قرر الرئيس التونسي قيس سعيد تجميد كل سلطات مجلس النواب ورفع الحصانة عن كل أعضاء البرلمان وإعفاء رئيس الوزراء هشام المشيشي من منصبه.
كما قرر الرئيس التونسي تولي رئاسة النيابة العمومية للوقوف على كل الملفات والجرائم التي ترتكب في حق تونس، وتولي السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة جديد ويعينه رئيس الجمهورية.
وفي كلمة له عقب اجتماع طارئ مع قيادات أمنية وعسكرية، قال الرئيس التونسي: "لن نسكت على أي شخص يتطاول على الدولة ورموزها ومن يطلق رصاصة واحدة سيطلق عليه الجيش وابلا من الرصاص."
من جانبها، قالت الرئاسة التونسية، عبر موقع (فيسبوك): "إنه بعد استشارة كلّ من رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب، وعملا بالفصل 80 من الدستور، اتخذ رئيس الجمهورية قيس سعيّد، اليوم 25 جويلية (تموز/ يوليو) 2021، القرارات التالية حفظا لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها وضمان السير العادي لدواليب الدولة".
وأضافت أن قرارات الرئيس سعيد، تتضمن: "اعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتجميد عمل واختصاصات المجلس النيابي لمدّة 30 يوما، ورفع الحصانة البرلمانية عن كلّ أعضاء مجلس نواب الشعب، وتولي رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة ويعيّنه رئيس الجمهورية".
وتابعت: "سيصدر في الساعات القادمة أمر يُنظّم هذه التدابير الاستثنائية التي حتّمتها الظروف والتي ستُرفع بزوال أسبابها"، داعيةً "الشعب التونسي إلى الانتباه وعدم الانزلاق وراء دعاة الفوضى".
وكانت قد اندلعت مظاهرات عنيفة يوم الأحد في عدة مدن تونسية، حيث عبر المتظاهرون عن غضبهم من تدهور الوضع الصحي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
تحدى آلاف المتظاهرين القيود المفروضة لكبح تفشي الفيروس وارتفاع درجات الحرارة للاحتجاج في العاصمة تونس ومدن أخرى. ورددت الحشود، التي تألفت غالبيتها من الشباب، شعارات تدعو إلى حل مجلس نواب الشعب وإجراء انتخابات مبكرة.
وأطلقت مجموعة جديدة تسمى حركة 25 يوليو دعوة للاحتجاج في الذكرى 64 لاستقلال تونس.
وانتشرت قوات الأمن، خاصة في تونس العاصمة، حيث أغلقت الشرطة جميع الشوارع المؤدية إلى الشريان الرئيسي للعاصمة، طريق بورقيبة، الذي كان موقعا رئيسيا للثورة التونسية قبل عقد من الزمان.
كما انتشرت الشرطة حول مبنى مجلس نواب الشعب، ومنعت المتظاهرين من الوصول إليه.
واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين رشقوا قوات الأمن بالحجارة، واعتقلت قوات الأمن عدة أشخاص. كما اندلعت اشتباكات في عدة مدن أخرى، ولا سيما في نابل وسوسة والقيروان وصفاقس وتوزر.
كما اقتحم المتظاهرون مكاتب حزب النهضة، وهي الكتلة المهيمنة في البرلمان. وأظهرت مقاطع مسجلة مصورة متداولة على الإنترنت تصاعد الدخان من مقر النهضة. وقام المهاجمون بإتلاف أجهزة الحاسب الالي وغيرها بداخل المقر، وألقوا وثائق وأوراق في الشارع.
وتدفق آلاف التونسيين إلى شوارع العاصمة بعد إعلان الرئيس التونسي، قيس سعيد، إطاحته بالحكومة وتجميد عمل البرلمان، وذلك للإشادة بهذه الخطوة، التي استنكرها منتقدوه ووصفوها بأنها انقلاب.
واحتفل أنصار سعيد بقراره الذي رأوا فيه إسقاطا لحركة "النهضة" الإسلامية، التي تعد أكبر حزب في البرلمان وخصمه السياسي الرئيسي، بالهتافات والزغاريد وإطلاق أبواق السيارات والألعاب النارية.
وأظهر ذلك كيف أنه بعد مرور عشر سنوات على ثورة تونس 2011 التي أدت إلى سقوط نظام الرئيس الراحل، زين العابدين بن علي، لا يزال نشاط الشارع يمثل قوة محتملة ويمكن أن يؤدي إلى مواجهة، بعد أن دعا حزب "النهضة" الناس إلى الاحتجاج ضد قرار الرئيس سعيد.
ومثلت الحشود التي تجمعت في ساعة متأخرة من مساء الأحد خرقا لحظر التجول المفروض بسبب تفشي وباء كورونا، مع تجمعهم في أحياء ومدن في جميع أنحاء تونس، وعلى طول شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي وسط العاصمة.
