لا يفكر أحد بأن حروق بسيطة في كفة القدم قد تؤدي بنهاية المطاف إلى الموت..! حتمًا لم يفكر اي من عائلة السيدة التي توجهت للعلاج بعد إصابتها بحروق بكفة قدمها، أن حالتها الصحية ستتدهور تدريجيًا حتى وفاتها..
المرحومة كانت بسنوات الأربعينات من العمر، عندما أصيبت بحروق برجلها نتيجة انسكاب مياه حارّة، مما جعلها تتوجه في اليوم التالي إلى عيادة صندوق المرضى في مكان سكناها، وبعد أن قام الطبيب بفحصها أشار أن الحروق التي أصابتها هي درجة ثانية ووصف لها علاجًا، ولكن لم تتحسن بل طرأ تدهور على حالتها الصحية خلال بضعة أيام مما استدعى نقلها إلى المستشفى حيث مكثت هناك وخضعت لعملية جراحية حيث قام الأطباء بقطع رجلها، الأمر الذي استدعى تقديم المساعدة لها نتيجة عجزها التحرك والتنقل من تلقاء نفسها، وكذلك عدم قدرتها على القيام بأداء واجباتها الروتينية، وبقيت على هذا الحال حتى توفيت.
بعد وفاتها ورثتها بالتوجه للمحامي، سامي ابو وردة، الاختصاصي بقضايا الإهمال الطبي والإضرار الجسدية، الذي قام بتقديم دعوى اهمال طبي وضرب جسدي، في محكمة الصلح بحيفا ضد صندوق المرضى العام- خدمات صحية شاملة.
وجاء في سياق الدعوى أنه ورغم كون المرأة المريضة مصابة بداء السكري المتميز بمضاعفات مختلفة، الا ان الطبيب الذي قام بفحصها لم يعر خلفيتها المرضية اي اهتمام وحتى لم يطلب منها مراجعته من أجل متابعة وضعها الصحي.
وتبين من التفاصيل التي وردت بالدعوة أن المريضة وهي من إحدى بلدات الشمال، قد قامت باستعمال علاج الحروق بغسل القدم المصابة بالماء والصابون حسب توجيهات وتعليمات الطبيب المعالج، ولكن بعد مضي أربعة أيام عادت إلى الطبيب وأخبرته أن وضعها آخذ بالتدهور، فوجهها إلى غرفة الطوارئ في المستشفى مشيرًا في تشخيصه بحالتها بانها تعاني من حرق معدي في كفة رجلها اليمنى. وبعد أن اجتازت الفحوصات بالمستشفى وتبين أن لديها نحر في كفة رجلها ايضًا قرر الأطباء إبقائها للعلاج في المستشفى وحتى انها خضعت لعملية جراحية قطع القدم في وقت لاحق، وتحولت لعاجزة ومن ثم توفيت بعد مرور سنتين على حادث الإصابة بالحرق
وجاء في تقرير طبي أرفق مع الدعوى واعده
آختصاصي أن العلاج الذي تلقته المريضة لم يلائم المعايير الطبية المقبولة، وأن تعامل الطبيب في العيادة عندما جاءته المريضة لأول مرة كان كالتعامل مع اي حالة سهلة لا تحتاج لعلاج خاص سوى علاج موضعي من خلال التعقيم والتضميد. وان الطبي قرر مصير إجراء العلاج لاحقًا وتسبب بحالة "شبيهة بانهيار جليدي".
وجاء في تقرير الاختصاصي ايضًا أن الطبيب لم يوجه المريضة إلى غرفة الطوارئ بالمركز الطبي رمبام الا بعد أن راجعته مرة أخرى حيث تبين أنها تعاني من حروق درجة ثالثة، ولذا فإن تركها لمدة عدة أيام بدون غطاء طبي يعتبر اهمال طبي، وأنه لو قدم لها علاج بالمضادات الحيوية عند قدومها إلى العيادة في المرة الأولى، فلو حدث ذلك لكان هناك احتمال كبير بعدم حدوث مضاعفات تدهورت حتى قطع رجلها ومن ثم وفاتها الذي كان يمكن عدم وقوعه لولا قطع رجلها.
هذا وترك المحامي سامي ابو للمحكمة اتخاذ القرار بمبلغ التعويضات المالية المستحق بورصة المرحومة بهذه القضية.
وأشار المحامي سامي ابو وردة أن هذه الدعوى هي مثال للاهمال الطبي بتقديم العلاج الاولي وتشخيص الحالة من قبل الطبيب الذي فحص المريضة في عيادة صندوق المرضى، ويجب أن تكون منبهًا وتضيء الضوء الأخضر امام كل مريض يتوجه للعلاج ويشعر أن العلاج الذي قدم له الحق به الضرر.
[email protected]