أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما مساء الخميس تسوية مؤقتة لأوضاع نحو خمسة ملايين مهاجر غير شرعي من أصل 11 مليونا يقيمون في الولايات المتحدة ويهددهم خطر الترحيل.
وقال أوباما في خطاب بالبيت الأبيض إن "ترحيل عدد كبير من المهاجرين سيكون في الوقت نفسه مستحيلا ومنافيا لطبيعتنا" ووعد بنظام للهجرة "أكثر عدالة وإنصافا".
وأضاف أوباما مخاطبا معارضيه "ليس لدي سوى رد واحد: صوِّتوا على قانون" مؤكدا أن قرارته تستند إلى قواعد قانونية صلبة وتندرج في إطار النهج نفسه الذي تبناه جميع أسلافه منذ نصف قرن، سواء كانوا جمهوريين أو ديمقراطيين.
وتابع "إذا كانت المعايير تنطبق عليكم تستطيعون الخروج من الظل لتكونوا منسجمين مع القانون. إذا كنتم مجرمين فسترحلون. إذا أردتم الدخول إلى الولايات المتحدة بشكل غير قانوني فإن احتمالات القبض عليكم وطردكم باتت أكبر".
وخلص أوباما في خطابه الخميس إلى القول "نحن أمة مهاجرين وسنبقى كذلك دائما" وسيتوجه اليوم الجمعة إلى لاس فيغاس بولاية نيفادا (غرب) لشرح مشروعه.
وسارع خصومه الجمهوريون إلى التشكيك في دستورية هذا المشروع، مؤكدين أنهم سيتصدون له داخل الكونغرس أو أمام القضاء.
وقال الرئيس (الجمهوري) لمجلس النواب جون بونر إنه ليس بهذه الطريقة تمارَس الديمقراطية، مشيرا إلى أن الرئيس أوباما سبق أن قال إنه ليس ملكا ولا إمبراطورا، لكنه يتصرف كما لو كان واحدا منهما.
موظفون بأحد مكاتب الهجرة بمدينة دالاس أثناء اجتماع بشأن الإجراءات التي أعلنها أوباما حول الهجرة (أسوشيتد برس)
ترحيب بالتحرك
وفي المقابل، أشاد السناتور الديمقراطي لويس غوتيريز بـ"شجاعة" أوباما حول هذا الملف الدقيق سياسيا، لكنه رأى أن هذه الإجراءات لن تكون بديلا عن إصلاح في العمق يصوّت عليه الكونغرس.
وعلقت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون على موقع تويتر "شكرا للرئيس لأنه اختار التحرك في شأن الهجرة في مواجهة عدم التحرك".
ورحبت جمعية "دريم آكشن" بما اعتبرته "خطوة في الاتجاه الصحيح" لكنها طالبت بالمزيد، وتساءلت "ماذا سيكون مستقبل ملايين المهاجرين غير الشرعيين الذين لا تنطبق عليه المعايير؟".
وأظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة "إن بي سي" وصحيفة "وول ستريت جورنال" أن 48% من الأميركيين لا يوافقون على مشروع الرئيس مقابل 38% يؤيدونه.
واعتبارا من الربيع المقبل، فإن أي مهاجر غير شرعي يقيم بالولايات المتحدة منذ أكثر من خمسة أعوام، وله طفل أميركي أو يحمل إذن إقامة دائمة، يمكنه طلب الحصول على تصريح بالعمل مدته ثلاثة أعوام. وشدد أوباما على أن هذا الأمر "ليس ضمانا للحصول على الجنسية ولا حقا في البقاء هنا بشكل دائم".
غير أن العاصفة السياسية التي أثارها إعلان أوباما تنبئ بعلاقات صعبة بين الكونغرس والبيت الأبيض الأشهر المقبلة، وخصوصا مع تبدل المعطى السياسي في واشنطن بعد الفوز الكبير للجمهوريين بانتخابات منتصف الولاية في الرابع من الشهر الجاري.
ورأى السناتور (عن كنتاكي) ميتش ماكونيل -الذي سيصبح في يناير/كانون الثاني المقبل الرجل القوي في مجلس الشيوخ- أن خطوة أوباما تعكس ببساطة "رفضا لأصوات الناخبين".
ورغم أن الجمهوريين الذين باتوا يتمتعون بغالبية في مجلسي النواب والشيوخ غير قادرين على عرقلة مرسوم رئاسي، فإن لديهم أسلحة عدة يواجهون بها أوباما.
وفي هذا السياق، يدعو بعض النواب -مثل السناتور (عن تكساس) تيد كروز المعارض الشرس لأوباما والمرشح المحتمل لخلافته- إلى وقف المصادقة على تعيين السفراء والقضاة والمسؤولين في الإدارة الذين يختارهم الرئيس، ما يعطل عمل الإدارة.
لكن اقتراح كروز القريب من "حزب الشاي" لا يحظى بإجماع. ومع اقتراب موعد الانتخابات التمهيدية للمعركة الرئاسية عام 2016، يحتدم النقاش داخل هذا الحزب الذي يسعى إلى اجتذاب قسم من الناخبين من أصول إسبانية الذين حصل أوباما على تأييد أكثر من 70% منهم.
وكان البيت الأبيض أعلن تخفيفا لشروط الإفادة من برنامج "داكا" الذي أطلق عام 2012 ويمنح إذن إقامة مؤقتة للقاصرين الذي وصلوا الأراضي الأميركية قبل بلوغهم سن الـ16. واستفاد نحو ستمائة ألف شخص حتى الآن من هذا البرنامج.
ومنذ قيام الرئيس الراحل رونالد ريغان بتسوية أوضاع عدد كبير من المهاجرين عام 1986، باءت كل محاولات إصلاح نظام الهجرة بالفشل. وفي بداية 2013 بدا التوصل إلى تسوية ممكنا بعد صياغة مشروع قانون بمجلس الشيوخ من جانب نواب يمثلون الحزبين. لكن المناقشات داخل الكونغرس سرعان ما توقفت.
[email protected]