الحلقة الحوارية الأولى
من منّا لا يحتاج أن يجلس مع نفسه مطولا، ويجري حوارًا صريحًا ليراجع
شخصيته وتطلعاته المستقبلية؟!
كغيري، شعرت أنه حان الوقت لمثل هذا الحوار، وعلى التوّ انفردت في مكان وزمان، لا أستطيع الكشف عن الزمكانيّة، أفكر بعقلانية، عمق، وتروٍّ، لأجرى الحوار الأول.
سألت نفسي الثائرة ماذا تريد مني، أن تبقى وحيدة، أن تبكي بصوت مخنوق، أن تضحك ضحكة مختلقة، أن تمثل دور الشخصية المثالية، أم أن تتحرر من القيود وغدر الزمن، اكتشفت أني أدخلت نفسي في دوامة فحاولت التهرب، متعمدا، من معظم هذه الأسئلة، وفضّلت العبارة الأخيرة، التحرر من كل ما يسمى بالقيود، مؤكدا لها أني أسعد الناس عندما يكون إيماني بالله يمدني بطاقة لا يمكن زعزعتها، وتفتح آفاقا لا حدود لها، وعندما أعترف أني مذنبٌ وأقاضي نفسي.
قالت: ماذا عن الحرية؟
قلت: هناك من يناضلون من أجل الحرية، وهناك من يطالبون بتحسين شروط العبودية
وإن كانت الحرية ضعيفة التسلح فعلينا دعمها بقوة الإرادة والقناعة.
قالت: أنا بدوري مت مرة تلو الأخرى عندما قيدوا حريتي.
قلت لها بلغة الهمس؛ كي لا يسمعني محيطي، ولو كان بين أحضان الطبيعة
الساحرة: أعداء الحرية لا يجادلون بل يطلقون الرصاص الحي حتى على الأطفال والعزل.
قالت: ما هو موقفك من القراء؟ ألا يتوجب علينا أن نقرأ ونقرأ ونقرأ ليس صفحة في الأسبوع وكتابا في القرن!
قلت لها بضحكة مصطنعة: علينا أن نتبع المقولة: يوم نعم ويوم لا، اليوم نعم لتكون القراءة منهج حياتنا.
وعن السعادة التي وصفتها بشذوذ عن المألوف
قلت لها: من يسعى إليها قد يدفع ثمنا غاليا.
شعرت بالدوران وعدم القدرة على التركيز محاولا التظاهر بالنعاس والتعب تارة وضيق الوقت تارة أخرى
قالت: إذًا، كيف تريد الوصول إلى القمة؟ وأنت تحلم، أم بدوسك الآخرين في طريقك؟
قلت لها: معاذ الله، إنه ليس نهجي وسلوكي، وإني أؤمن أن الطريق الوحيدة
أن أكون محمولا على أكتاف المخلصين والأحرار.
قالت: من لا يسمع الموسيقى، يعتقد أن الذين يرقصون مجانين.
قلت: من لا يستطيع الرقص على نفس إيقاع الآخرين، ربما لأنه لا يسمع نفس الموسيقى!
ماذا عن الانتماء والوطن؟
أصبحنا يا نفسي كالغرباء في الوطن، لا أؤمن بعد تشكيل هذه الحكومية المتطرفة بالمقولة:
"سجن الوطن ولا حرية المنفى" أو "خبز الوطن خير من كعك الغربة" يتبع....
[email protected]