قدّمت النيابة العامّة لمنطقة حيفا (جنائي) إلى المحكمة المركزية في حيفا لائحة اتهام ضد شقيق سريت أحمد (29 عامًا) من سكان كسرى، واثنين آخرين (39 عامًا) من سكان شفاعمرو، بتهمة "القتل في ظروف مشدّدة، وجرائم استخدام الأسلحة، والحرق العمد وعرقلة سير العدالة"، وذلك بعد أن قام المتهم الأول بطلب تصفية شقيقته سريت أحمد بعد عدم موافقته على أسلوب حياتها.
وجاء في بيان صادر عن النيابة العامة ما يلي: "بحسب لائحة الاتهام فإن المرحومة سريت من مواليد 2004 هي شقيقة المتهم (29 عامًا)، ابتداءً من نهاية عام 2020 اضطرت سريت وهي ما زالت قاصر، إلى مغادرة منزل العائلة والبقاء في مراكز وملاجئ، وذلك بسبب تهديدها ووجودها في خطر والذي واجهته بسبب عدم موافقة عائلتها على اسلوب حياتها".
وأضاف البيان: "وفي نهاية عام 2022 كانت المرحومة في وضع مالي غير مستقر، وبعد مناشدات متعددة من أفراد الأسرة ومن بينهم المتهم شقيقها (29 عامًا)، مطالبين بعودتها إلى منزلها، وبعد أن قام المتهم شقيقها (29 عامًا) بتحويل أموال لها ووعدها بمبالغ إضافية، إذا عادت إلى المنزل، ووعدها أيضًا بأنها لن تتعرض للأذى في منزل عائلتها. فسكنت سريت في بيت اختها وزوجها. لكن سرعان ما تزعزعت العلاقة بين أفراد الأسرة وسريت، وسادت أجواء من التوتر والترهيب تجاهها، شملت التضييق على خطواتها والحدّ من علاقاتها وإثارة شعورها بالخوف. بتاريخ 16 ايار (مايو) 2023، هربت سريت من منزل العائلة، وقدّمت شكوى للشرطة ضدّ شقيقها، وتم نقلها إلى أحد الملاجئ. وجدّد عدد من أفراد الأسرة، ومن بينهم المتهم (29 عامًا)، إقناع سريت بالعودة إلى منزل الأسرة، من خلال إعطائها أموال ووعود إضافية بتقديم خدمات لها وعدم تعرضها للأذى. ونتيجة لذلك، وافقت سريت على الانتقال للعيش مع شقيقتها وصهرها في منزلهما. ولظروف خارجة عن إرادتها، اضطرت سريت إلى مغادرة منزل شقيقتها، طلب منها شقيقها المتهم (29 عامًا) العودة إلى منزل الأسرة، حاولت سريت التي لم تكن مستعدة للعودة إلى منزل الأسرة الهرب، إلا أنه تم العثور عليها من قبل أفراد الأسرة وإعادتها إلى منزل العائلة".
وأوضح البيان أنه "على خلفية خلاف شقيقها المتهم مع أسلوب حياة المرحومة وعدم قدرته على السيطرة عليها وعلى رغبتها ومحاولاتها الخروج بحريّة، اتخذ المتهم قراراً بقتلها. وقام شقيقها المتهم (29 عامًا) بالاتصال بمتهم آخر (39 عامًا) من سكان شفاعمرو وتآمر الاثنان مع المتهم الثالث (39 عامًا) أيضًا من سكان شفاعمرو وشخص آخر لقتل سريت. وفي إطار خطة القتل، تم الاتفاق على أن يتم إرسال المرحومة من قبل المتهم شقيقها إلى يركا، ويقوم المتهمان الآخران والشخص الآخر بإطلاق النار على المرحومة وهي في طريقها إلى يركا والتسبب في وفاتها. قام المتهمان والشخص الآخر بالتحضيرات الأوليّة لعملية القتل وتسليح نفسيهما بمسدس وإحضار سيارة مسروقة من السلطة الفلسطينية وتجهيز نفسيهما بمواد قابلة للاشتعال لإشعال السيارة وشراء هواتف. في 9 حزيران يونيو 2023، خلال ساعات ما بعد الظهر، أبلغ المتهم الأول- شقيقها (29 عامًا) اخته سريت أنهم سيذهبون في وقت لاحق من اليوم إلى موقف سيارات في يركا وربما سيغيّر لها السيارة. ففرحت المرحومة بذلك ووافقت. وتم إعلام المتهمين وشخص آخر مسبقًا لوصول سريت وأنها في طريقها إلى يركا. وكان المتهم الثاني (39 عامًا) من سكان شفاعمرو يقود السيارة ويتحرك ذهابًا وإيابًا عدة مرات على المحور بمنطقة يركا، بينما كان المتهم الثالث (39 عامًا) والشخص الآخر ينتظران داخل السيارة ووجوههما ملثمة. وأبلغ المتهم الأول اخته سريت كذبًا بأن عليها الذهاب إلى يركا، إلى موقف السيارات، وبدأت المرحومة رحلتها إلى هناك بسيارتها. ابلغ المتهم الثاني (39 عامًا) بعد ان رآها عن اقترابها للمنطقة وأبلغ المتهم الثالث (39 عامًا) والشخص الآخر بذلك. وبعد ان رآها الاثنان انطلق المتهم الثالث والآخر بسرعة نحو سيارة سريت، واصطدما بها، وأطلقا النار بشكل كثيف على المرحومة. قامت المرحومة بالخروج من السيارة هاربةً إلا أن المتهم الثالث والآخر استمرا في إطلاق النار باتجاهها حتى انهارت. ستة من الرصاصات التي أطلقها المتهمون والشخص الآخر أصابت المرحومة سريت وتسببت في وفاتها، بسبب اختراق الرصاص للقلب والرئة وغيرها".
