أعلن رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم عن إستراتيجية واسعة النطاق لإنهاء الفقر بحلول عام 2030، ورحَّب بأطراف فاعلة جديدة مثل البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وبنك التنمية الجديد الذي أنشأته بلدان مجموعة بريكس BRICS، بوصفهم حلفاء لديهم إمكانيات قوية في تحقيق التنمية الاقتصادية للبلدان الفقيرة وبلدان الأسواق الصاعدة.
وقال كيم بحسب موقع الاتحاد الدولي"إذا استطاعت البنوك متعددة الأطراف في العالم، ومنها البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وبنك التنمية الجديد، تكوين تحالفات، والعمل معاً، ومساندة برامج تنمية تتصدى لهذه التحديات، فسوف يعود ذلك بالنفع علينا جميعاً، ولاسيما الفقراء والفئات الأشد حرماناً وضعفاً. والأمل الذي يحدونا، بل ما نتوقعه حقاً، هو أن تنضم هذه الأطراف الفاعلة الجديدة إلى بنوك التنمية متعددة الأطراف في العالم وشركائنا في القطاع الخاص في أداء رسالة مشتركة هي تعزيز النمو الاقتصادي بما يعود بالنفع على أشد سكان العالم فقراً".
وسنفعل ما في وسعنا لإيجاد سبل مبتكرة جديدة للعمل مع هذه المؤسسات الجديدة".
وفي كلمته في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن العاصمة قبل اجتماعات الربيع لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، أشار كيم إلى أن تحقيق هدفي مجموعة البنك - إنهاء الفقر بحلول عام 2030 وتعزيز الرخاء المشترك بين أفقر 40 في المائة من السكان في البلدان منخفضة الدخل والبلدان متوسطة الدخل - يتطلَّب "بذل المزيد من الجهود".
وقال كيم إن البنوك متعددة الأطراف الجديدة يمكنها المساعدة في سد فجوات التمويل في مجالات مثل البنية التحتية والطاقة والمياه. وقال "تشير تقديراتنا إلى أن العالم يحتاج إلى استثمار ما بين تريليون دولار و 1.5 تريليون دولار إضافية كل عام في مرافق البنية التحتية – الطرق والجسور والسكك الحديدية والمطارات ومحطات الطاقة. وبحلول عام 2030، سنحتاج على الأرجح أيضا إلى زيادة إنتاج الطاقة 40 في المائة وسنواجه نقصا في إمدادات المياه نسبته 40 في المائة، وهي ضغوط قد تتسارع وتيرتها من جراء تغيُّر المناخ".
وأشاد كيم بمكاسب التنمية الكبيرة التي تحققت خلال الخمسة والعشرين عاما الماضية. وقال "في عام 1990، حينما كان عدد سكان العالم 5.2 مليار نسمة، كان 36 في المائة من السكان يعيشون في فقر مدقع. واليوم بعد أن وصل تعداد سكان العالم إلى 7.3 مليار نسمة، فإن هذه النسبة تقدر بحوالي 12 في المائة. وعلى مدى الخمسة والعشرين عاماً الماضية انخفض عدد الفقراء المدقعين في العالم من قرابة ملياري نسمة إلى أقل من مليار".
إلا أن كيم أشار إلى أنه ما زال هناك قرابة مليار نسمة يعيشون على أقل من 1.25 دولار للفرد في اليوم.
وقال "لا أحد تقريباً يمكنه تخيُّل صورة هذا الوضع. فلنتذكَّر ما هو الفقر. الفقر يعني أن هناك 2.5 مليار نسمة لا يمتلكون حسابات مصرفية؛ وأن هناك 1.4 مليار نسمة يعيشون بدون كهرباء؛ وأن أطفالك أيضا يذهبون إلى فراش النوم وهم جوعى على بطون خاوية؛ ولا يمكنهم الذهاب إلى المدرسة لأن كل فرد في الأسرة يتعين عليه أن يكسب بضعة سنتات كل يوم".
ومن أجل التصدي لهذا التحدي، عرض كيم إستراتيجية لإنهاء الفقر تقوم على أفضل المعارف العالمية المتاحة الآن، والتي أوجزها في ثلاث كلمات، وهي: النمو والاستثمار والتأمين.
"فالاقتصاد العالمي يجب أن ينمو بخطى أسرع، وأن ينمو على نحو أكثر استدامةً من ذي قبل. ويجب أن ينمو على نحو يكفل أن يذهب بعض ثروتنا الهائلة إلى الفقراء.
والجزء الثاني للإستراتيجية هو الاستثمار، وأعني بهذا على وجه الخصوص الاستثمار في البشر من خلال التعليم والرعاية الصحية.
والجزء الأخير للإستراتيجية هو التأمين. ويعني هذا أن تُوفر الحكومات شبكات للأمان الاجتماعي وبناء نظم لحماية الناس من الكوارث والانتشار السريع للأمراض".
وقال كيم إنه لا توجد خطة واحدة يمكن للبلدان الاعتماد عليها في تطبيق هذه الإستراتيجية القائمة على ثلاثة محاور لإنهاء الفقر لكنها تشير إلى الأولويات في المستقبل.
"أولاً، يجب أن تزيد الإنتاجية الزراعية. وثانياً، يجب أن نبني مرافق للبنية التحتية تتيح الوصول إلى الطاقة والري والأسواق. وثالثاً، يجب أن نعمل من أجل تعزيز التجارة وزيادة حريتها. ورابعاً، يجب أن نستثمر في صحة النساء والأطفال وتعليمهم. وخامساً، يجب أن ننشئ شبكات للأمان الاجتماعي، ونوفر الضمان الاجتماعي، بما في ذلك المبادرات التي تحمي من آثار الكوارث الطبيعية والأوبئة".
وقال كيم إن عام 2015 هو أهم عام للتنمية العالمية في العصر الحديث، وإن القرارات التي اتخذت هذا العام ستكون لها آثار لم يسبقها مثيل على معيشة عدة مليارات من البشر في أنحاء المعمورة لعدة أجيال قادمة.
وأضاف قوله "في يوليو/تموز، سيتجمَّع قادة العالم في أديس أبابا لمناقشة كيف يمكننا تمويل أولوياتنا للتنمية في السنوات القادمة. وفي سبتمبر/أيلول، يلتقي قادة العالم في الأمم المتحدة لتحديد أهداف التنمية المستدامة، وهي مجموعة أهداف ومقاصد للفترة حتى العام 2030 أي بعد 15 عاما من الآن. وفي ديسمبر/كانون الأول، يتجمَّع قادة العالم مرة أخرى في باريس لوضع اتفاق يقوم على الالتزامات الحكومية بخفض المخاطر الحادة لتغيُّر المناخ على الأجلين القصير والطويل".
وأعلن كيم أن إنهاء الفقر المدقع أمر يمكن بلوغه، لكن تحقيق هذا الهدف الطموح سيتطلَّب توطيد التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص والشركاء من بنوك التنمية متعددة الأطراف، ومنها البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وبنك التنمية الجديد.
وقال "إن القرارات التي نتخذها هذا العام والتحالفات التي نُقيمها مع المؤسسات الأخرى في السنوات القادمة ستساعد في تحديد ما إذا كانت لدينا فرصة لبلوغ هدف إنهاء الفقر المدقع في غضون 15 عاماً".
[email protected]