* إهمال طبي مزدوج: في المستشفى وفي صندوق المرضى معا
* المحامي إياد مطانس يرفع دعوى إهمال طبي بقيمة ملايين الشواقل "كان يمكن تجنب الإصابة بالإعاقة تماما لو كان المريض قد تلقى علاجا مناسبا في الوقت المناسب".
حادث منزلي بسيط ينتهي بإصابة بالغة الخطورة: نتيجة للإهمال الطبي. ح، وهو رجل يبلغ من العمر نحو 35 عاما من إحدى بلدات منطقة الشمال، يتمتع بصحة جيدة، وهو متزوج وأب لـ 3 أطفال، سكب عن طريق الخطأ الغراء الساخن على راحة يده اليمنى. وصل إلى غرفة الطوارئ في إحدى المستشفيات في منطقة سكناه، من أجل تلقي علاج ضد الحروق والأضرار الكيماوية المتسببة عن الغراء.
قام الطبيب الذي عالج "ح" بإزالة الغراء عن أصابعه، كما قام بفصل الشعر الملتصق بالجلد في منطقة الإبط، ووضع عليه ضمادة وقام بتسريحه إلى المنزل. في اليوم التالي، عاد "ح" إلى المستشفى نتيجة الآلام الشديدة وعدم قدرته على تقويم أصابع يده اليمنى. كانت التشخيص "علامات احمرار طفيفة وتهيج خفيف". وفي هذه المرة أيضا، تم تسريحه فورا مع توصية باستخدام المسكنات والخضوع للعلاج الطبيعي.
تم تقديم باقي العلاج في صندوق المرضى، وفي هذا السياق، خضع المريض للفحص من قبل جرّاح عظام، كتب في تقريره بأن "يبدو أن حالة الجلد تنطبق عليها حروق من الدرجة الأولى"، وقد أوصى بالتحويل إلى جرّاح تجميل. وقد أدى فحص إضافي لدى طبيب العظام إلى تحويل المريض إلى العلاج الوظيفي، بسبب عدم قدرته على تقويم أصابع اليد المصابة.
بعد حوالي شهرين من الحادث المنزلي، قام متخصص في الجراحة التجميلية بفحص "ح". وقد تمثلت توصيات هذا الطبيب باستخدام الدعامة أثناء النوم، والخضوع لفحص لدى استشاري كف اليد. وقد مرت عدة شهور خضع خلالها الشاب لسلسلة من جلسات العلاج الوظيفي، كما قام طبيب عظام إضافي بفحص حالة يده، وفي هذه المرة أيضا تمت توصية "ح" باستخدام الدعامة، كما قام بتحويله إلى عيادة علاج الأمل. في حين قام طبيب عظام آخر بطرح إمكانية إجراء عملية من أجل تقويم الأصابع، وهذا ما حصل: حيث تم تحرير 3 أصابع بصورة كاملة خلال العملية التي جرت تحت التخدير العام، كما تم إجراء تقويم جزئي لإصبع إضافية.
في أعقاب العملية الجراحية، كان انطباع جراحي العظام الذين فحصوا "ح" بأنه لا توجد حاجة لإجراء المزيد من العمليات الجراحية، بل مواصلة العلاج الوظيفي والعلاج في عيادة الألم. وقد استمرت الآلام الشديدة والخلل الوظيفي في الأصابع، وفي مرحلة ما، تم تحويل "ح" للخضوع لتقييم نفسي من أجل استبعاد وجود تأثير نفسي للحادثة.
تفاقمت المعاناة التي كان "ح" يعاني منها. وقد تم نقله لتلقي العلاج في وحدة كف اليد في مستشفى مختلف عن الذي تم نقله إليه في المرة الأولى، وقد تقرر هناك إخضاعه لعملية إضافية، لكن حالة المريض لم تتحسن بعد هذه العملية، وفي هذه المرحلة، أي بعد نحو عامين ونصف من الحادثة، لم يتبق من خيارات سوى بتر اليد، وصولا إلى ما تحت الكوع.