وتابع البيان: "فرّ المتهم الثالث (39 عامًا) والشخص الآخر من مكان الحادث بسيارة، واتجها إلى بستان زيتون، حيث التقيا بالمتهم الثاني (39 عامًا) وأشعلا النار في السيارة. كما وقاموا بإخفاء الأسلحة والهواتف، ولاذوا بالفرار. وأضافت النيابة في طلب الحبس حتى انهاء الاجراءات القانونية، أن هناك خوفًا حقيقيًا من هروب المتهمين، حيث أبدى المتهمان الثاني والثالث (39 عامًا) من سكان شفاعمرو في مواد التحقيق عزمهما مغادرة البلاد، وتمّ القبض على المتهم الثاني في المطار حيث كان في طريقه للمغادرة إلى دبي ومن ثم الاستمرار إلى كندا".
وجاء في بيان صادر عن المتحدث الرسمي باسم الشرطة للإعلام العربي ما يلي: "سُمح بالنشر: أفراد شرطة لواء الشمال يلقون القبض على المشتبه بهم بارتكاب جريمة قتل الفتاة ساريت أحمد وعلى شقيقها (29 عامًا)- الذي استأجر المشتبه بهم لارتكاب جريمة القتل بسبب ميول ساريت الجنسية- اليوم مع نهاية تحقيق معقد للغاية، ستُقدم النيابة العامة لائحة اتهام ضد المشتبهين في المحكمة المركزية في حيفا. بداية القضية تعود الى يوم الجمعة الموافق 23/6/23 ظهراً مع تلقي بلاغ عن إصابة فتاة بجروح قاتلة جراء إطلاق نار، وهي ملقاة على الطريق قرب قرية يركا بجوار سيارة التي شوهد عليها عدة ثقوب جراء اطلاق النار".
وأضاف البيان: "فور تلقي البلاغ عن إشتعال النيران في مركبة على بعد عدة كيلومترات بالقرب من كرميئيل سارعت قوات الشرطة إلى مكان جريمة القتل، حيث تم تحديد وفاة الفتاة التي تبين أن هويتها ساريت أحمد، 18 عامًا، من سكان قرية كسرى في المكان. مع فتح التحقيق وتحديد هوية الضحية، وردت شكوك قوية بأن الفتاة قُتلت بسبب ميولها الجنسية، والتي سبق أن هددها إخوتها وقضوا عقوبة السجن بسبب ذلك. نظراً لحساسية التحقيق، أَوكل قائد لواء الشمال التحقيق لفريق تحقيق خاص في الوحدة المركزية للواء الشمال بمعاينة المكان تبين انه تم صدم سيارة الضحية من الخلف على يد مركبة أخرى، حيث فقدت الضحية السيطرة عليها واصطدمت بسياج الأمان، عندها قام القتلة بإطلاق النار باتجاه السيارة، فحاولت ساريت الفرار منها على الأقدام، لكن القتلة لحقوا بها. وأطلقوا النار عليها خارج سيارتها أيضا. كما وتبين ان القتلة أطلقوا نحو الضحية 11 رصاصة ومن ثم لاذوا بالفرار من المكان مستقلين مركبتهم، وفي وقت لاحق أشعلوا فيها النيران، ولاذوا بالفرار بواسطة سيارة أخرى التي ساعدتهم".
