لا تعرف إلا قلة من الأجيال الجديدة جيدا من يكون أحمد بن بلة، لأسباب عديدة، ليس أقلها أنه لم يكن نجما سينمائيا ولم يكن لاعبا رياضيا شهيرا.
هو ببساطة، مناضل جزائري كبير ومقاتل صلب ضد الفقر والجهل واستعمار هيمن على بلاده لنحو مئة وثلاثين عاما.
دخل أحمد بن بلة التاريخ بعد أن سار طويلا على الجمر.. وقُدر له أن يكون أول رئيس لبلاده بعد الاستقلال..
بن بلة، شخصية فريدة بمصير مأساوي.. عانى من سجون الاحتلال واختطفته فرنسا ورفاقه من الجو، في أول عملية قرصنة من نوعها.
يد الاستخبارات الفرنسية الحمراء تعقبته في كل مكان.. هذه اليد الحمراء حاولت قتله في القاهرة بطرد بريدي مفخخ، وأرسلت وراءه إلى ليبيا عميلا لاغتياله.
عن تلك المحاولة الفاشلة، سنتحدث في هذه المناسبة بلسان، أحمد بن بلة وهو يروي بنفسه ما جرى في تلك الأيام الخوالي.
شهادته التي تركها في كتاب مذكراته لا تقدر بثمن، فليبيا في الخمسينيات كانت بلدا فقيرا لكن بن بلة وجد فيه الملجأ والعون والأمان ومحبة شدت من أزره، وأعانته على تحمل مشاق الطريق.
كشف بن بلة في مذكراته اسم العميل الذي حاول قتله ويدعى جان دافيد وكان ينتمي إلى منظمة اليد الحمراء المرتبطة بالاستخبارات الفرنسية.
روى أن دافيد سافر مرارا من تونس إلى ليبيا كي يتعود رجال الأمن الليبيون عليه ويأنسون إليه ويأمنون جانبه.
تحين الرجل الفرص ولاحق بن بلة، الذي كان يتردد باسم مستعار على ليبيا، للحصول على السلاح.
كمن له ذات يوم في غرفة فندقه في طرابلس، وحين عاد في وقت متأخر من الليل، فتح الباب واكتفى بإدخال يده وتبين أن المصباح لا يعمل. ارتاب بن بلة في الأمر، وتردد في الدخول، ولم يصبر العميل في كمينه، وأطلق النار عليه.
تبادل الرجلان إطلاق النار، وبعد ذلك التحما وتبادلا اللكمات، وجرحت رصاصة من الغريم أثناء العراك بن بلة، فيما فر العميل هاربا.
حاول القيادي الجزائري في ذلك الوقت ملاحقة غريمه، لكنه سقط مغشيا عليه.
أبلغ السلطات الليبية بالأمر فأقامت حاجزا في الطريق إلى تونس، إلا أن العميل الفرنسي لم يتوقف، واقتحم الحاجز بسيارته ومضى.
ويسرد بن بلة بقية القصة قائلا: "إن دافيد أساء الظن باللطافة الليبية فعلى بعد بضعة كيلو مترات من الحدود، أقيم دونه حاجز آخر وأراد أن يجتازه بالقوة مثل السابق، ولكن الرصاص انهال عليه، فسقط قتيلا".
[email protected]