكلة - حيث فرضت التزام المفاوضة الجماعية على صاحب العمل غير المباشر، كما طلبت الهستدروت كجزء من الالتماس لفرضه على الشبكة.
مع ذلك، كما تدعي الهستدروت، فإن الحكم، الذي أعفى الشبكة من التزام المفاوضة الجماعية، لا يتعامل مع العواقب الوخيمة لنتائجه، على الحق الدستوري للعمال في التنظيم العمالي، ومع نقطة الضعف الموجودة أصلا لدى العمال العاملين في أنماط التوظيف هذه. ويمكن علاج هذا الضعف من خلال فرض التزام التفاوض على صاحب العمل غير المباشر. وبحسب الهستدروت، فإن الأخطاء في قرار المحكمة تركت العمال دون عنوان لإجراء مفاوضات حقيقية وفعالة، وبالتالي هضم حقهم في الانضمام إلى النقابات العمالية. لذا خلقت قرارات الحكم نتيجة غير عادلة ومهينة على وجه التحديد تجاه الجمهور العامل الذي هو أكثر عرضة للخطر منذ البداية، بل وخلق حافزًا لأصحاب العمل الإضافيين لتطوير اشكال التوظيف التي تسمح لهم بعرقلة إمكانية التنظيم العمالي.
وجاء في ادعاء الهستدروت "إن الأمر في يد المحكمة العليا لمنع إلحاق الأذى بآلاف عمال الشبكة والسماح لهم بالدفاع عن حقوقهم".
وقدم الالتماس نيابة عن الهستدروت نائب رئيس المكتب القانوني لقسم التنظيم المهني في الهستدروت المحامية مايا تسور أفيرام والمحامي سيون راديان والمحامية ميري مالكي من المكتب القانوني لقسم التنظيم المهني، بالإضافة إلى المحامي العاد بيلج.
[email protected]