يأتي لقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مع رئيس المجلس السيادي السوداني، عبد الفتاح البرهان، بداية الأسبوع الحالي، بنظر الإسرائيليين، لخدمة مصالح نتنياهو بالأساس، لكنه يصب أيضا في خدمة العلاقات بين إسرائيل ودول في الخليج، في مقدمتها السعودية.
وكتب المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، اليوم الجمعة، أن لقاء نتنياهو مع البرهان هو "إنجاز سياسي كبير، غايته الأولى خدمة هدف سياسي – حزبي لنتنياهو، بتحصين صورته كسياسي أعلى، عشية الانتخابات الثالثة (للكنيست). وبالإمكان التوقع أنه في مكتب رئيس الحكومة يعملون على تنسيق لقاءات مشابهة، ربما مع مندوبين من دول الخليج، قبل الانتخابات في 2 آذار/مارس المقبل".
وأضاف هرئيل أن "غاية هذه الخطوات أيضا هي طمس خيبة الأمل في اليمين، بعدما تبخرت وعود نتنياهو ومستشاريه بضم سريع للمستوطنات"، إثر كشف نتنياهو والرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تفاصيل "صفقة القرن"، ووضع صهر ومستشار ترامب، جاريد كوشنر، فيتو على تنفيذ ضم قبل انتخابات الكنيست. "وموقف كوشنر، الذي على ما يبدو يحظى بدعم صامت من الرئيس، أوضح حالة خطة السلام كلها. وفي هذه الأثناء أخذت تتكشف عيوبها، بنظر اليمين وكذلك اليسار الإسرائيلي".
واعتبر هرئيل أن هذا "لا ينبغي التقليل من أهمية اللقاء مع حاكم السودان. فنتنياهو يعمل بشكل مثابر من أجل توسيع علاقات إسرائيل، وغالبيتها سرية وبعضها معلن، مع دول عربية وإسلامية، رغم الجمود المطلق، الذي أسهم هو نفسه إسهام كبيرا فيه، في قناة المفاوضات الفلسطينية. وقد رصد رئيس الحكومة في مرحلة مبكرة تكتل المصالح بين إسرائيل والأنظمة السُنية، على خلفية التهديد المضاعف من جهتين – من الحلف الشيعي برئاسة إيران ومن التنظيمات السنية – الجهادية مثل القاعدة وداعش".
وحسب هرئيل، فإنه "بإمكان السودان الحصول على أمور عديدة من إسرائيل، من خلال تحسين العلاقات. بينها مساعدات تكنولوجية وعلمية، مساعدات استخبارية، التي لا يتم الحديث عنها في العلن ولكن يتم بحثها بين الجانبين بالتأكيد، وبالأساس الوصول إلى البيت الأبيض. ويعون في السودان، كما في دول أخرى في المنطقة، جيدا عمق العلاقات بين نتنياهو الإدارة الحالية في واشنطن".
وأشار هرئيل إلى العلاقات السابقة بين السودان وإسرائيل، ومصلحة إسرائيل في التطورات الحاصلة الآن. "التقرب من الأميركيين ينبغي أن تكون خطوة مكملة للتغيير الحاصل في موقف السودان منذ عدة سنوات. فقبل عشر سنوات تقريبا، كانت الخرطوم موجودة عميقا في جيب إيران. وكانت إيران تحول إليها أموالا وتحصل في المقابل على مساعدة بالغة القيمة لصناعة الأسلحة والتهريبات الإيرانية".
وفي الأعوام 2009 – 2012 شنت إسرائيل هجمات ضد سفن وسيارات في السودان بادعاء أنها كانت تنقل أسلحة، كما هاجمت منشأة سودانية بادعاء أنها مصنع أسلحة. "قسم من الهجمات تمت من الجو، وفي حالة أخرى جرى الحديث عن غزة للكوماندوز البحري (الإسرائيلي)".
وأضاف هرئيل أنه "السودان شكّلت بالنسبة لإيران ممر تهريب مركزي إلى هدفين: نقل أسلحة إلى قطاع غزة عبر أراضيها، ومن هناك إلى مصر وسيناء، تهريبات باتجاه الغرب لاستخدام البوليساريو، الذي يحارب ضد المغرب".
وأشار هرئيل إلى ضغوط دول الخليج على السودان كي تنتقل إلى جانبهم، "وحل المال السعودي مكان المال الإيراني. والسودان تبرعت بكتائب من الحفاة، جنودا شبان، الذين استخدمتهم السعودية كلحم مدافع في الحرب الأهلية في اليمن. وهذه هي الخلفية التي سمحت في نهاية الأمر بالتقارب الإسرائيلي – السوداني وبلقاء نتنياهو مع البرهان في عينتيبة، بداية الأسبوع الحالي".
[email protected]