وأوضحت الشرطة في بيانها أنه: "تم تكليف فريق خاص يحوي 11 محققاً بالتحقيق على يد قائد لواء الشمال بعد أن لم يقدم أفراد عائلتها الذين لم يتعاونوا مع الشرطة لتقديم اي طرف خيط لإحراز تقدم في التحقيق، في حين قدم أفراد العائلة إفادات تبين منها انهم كانوا في مكان اخر مما يقطع الصلة لامكانية ارتكابهم الجريمة. في المراحل الأولى من التحقيق، اتضح أنه وقت قصير قبل وقوع جريمة القتل، أرسلت ساريت رسالة إلى صديقتها مفادها أن شقيقها (29 عامًا) طلب منها الذهاب إلى وكالة سيارات في يركا، لتبديل سيارتها بأخرى جديدة، وانه سيقدم ويتبعها الى المكان. تفاجأت ساريت بلُطفه، لكنها سافرت بسيارتها، وبعد دقائق قليلة قُتلت".
وأشارت الشرطة إلى أن "فريق المحققين بدأ في استجواب المزيد والمزيد من المعارف والشهود المحتملين، منهم جميعًا ظهرت صورة لفتاة مجتهدة وطيبة، التي تعتني بوالدها المُسن، وتحب الناس وتحب الحرية، لكنها كانت طوال الوقت في مخاوف من أن تتضرر بسبب ميولها. قبل حوالي شهر من جريمة القتل، اشتكت الضحية للشرطة من خوفها من أن يؤذيها شقيقها، وأنها تريد الابتعاد عن منطقة سكنها. وقامت الشرطة بإبلاغ سلطات الرعاية الاجتماعية التي قامت على الفور بترتيب مأوى لها في منطقة الجنوب، في الوقت نفسه رتبت لها سيارة أجرة خاصة. وبعد وصولها إلى الملجأ ابدت الضحية رأيها أنها لا تريد الدخول إليه وأنها إتفقت مع شقيقتها على العودة إلى الشمال".
وأضاف البيان: "وواصل فريق التحقيق جمع مواد بينات والادلة، واستخدمت العديد من الوسائل التكنولوجية لتتبع حركة المركبات والمشتبه بهم ليتشعب التحقيق حيث شمل تعقب وراء تحركات المشتبه بهم قبل نحو شهر من جريمة القتل نفسها في جميع أنحاء الشمال. واكتشف المحققون معرفة سابقة لشقيق الضحية مع المشتبه بهم بارتكاب جريمة القتل قبل عدة سنوات. والاجتماعات والاتصالات التي جرت مع التقارب الزمني من جريمة القتل. حتى أن المحققين تمكنوا من تعقب مصدر المركبة التي استقلها المشتبهين لارتكاب جريمة القتل والتي تم إحراقها، حيث تبين أنها سيارة مسروقة من كفار سابا تم جلبها من أراضي السلطة الفلسطينية. وقبل نحو شهر تم القاء القبض على المشتبه بهما، أحدهما أثناء محاولته الهروب من البلاد عبر مطار بن غوريون الدولي والآخر في برطعة أثناء محاولته الهروب إلى السلطة الفلسطينية- بفضل جهود التحقيق المكثفة لشرطة لواء الشمال بمرافقة النيابة العامة المحاميات ميطال حين وساريت هارئيل تم بناء قاعدة ادلة وقرائن ضد المشتبهين بارتكاب جريمة القتل وضد من طلب القيام بقتلها- شقيق الضحية".
وصرحت شرطة لواء الشمال بحسب البيان: "في كل تحقيق نقوم به، لا نقوم فقط بفحص كل طرف من أطراف الخيط، بل نبحث أيضًا عن أطراف الخيط بكل الطرق الممكنة، إنه عمل شاق ومُرهق، نقوم بفحص العشرات من آلاف المعلومات، القليل منها فقط يقدمنا خطوة بخطوة، حتى نكشف تسلسل الحدث.. لنبني خطوة بخطوة قاعدة القرائن والادلة. في التحقيق في هذا "الحادثة المؤسفة، تم استثمار ما يقارب 5000 ساعة تحقيق لفك لغز جريمة مقتل ساريت أحمد، الفتاة الشابة التي أرادت، بعد كل شيء، أن تعيش حياتها بحرية، وأن تَحِب وتُحب وفقًا لمشاعرها الأساسية
[email protected]