ما بين الشد والجذب يقف الواقع السوداني منتظراً معجزة التوافق الوطني، وما إن تتقدم الوساطات الإقليمية والدولية خطوة نحو الحل إلا وتصطدم بجدار جديد، يعيد الأزمة إلى ذات النقطة، بل باتت تزداد تعقيداً مع كل يوم، رغم تعهدات المؤسسة العسكرية بانسحابها من المشهد السياسي حالما توافقت القوى المدنية في ما بينها.
وترى المؤسسة العسكرية أن مسؤولية حماية أمن واستقرار البلاد تقع على عاتقها بموجب قانونها ودستور البلاد، إذ يؤكد مستشار رئيس مجلس السيادة الطاهر أبو هاجة أن السودان شعبه وأرضه، وأمنه وفترته الانتقالية أمانة في عنق القائد العام للقوات المسلحة رئيس مجلس السيادة الفريق الأول الركن عبدالفتاح البرهان، وشدد قائلاً «إن هذه الأمانة لن تُسلم إلا لمن يختاره الشعب السوداني، ولا مجال لحكم الفترة الانتقالية بوضع اليد، والفهلوة السياسية».
ويؤكد أبو هاجة أنهم ملتزمون خروج المؤسسة العسكرية من العمل السياسي، وملتزمون أيضاً أن تكون حكومة ما تبقى من المرحلة الانتقالية حكومة كفاءات وطنية مستقلة غير حزبية ولا تخضع لأي محاصصات.
ويشير المحلل السياسي د. محمد خليفة الصديق لـ«البيان» إلى أن الأوضاع في السودان معقدة بشكل كبير، وتستدعي الاستعجال في معالجتها، لافتاً إلى أن المؤسسة العسكرية بقرارها الانسحاب من المشهد تريد النظر من الخارج وليس شريكاً في أي نشاط سياسي مقبل، ولكنها تسهم في الوقت ذاته في تشكيل المشهد من دون أن يكون لديها تدخل مباشر فيه.
وأكد أن التسريع في إيجاد حل هو ضرورة يفرضها الواقع السوداني الماثل. أما الصحفي والمحلل السياسي أحمد عبدالغني فيقول لـ«البيان» إن الجدل الذي يدور في الساحة السياسية السودانية حول انسحاب المؤسسة العسكرية من السياسية وترك السلطة للمدنية، لا يخلو من العراقيل .
مشيراً إلى أن الكل يريد فرض موقفه دون أن يقدم تنازلات تخدم قضية الخروج من الأزمة. ويضيف: «تمسك القوى المدنية باشتراطاتها لاستكمال الانتقال الديمقراطي، وتمسك الجيش بعدم تسليم السلطة إلا بتوافق جميع القوى السياسية، سيفاقم الأزمة ولن يقود إلى حل».
[email protected]