كذلك وصل سعيد نفسه للقاء أنصاره المبتهجين في نفس الشارع الذي شهد أكبر الاحتجاجات في عام 2011 التي أسقطت نظام بن علي.
ويخشى منتقدو سعيد أن تكون خطوته لإقالة الحكومة وتجميد البرلمان جزءا من تحول عن الديمقراطية والعودة إلى الحكم الاستبدادي الذي عانت منه تونس في الماضي، وهي مخاوف رفضها سعيد في تصريحات علنية بنفيه القيام بانقلاب.
وبينما كانت طائرات هليكوبتر تحلق فوق الحشود المؤيدة لإجراءات الرئيس، صور الناس في الشوارع حزب "النهضة" على أنه سبب فشل تونس على مدى السنوات العشر الماضية في التغلب على الشلل السياسي وتحقيق الازدهار.
وبدأ الخلاف بين الرئيس التونسي قيس سعيد، وقوى سياسية ممثلة في البرلمان وعلى رأسها حركة "النهضة" الإسلامية، منذ عام، بعد قرار الحركة سحب الثقة من حكومة إلياس الفخفاخ في يوليو الماضي.
وقد أجبرت حركة "النهضة" في يونيو الماضي، رئيس الحكومة السابق، إلياس الفخفاخ، على تقديم استقالته بعد قرارها سحب الثقة منه، على خلفية شبهة تضارب مصالح، لا تزال موضوع تحقيق قضائي.
ووفقا للدستور التونسي يعود اختيار رئيس حكومة جديد في هذه الحال إلى رئيس الجمهورية، الذي زكى، هشام المشيشي، الذي كان وزيرا للداخلية، آنذاك لتشكيل حكومة جديدة.
بدأ بعد ذلك صراع على الصلاحيات، واتهم الرئيس التونسي قوى سياسية، في إشارة إلى حركة "النهضة"، وصفها بـ"اللوبيات" بحماية الفاسدين وتعطيل ملفات قضائية.
وقد تسبب الصراع السياسي في البرلمان والمشاحنات التي تحولت في بعض الأحيان إلى تبادل للعنف، في انقسام في الشارع التونسي، الذي بات يطالب جزء منه بحل البرلمان وإسقاط الحكومة.
هذا وشهدت المدن التونسية، أمس الأحد، الذي يصادف اليوم الوطني للاحتفال بالذكرى 64 لعيد الجمهورية، مظاهرات واحتجاجات على تردي الأوضاع الاقتصادية، خاصة في ظل الأزمة الوبائية التي تشهدها البلاد.
ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بحل البرلمان وإسقاط الحكومة، كما تم حرق ومهاجمة عدد من مقار حركة "النهضة"، التي تمثل الأغلبية في البرلمان.
وأدى انفجار الصراع السياسي واحتدام الاختلاف بين رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان ورئاسة الحكومة، الذي انعكس على الشارع التونسي، إلى اتخاذ الرئيس قيس سعيد تدابير استثنائية، منها تجميد عمل البرلمان وحل الحكومة، طبقا للفصل 80 من الدستور التونسي.
الغنوشي يتهم الرئيس التونسي "بالانقلاب على الثورة والدستور"
اتهم رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي الرئيس قيس سعيد "بالانقلاب على الثورة والدستور" وذلك بعدما أعلن يوم الأحد تجميد عمل البرلمان وإقالة الحكومة.
وقال الغنوشي زعيم حزب "النهضة" في اتصال مع وكالة "رويترز": "نحن نعتبر المؤسسات ما زالت قائمة وأنصار النهضة والشعب التونسي سيدافعون عن الثورة".
وكان سعيد أصدر، مساء الأحد، قرارا بإعفاء رئيس الوزراء هشام المشيشي من منصبه.
كما قرر خلال اجتماع طارئ للقيادات العسكرية و الأمنية "تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن النواب"، لافتا إلى أن هذا القرار كان يجب اتخاذه قبل أشهر.
وأضاف الرئيس التونسي أنه قرر أيضا تولي السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة جديد يعينه بنفسه.
وتأتي قرارات الرئيس التونسي على خلفية الاحتجاجات العنيفة التي شهدتها مدن عديدة.
ودعا الغنوشي، فجر اليوم، التونسيين إلى النزول إلى الشوارع لإنهاء ما وصفه بانقلاب، بعد أن جمد سعيد عمل البرلمان وأقال الحكومة. وقال الغنوشي في مقطع مصور بثه حزب النهضة، إن على الناس "النزول إلى الشوارع مثلما حصل في 14 كانون الثاني/يناير 2011 لإعادة الامور إلى نصابها".
[email protected]