التصاريح تُصدر ليومٍ واحدٍ فقط، كما أنّها تصدر متأخّرةً في العادة، بسيرورة تضرّ بتسلسل العلاج الطبّيّ وفرص التعافي؛ أطبّاء لحقوق الإنسان يطالبون إسرائيل بتوفير تصاريح لمدة ثلاثة شهور لمرضى السّرطان.
في تعارضٍ مع توصيات الأطبّاء، ترفض إسرائيل توفير تصاريح طويلة الأمد تتيح للمرضى المصابين بالأمراض المزمنة، وكذلك المصابين بالسّرطان، مغادرة القطاع لتلقّي العلاج الطبّي، بما في ذلك العلاجات الكيميائيّة والإشعاعيّة. حيث تقوم إسرائيل بدلا من ذلك بإصدار تصاريح ليوم واحد فقط، مقتصرة على منطقة المستشفى، بصورة تراكم المصاعب أمام المرضى لتلبية احتياجاتهم الشخصيّة أثناء تسريرهم في المستشفى لفترات طويلة، وتتسبب في أذى لحالتهم النفسيّة وفرص تعافيهم. هذا ما ثبُت من سلسلة من الحالات الّتي وصلت مؤخرَا إلى جمعيّة أطبّاء لحقوق الإنسان، الّتي تقدم العون للمرضى الفلسطينيين في المثول لعلاجاتهم الطبّيّة. وقد توجهت الجمعيّة مؤخرَا إلى منسق شؤون الحكومة في المناطق مطالبةً إياه بتوفير تصاريح طويلة الأمد للمرضى المحتاجين إلى علاجاتٍ متواصلة.
هذا، وتشير الحالات الّتي وصلت إلى الجمعيّة إلى أنّ مرضى الحالات الحرجة الغزّيين، الّذين يحتاجون للخضوع إلى سلسلة من الفحوصات لتشخيص أمراضهم، أو إلى الخضوع إلى جلسات متكررة من العلاج، كالعلاج الكيماوي، أو الإشعاعي، أو المتابعة الطبّيّة المنتظمة، يجدون أنفسهم في مأزق بسبب صعوبة الحصول على تصريح طبي خارج القطاع، بما يتلاءم مع احتياجات علاجهم والحذر المطلوب في مواجهة مرضهم. كما يُذكر أنّ التصريح الّذي تصدره مديريّة التنسيق والارتباط في حاجز إيرز لهؤلاء المرضى يكون ساري المفعول ليوم واحد فقط، كما أنّه يحدّد إتاحة المجال أمامهم للتجوال في منطقة المستشفى فحسب. وهذا ما يجبر المرضى إلى تقديم طلبات متكررة قبل أي جلسة علاجيّة. وفي حالاتٍ كثيرة، يؤدّي عدم تلقّي التصاريح في الأوقات المحدّدة من قبل المشافي إلى تأجيل عمليات التشخيص، والعلاج، والمتابعة الصحيّة، بصورة تعرض حياة المرضى للخطر، وتمس بجودة ونجاعة العلاج الطبّي، وتشكل خطرا محققا على صحة المرضى. وذلك لعدة أسباب من ضمنها ساعات الانتظار المبالغ فيها في الحواجز، وانكشاف الجهاز المناعي بصورة زائدة عن الحاجة في أوقات شديدة الحرج من ناحية صحيّة. إنّ تقييد مكوث المريض في المستشفى فقط، يحول بصورة فعالة من حركة المريض مما يمنع المرضى ومرافقيهم من الاهتمام باحتياجاتهم الشخصيّة أثناء العلاج.
واحدة من الحالات البارزة هي حالة أماني أبو طعيمة، وهي مريضة بسرطان الثدي وتبلغ من العمر 42 عامَا، وهي تعاني، بسبب عدم توفير تصاريح لها في مواعيدها، من تأخيرات دائمة في الوصول للعلاجات الطبّيّة المتكررة في مستشفى المطّلع (أوغستا فيكتوريا) في شرقي القدس. وترفض إسرائيل منحها تصاريح طويلة الأمد، حيث يتسبب الأمر في التشويش على التسلسل العلاجي لها. كما أنّ إسلام الشرافي، البالغة من العمر 22 عامَا، والمصابة بنوع نادر من السّرطان الزائدة الدوديّة، والّتي تحتاج إلى علاجاتٍ شاملة لها في مستشفى المطلع، تتلقّى تصاريح قصيرة الأجل فحسب، وتصل هذه التصاريح غالبَا متأخرة، وتكاد تصلها فقط بعد التدخل القضائي بشأنها. حيث تصدر تصاريحها في اللحظة الأخيرة، ومن دون إمكانيّة توفير مرافقة ملائمة، وهو ما تسبب في العديد من المرات في تفويتها للجلسات العلاجيّة، وتعريض جهازها المناعي، بدون داع، للخطر، ما يعرض صحتها هي للخطر، ناهيك عن عدم تمتعها بمرافقة أثناء العلاج الصحي، وهو ما من شأنه أن يوفر لها إسنادَا نفسيًّا، ويوفر لها النصيحة، إذا ما استدعت الحاجة إلى اتخاذ قرارات بشأن استمرار علاجها الطبّي.
وقد توجهت الجمعيّة، مؤخرَا، إلى منسق شؤون الحكومة في المناطق المحتلة مطالبة إياه بتعديل السياسات الحالية، بحيث يتم منح تصاريح إقامة المرضى بالتناسب مع طول وطبّيعة الرعاية الطبّيّة اللازمة، وبحيث يكون أمد تصريح مرضى السّرطان والقائمين على رعايتهم ثلاثة شهور. كما تطالب الجمعيّة بعدم جعل التصريح مقتصرا على المكوث في منطقة المستشفى وحدها، بما يتيح حريّة الحركة والتنقل للتفرغ للاحتياجات اليوميّة.
وقد أرفقت الجمعيّة بطلبها تقرير طبي صادر عن الدكتورة رعياة ليبوفيتش، مديرة قسم السّرطان في مستشفى شامير، والمتطوعة في الجمعيّة، وقد ورد في رسالة د. ليبوفيتش: "إنّ الانحراف عن بروتوكول العلاج من شأنه أن يضرّ بنجاعته، وهو أمر لا يُنصح به. إنّ عدم تلقّي العلاج في موعده هو أمر من شأنه أن يتسبب في تطور المرض وتفاقم حالة المريض. لا منطق طبّي في منح المريض تصريحا لمرة واحدة. وهذه الأمور تزداد أهميتها حينما يدور الحديث عن مرض نشط، وفي أهم المراحل العلاجيّة". كما تم إرفاق تقرير طبي آخر بالرسالة، صادرة عن د. كيرن ليفانون، وهي طبّيبة الأورام السّرطانيّة المتطوعة في الجمعيّة، وقد كتبت: "إنّ إصدار تصريح لمدة تبلغ نحو ثلاثة شهور يمنح المريض سلاما نفسيا، واستقرارا وثقة بأنّ بإمكانه تلقّي العلاجات الكيماويّة والخضوع للمتابعة في مواعيدها، على النّحو المحدّد سلفًا".
[email protected]