"كان المريض يعاني من حروق شديدة تبلغ في شدتها الدرجة الثالثة على الأقل، وقد تصرف الطاقم الطبي بإهمال، بصورة واضحة".
بعد أن دفع الشاب ثمنا باهظا على حادثة الغراء وفشل العلاج، قرر التشاور مع المحامي إياد مطانس، الخبير في قضايا الأضرار والإهمال الطبي. وقد طلب المحامي مطانس وجهة نظر د. مشيح أفراهام، الخبير في الجراحة الطبية في العظام، وجراحة اليد. وفي وجهة نظر الطبيب التي تم إرفاقها بلائحة الاتهام المقدمة ضد الدولة (أصحاب المستشفى)، وضد الشركة التي تقوم بتشغيل صندوق المرضى الذي تعالج فيه الشاب، ورد بصورة صريحة بأن ما حصل كان نتيجة إهمال واضح.
"منذ التواصل الأولي مع "ح"، كان هنالك إهمال طبي خطير في معالجته"، حسبما كتب د. أبراهام، وقد أوضح بأن كتاب الاختيار، الصادر عن نقابة جراحة كف اليد الإسرائيلية، وهو الكتاب الذي يمثل مصدرا ملزما لمعالجة حالات الحروق في كف اليد، يحتوي على توجيهات واضحة بشأن تحديد مدى خطورة الإصابة. حيث أن الأطباء في المستشفى لم يقوموا بإجراء الفحوصات بصورة صحيحة، ولم يلاحظوا جميع المعطيات ذات العلاقة، وبذا فإن تشخيصهم كان خاطئا، وكانت النتيجة أن "ح" لم يتلقّ العلاج اللائق.
استمر الإهمال أيضا في الزيارات التالية للمستشفى، وكذلك لدى علاج "ح" في صندوق المرضى: " من الواضح تماما أن المريض عانى من حرق واسع النطاق، من الدرجة الثالثة على الأقل، مع احتمال عالٍ لمعاناته من متلازمة المقصورة المغلقة"، حسبما أشار د. أبراهام، وأضاف: "كان من شأن التشخيص الصحيح في الوقت المناسب أن يستوجب معالجة تتمثل في عملية عاجلة. كان بالإمكان تلافي الإعاقة تماما فيما لو تلقى "ح" علاجا وفق المعايير الطبية المعقولة". وبحسب د. أبراهام، فإن نسبة إعاقة ح تبلغ 80%.
مطالبة بالتعويض نتيجة خسارة الراتب، والنفقات، وتضرر الاستقلالية، والمعاناة.
في بيان الدعوى، يصف المحامي مطانس أيضا الأذى النفسي الذي تعرض له "ح" نتيجة فقدانه ليده، والظروف المتعلقة بالأمر: "لقد صار في حالة نفسية شديدة الخطورة، أدت إلى القلق، والاكتئاب، والعصبية المفرطة، وانخفاض تقدير الذات، والارتداع عن تلقي أي علاج طبي". كما أشار المحامي مطانس إلى ضرر إضافي أصاب قدرة الشاب على كسب الرزق لعائلته. إن منسوب الضرر المطالب بتعويضه يشمل أمورا عديدة من ضمنها: خسارة الأجور السابقة، النفقات (العلاجات الطبية، الأدوية، السفريات، وغيرها) وتلقي المساعدة من طرف ثالث. كما تطالب المحكمة اللوائية بحيفا، التي ستنظر في القضية، بتحديد تعويضات عن الأمل والمعاناة، والإضرار بالاستقلالية، وخسائر الراتب المستقبلية، ونفقات تكييف السكن، وعلاجات تأهيلية، وتكلفة الطرف الصناعي، وغيرها. هذا، ولم يتم تقديم لائحة دفاع في هذه القضية بعد.
[email protected]