يصعب إقناع ممثل بحجم أنتوني هوبكينز بالمشاركة في فيلم خصوصاً إذا كان العمل أولَى خطوات مخرجه في مجال الفن السابع، لكنّ الفرنسي فلوريان زيلر كان متحمساً جداً للفكرة إلى درجة أنه جعل اسم شخصية الرجل في العمل من اسم الممثل الكبير، وتاريخ مولده مطابقاً لتاريخ مولد هوبكينز.
ولم يكن من الأخير إلا أن وافق في نهاية المطاف على أن يؤدي دور الأب أو "ذي فاذر"، وهو عنوان الفيلم المقتبس للسينما من مسرحية ناجحة للمخرج عينه تحمل الاسم نفسه، استحق عنها فلوريان زيلر جائزة "موليير"، أبرز المكافآت الفرنسية في مجال المسرح، في 2014 ومجموعة كبيرة من الجوائز الخارجية.
ويقول المخرج "لقد كتبت هذا السيناريو له. هو الذي أردته (لفيلمي) وهو الذي كنت أحلم به" لتولي الدور، ويضيف "ما لم يأت أحد ويقول إن هذا الأمر غير ممكن، فهذا يعني أنه ممكن".
وإلى الممثل البريطاني، طعّم زيلر فيلمه بممثلة حاصلة كزميلها الثمانيني على جائزة أوسكار هي أوليفيا كولمان، التي تؤدي دور ابنة أنتوني هوبكينز، في هذا الفيلم الذي يغوص في أعماق عالم الخرف ويستكشف مختلف وجوهه.
ويقترب الفيلم أحياناً من لونَي الثريلر والرعب السينمائيين، بما فيهما من إثارة، آخذاً المشاهدين في رحلة مقلقة داخل عقل أنتوني هوبكينز الآخذ في الأفول.
ويصبح أفراد عائلة "الأب" الذي عاني الخَرَف مجهولي الهوية في نظره، لا يستطيع التعرف عليهم، في حين يظهر غرباء على نحو لا يمكن تفسيره في شقته اللندنية، ويرى المشاهد مع الشخصية الشقة نفسها تبدو وكأنها تتحوّل.
ويلاحظ زيلر أن هوبكينز "معروف جداً بالأدوار التي يتحكم فيها بكل شيء"، ويضيف "اعتبرت أن رؤية هذا الشخص نفسه يفقد السيطرة سيكون أمراً قوياً جداً، وكأن المشاهد يتنازل عن كل ما يعرفه عنه، عن وجه القاتل البارد" في "سايلنس أوف ذي لامبس".
عرض الفيلم الأسبوع الفائت في مهرجان تورنتو بعد أن قوبل بإشادات ومدح من النقّاد في مهرجان ساندانس في يناير (كانون الثاني) الفائت، ومن المتوقع أن تنطلق عروضه على الشاشات في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
ويتوقع كثر أن يستحق هوبكينز عن هذا الفيلم ترشيحه السادس لجوائز الأوسكار التي يقام احتفال توزيعها في أبريل (نيسان) المقبل.
ومن جنون العظمة إلى الغضب فاليأس ثم الانهيار العاطفي، يستكشف هوبكينز في الفيلم مروحة واسعة ومدهشة من الانفعالات والعواطف مع تدهور شخصيته.
ويقول زيلر "إنه ملك التلميحات. لقد أعجبت دائماً بطريقة استخدامه الكلمات لإظهار الخطر والقلق".
أما هوبكينز، البالغ الثانية والثمانين، فيشرح أنه غرف من موته هو في هذا الدور الشديد القوة.
ويقول زيلر "أنتوني ممثل غريزي جداً. بطريقة ما، يلجأ إلى غرائزه أكثر من أي شيء آخر، وغالباً جداً كانت اللقطة الأفضل تؤخذ من المرة الأولى"، من دون إعادة. ويروي "للأمر فعل السحر، كنا نبكي جميعاً في موقع التصوير".
واستوحى زيلر "ذي فاذر" من جدته التي كان قريباً جداً منها والتي بدأت تعاني الخرف عندما كان في الخامسة عشرة.
ويقول "مع ما نعرفه اليوم بسبب الفيروس، أجدادنا وآباؤنا وجداتنا معرّضون للخطر، وأعتقد أننا جميعاً قلقون جداً من هشاشة الحياة".
لكنّ فيلمه ليس سوداوياً على الإطلاق، فهوبكينز يضفي على شخصيته في الفيلم طابعاً ذكياً ومرحاً وجذاباً، كما عندما يحاول التقرّب من ممرضته الشابة لورا (إيموجن بوتس).
ولموسيقى أيضاً دور أساسي في "ذي فاذر"، فقد نجح زيلر في إقناع الملحن الإيطالي لودوفيكو ايناودي بتأليف موسيقى الفيلم.
وعندما تحدث هوبكينز عن حبه لأوبرا "صيادو اللؤلؤ" لجورج بيزيه، أدرج زيلر في سيناريو الفيلم بعضاً من هذا الموسيقى، ويقول مبتسماً "حقق حلمه لأنه حقق حلمي".
[email protected]