رغم الاحوال الجوية المتقلبة وهطول الامطار, نظمت رابطة الاكاديميين – عيلبون, سلسلة فعاليات لإحياء ذكرى النكبة ابتداء" بمسيرة صامتة اولى عند الساعة الرابعة والنصف من بعد ظهر يوم السبت وصولا الى المقبرة في الحي الشرقي حيث وضع هناك إكليل من الزهور على ضريح شهداء عشيرة المواسي.
وفي الساعة الخامسة وعلى ضوء المشاعل, سار العشرات من أبناء البلدة في مسيرة صامتة أخرى من امام قاعة العودة مرورا بساحة الشهداء في نفس المكان الذي نفّذت فيه المجزرة عام 1948, وصولا الى النصب التذكاري أمام المقبرة المسيحية. هناك وضعت أكاليل الزهور والقيت الصلوات وافترق ابناء عيلبون حاملين معهم ألم الماضي ووجع الحاضر من ذكرى شهداء ابرار قٌتلوا بدم بارد.
وفي فعالية تؤكد على تعميق وترسيخ وعي النكبة في الذاكرة, غصت قاعة العودة في عيلبون مساء اليوم، بحشد كبير من متذوقي الفن الذين حضروا لمشاهدة العمل المسرحي الراقي الهادف "ساغ سليم" للفنان المتألق سليم ضو ابن قرية البعنة، والذي دعت اليه رابطة الاكاديميين .
نجاح باهر حققه العرض و استحوذ على إعجاب المتواجدين, رضاهم ورغبتهم في المزيد من المقاطع الساخرة المبكية, المؤلمة والمصورة لواقع ماضينا وحياتنا, والموقظة من سبات الحياة بسهام الواقع الآيل للتدهور.
كما وشهد العرض المتميز تفاعلا رائعا في صفوف الحضور ورافقها التصفيق الحار خلال العرض، كما ولاقى العرض تذوقا جميلا للمضمون والأداء المسرحي الإبداعي للفنان الكبير سليم ضو برفقة ألحان الفنان خضر شاما. ويشار الى أن العمل المسرحي "ساغ سليم"هو عمل مسرحي مونودرامي، يروي حكاية كل فلسطيني على هذه الأرض، على أمل الأمنية بأن يكون حالنا "ساغ سليم".
وما زال الجرح ينزف ...
في حديث مع السيد رامي عيلبوني – عضو فعّال في رابطة الاكاديميين أكّد على أهمية احياء هذه الذكرى سنويا من اجل تعزيز الوعي والانتماء للأجيال القادمة ، توحيد ابناء البلد بعيدا عن الفروقات الدينية والسياسية.
نبذة عن المسرحية:
عرض "ساغ سليم" هو كشفُ حسابٍ شخصيٍّ لحالة جماعية. إنها السّيرة الذاتية التي تروي قصة فرد واحد لكنها تحتضن عشرات القصص والأحداث. هكذا الفلسطينيّ، يحمل اسمه واسم كلّ من شاركه قصته؛ أسماؤنا علاماتُ طريق في الدّرب المؤدِّية إلى الماضي والمستقبل. عند هذه العلامات يمرّ سليم ضو راسمًا ماضيه/ماضينا بنجاح مضحك/ مؤلم، ومحاولا استشراف المستقبل بأقلّ قدر من التوفيق، كما يليق بأيّ فلسطينيّ. فسليم –مثلنا- لا يعرف ما تخبّئه الساعة القادمة له، فكيف إذا كان يُعلن أمام الجمهور في مطلع العرض أنه مهاجر؟
يتحرّك سليم في هذا العرض بحرية بين الستاند أب والمونودراما والملحمية والكوميديا. خليط غريب يرفض الخضوع لتعريف محدّدٍ لأنّ لديه الكثير ليقوله. يتنقل بخفّة بين قصص الماضي المضحكة وبين تفاصيل "وفاته" وهو طفل، فيبكي ويُبكي. يتأرجح بين المرارة والحلاوة، بين المضيّ إلى أبعد ما يمكن على الصّعيد المهنيّ وبين العودة (الحتمية) إلى هدأة البال في البعنة. إنها هدأة البال اللعينة، المُشتهاة، العصيّة، تلك التي نفتقدها، نتحايل عليها، نتوهّم أنها في شُربة سيجارة أو "قعدة" مع الأصدقاء. البالُ ليس هادئًا، إنه متوعّك وهشٌّ وحائرٌ، ويُبدع سليم حين يصوغ هذا البال المُتعب بنصٍّ صادق وديناميكي ورشيق، لا يخلو من خفة الكائن المسرحي لكنه مُعتّق بثِقل الكائن الفلسطينيّ.
هذا عرضٌ شُجاع لأنّ خيارات سليم صادقة وشفافة. لا يختبئ وراء الحكاية المسرحية كي يهربَ من حكايته، بل على العكس؛ يُغربل تفاصيل حياته غير آبهٍ بالمُفترض من نجم مثله. إنه يقف أمام المرآة عاريًا إلا من تجربته الغنية ورغبته في أن يقول لنا "جوز كلام". يقول ويضحك، يقول ويبكي، يقول ويغضب، يقول ويفرح. يُراوح بين النوستالجيا والتمني، لكنه لا يستحضر لُزُوجة الاثنين بل يُطوّعهما ليكونا مادة جذّابة للخشبة. يستثني كلّ ما يمكن أن يشير إلى إنجازاته.
[email protected]