يدلي الناخبون الأتراك اليوم بأصواتهم في الانتخابات البلدية، التي تجرى وسط حالة من التوتر، وتعد اختبارا لشعبية حزب العدالة والتنمية، ولرئيس الحكومة رجب طيب أردوغان الذي يواجه حسب البعض "وضعا صعبا" نتيجة احتجاجات في الشارع واتهامات بالفساد.
وتأتي هذه الانتخابات، عقب مظاهرات مناهضة للحكومة في الصيف الماضي، واتهامات فساد تفجرت في ديسمبر/كانون الأول وشهدت تدفقا مستمرا لتسجيلات مسربة على مواقع التواصل الاجتماعي.
ورد رئيس الوزراء بالتنديد طوال الحملة الانتخابية الضارية بـ"مؤامرة" تستهدفه ويقف خلفها بنظره حلفاؤه السابقون من جماعة الداعية الإسلامي فتح الله غولن، داعيا أنصاره إلى تلقينهم "درسا جيدا" في 30 مارس/آذار الحالي.
وألقى أردوغان كلمات في نحو ستين مناسبة في أنحاء البلاد على مدى الأسابيع القليلة الماضية، منددا في آخرها بتسريب وُضع على موقع يوتيوب لتسجيلات لكبار مسؤولي الأمن وهم يبحثون القيام بعمل عسكري محتمل في سوريا، ووصفه بأنه عمل "شرير".
وبدا مستشار رئيس الحكومة التركي طه كنش متيقنا من فوز حزب العدالة والتنمية في هذه الانتخابات البلدية، مشيرا إلى أن الشعب التركي واع ويعرف لأكثر من 12 سنة ما حققه أردوغان من نمو وتنمية في البلاد.
تسريب وضجة
وقد بدأت السلطات التركية البحث عن المسؤولين عن هذا التسريب الذي أثار ضجة لأنه نقل حديثا دار بين كبار مسؤولي الخارجية والأمن في اجتماع أمني حساس بشأن سوريا، مما أثار توترات سياسية في تركيا.
ووصف الرئيس التركي عبد الله غل التسريب بأنه تجسس يهدد أمن الدولة وأنه "وقاحة لم نشهد مثلها من قبل"، وأكد أنهم سيفعلون كل ما يلزم لكشف المسؤولين عن ذلك.
من جهته قال وزير الخارجية أحمد داود أوغلو إن "هذه القرصنة المعلوماتية أثناء اجتماع تناقش فيه عمليات عسكرية لا يمكن اعتباره سوى هجوم عسكري".
وفي التسريب الذي نشر الخميس، يناقش أوغلو ونائبه فريدون شنرلي أوغلو ورئيس الاستخبارات حقان فيدان وضابط رفيع، في اجتماع قالت الصحف التركية إنه تم يوم 13 مارس/آذار الجاري في وزارة الخارجية بأنقرة، سيناريوهات لتنفيذ عملية سرية ترمي إلى تبرير تدخل عسكري تركي في سوريا.
ويسمع في التسريب صوت منسوب إلى فيدان يتحدث فيه عن إرسال أربعة رجال إلى سوريا لإطلاق ثمانية صواريخ على أرض خلاء داخل تركيا. ويضيف "إذا لزم الأمر، يمكن أن نشن هجوما.. هذه ليست مشكلة، يمكن اختراع تبرير لذلك".
وأكدت الحكومة التركية أن الاجتماع كان حقيقيا، لكنها قالت إن جزءا من النص "تم التلاعب به".
وبالإضافة إلى الانتقادات الواسعة للحجب الذي استهدف موقع تويتر الأسبوع الماضي، أثار الإجراء الجديد بحجب يوتيوب انتقادات كثيرة خاصة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وكانت الحكومة التركية قد أمرت الخميس بحجب موقع "يوتيوب" بعد أسبوع على إجراء مماثل ضد موقع تويتر.
استطلاعات وتوقعات
ورغم هذه التطورات تتوقع جميع معاهد استطلاعات الرأي التركية تراجع موقع حزب العدالة والتنمية الذي حصل على ما يقل بقليل عن 50% من الأصوات في الانتخابات التشريعية عام 2011، ولكن دون الوصول إلى سقوطه.
وتتوقع جميع الاستطلاعات التي نشرت في الأسابيع الأخيرة حصول حزب أردوغان من 35% إلى 45% من الأصوات على المستوى الوطني، فرغم الفضائح والخلافات، يبقى أردوغان السياسي الأكثر شعبية في البلاد بفارق كبير عن سواه.
كما تشير التوقعات إلى أن رئيس الحكومة الحالي الذي فاز بكل الانتخابات منذ 2002 سيتصدر هذه المرة أيضا نتائج تصويت، متقدما على حزب الشعب الجمهوري (اجتماعي ديمقراطي) وحزب الحركة الوطنية.
وقال برنت ساسلي الخبير السياسي في جامعة تكساس الأميركية إن "أردوغان رجل سياسي ماهر ولا يزال يمارس ضغطا شديدا على كل المؤسسات التركية"، مضيفا "من الصعب تقدير حجم التراجع الذي سيسجله، لكن الفرص ضئيلة بأن يؤدي إلى ضرب شعبيته".
وأعلن مسؤولو الحزب الحاكم منذ الآن أن أي نتيجة تفوق نسبة 38.8% التي حصلوا عليها في الانتخابات البلدية عام 2009 ستكون بمثابة انتصار.
من جهته أكد أردوغان علنا أنه سينسحب من الحياة السياسية إذا لم يخرج حزب العدالة والتنمية مساء الأحد متصدرا نتائج الانتخابات، مما يعكس ثقة كاملة بنفسه.
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]
[email protected]